ميقاتي يسدّد… عون يصدّ

صلاح تقي الدين

من يتابع أخبار الرياضة وكرة القدم العالمية تحديداً، لا بد أنه وقع على أسماء مثل رونالدو وميسي وليفاندوفسكي وبينزيما ونيمار، وهؤلاء من أهم المهاجمين وأشهرهم في تاريخ الكرة حالياً، كما لا بد أنه سمع بأسماء مثل دي خيا ونوير وأديسون وشمايكل وهؤلاء هم من أشهر حراس المرمى في العالم حالياً.

ويتبارى المهاجمون على من هو الأفضل والأقدر على تسجيل الأهداف في مرمى الحراس، في حين أن الحراس يتبارون في ما بينهم ليحصلوا على لقب أفضل حارس في صدّ كرات المهاجمين ومنعهم من تسجيل الأهداف في مرماهم.

وفي لبنان، شهدنا تباري النواب خلال الاستشارات النيابية الملزمة منها وغير الملزمة في محاولة فرض قواعدهم على اللعبة البرلمانية، لكنهم افتقدوا إلى المهاجم الفذّ الذي يحسن تسديد الكرات على مرمى رئيس الجمهورية ثم على رئيس الحكومة المكلّف الذي تمكّن، وهو المشهود له بحسن تدوير الزوايا، من إحباط كل محاولات حشره.

لكن الرئيس نجيب ميقاتي تحوّل بنفسه بعد انتهاء الاستشارات إلى لاعب مهاجم فتحيّن الفرصة المناسبة والتي كانت أقرب من المتوقع، فسدّد الكرة إلى مرمى قصر بعبدا الذي يتولى الرئيس ميشال عون حراسة مرماه، فقدّم أمس مسودة تشكيلة حكومية نشرت تقارير إعلامية تفاصيلها وارتكزت على تعديلات أدخلها على بعض أسماء الوزراء والحقائب الوزارية، فشكّلت مفاجأة من حيث التوقيت ما يشي بأنها كانت جاهزة وحاضرة لتقديمها منذ أن أفضت الاستشارات النيابية الملزمة إلى تكليفه بـ 54 صوتاً لتأليف الحكومة العتيدة.

غير أن عون، وهذا هو المرجح، سيصّد كرة ميقاتي ويعيدها رافضاً التشكيلة المقدمة إليه بحجة إعادة درسها، لكن في الحقيقة سيفعل ذلك لأنها لا تراعي أو تلبي طموحات صهره الميمون جبران باسيل. وعلى هذا المنوال سيستمر ميقاتي في تعديل تركيبته الحكومية ويسدّدها مجدداً إلى مرمى عون الذي سيظلّ يصدّها متمسّكاً بالشروط التعجيزية التي تعزّز من وضعية صهره، وذلك سيستمر على الأرجح طيلة الفترة المتبقية من العهد القوي.

وتكشف مصادر معنية مباشرة بالوضع الحكومي أن عون وصهره لا يريدان تشكيل حكومة جديدة لا تزيد ولايتها عن أربعة أشهر على اعتبار أنهما يملكان من خلال حكومة تصريف الأعمال الحالية غالبية الصوت المسيحي ولا يرغبان في تقاسم هذه الغالبية مع فرقاء وصلوا حديثاً إلى مجلس النواب سواء التغييريون منهم أو المستقلون وبالتأكيد ليس مع “القوات اللبنانية” التي حققت رقماً مسيحياً أعلى مما حصل عليه “التيار الوطني الحر”.

غير أن هذه المصادر تكشف أيضاً لموقع “لبنان الكبير”، أن مقابل محاولات عون وصهره تعطيل تشكيل الحكومة، مورست ضغوط خارجية على المسؤولين اللبنانيين كافة بأنه في حال لم تشكّل حكومة جديدة قبل نهاية شهر آب المقبل، فمن الضروري والملح إجراء الانتخابات الرئاسية ضمن المهلة الدستورية المحددة أي قبل شهرين على نهاية العهد الحالي.

ومهما حاول ميقاتي تسديد كراته في مرمى عون وباسيل بغية تسجيل هدف في مرماهما، الا أن رئيس الجمهورية سيظل يصدّ الكرة لأن بقاء الحكومة الحالية وهي تصرّف الأعمال حتى نهاية عهده أضمن له وأهون الشرور بالنسبة الى باسيل تحديداً، لأنه لن يتمكن بوجود ميقاتي من الحصول في حكومة جديدة على الامتيازات التي يملكها في الحكومة الحالية.

سيظلّ ميقاتي يسدّد الكرات وعون سيستمر في التصدّي لها فيما الجمهور اللبناني العريض سيظل يعاني من تردّي الأوضاع المعيشية والصحية والنقدية آملاً أن تنتهي المباراة في 31 تشرين الأول المقبل مع تغيّر حارس المرمى في بعبدا.

شارك المقال