حين يلعب الصهر ويصفّق العم ويتفرّج الحزب

رواند بو ضرغم

يلوّح رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بسحب وزرائه من حكومة تصريف الأعمال، في محاولة لحشر الرئيس نجيب ميقاتي في نزع الميثاقية عنها، على الرغم من أنه لا يحتكر التمثيل المسيحي في حكومة ميقاتي. قرار اذا ما نفذه باسيل، لا يدل سوى على رعونة سياسية وعدم اطلاع على تاريخ عمه الحافل بتخطي الميثاقية. فبالاضافة الى أنه معروف في آخر العهود تضعف الرئاسات وتتشتت الأزلام، ومن غير المضمون التزام وزرائه بقراره، غير أن باسيل لو تصفح التاريخ العوني، وعاد الى حكومة عمه العسكرية عام 1988 لتبيّن له أن عون ترأس حكومة استقال منها الوزراء المسلمون الثلاثة، واستمرت بثلاثة وزراء مسيحيين، محمّلين بحقائب زملائهم المستقيلين بالوكالة. لم يأبه عون للميثاقية يومذاك، فلماذا يهاب اليوم ميقاتي تهديدات التيار، وخصوصاً أن في الحكومة مسيحيين غير عونيين ولكل وزير أصيل وزير بالوكالة؟

كلها مناورات سياسية يلعبها باسيل، ويسانده عمه وحاشية بعبدا في افتعال السجالات الدستورية. وتقول مصادر بعبدا لموقع “لبنان الكبير” إن هذا السجال مشروع طالما دخلنا في ربع الساعة الأخير من ولاية هذا العهد، وسيتفاعل السجال كلما تأخر تأليف الحكومة أكثر، وتحديداً حول من يتولى وكالةً صلاحيات رئيس الجمهورية خلال الفراغ الرئاسي.

تسأل مصادر بعبدا هل نحن اليوم أمام حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية لتتولى صلاحيات رئيس الجمهورية؟ ومن يقل إن عمر الحكومة المفترض تأليفها لن يتخطى الشهرين فهو مخطئ ولا يفقه في الدستور، لأن هذه الحكومة ستبقى الى حين تأليف حكومة جديدة من قبل رئيس الجمهورية العتيد والرئيس المكلف ونيلها الثقة… وهذا ما يتطلب شهوراً وليس شهرين.

مصادر الرئيس المكلف تقول لـ”لبنان الكبير” إن الفريق الرئاسي يتسلى بالخلافات المفتعلة الجديدة وبالاجتهادات الدستورية، الا أن الدستور واضح، وصلاحيات حكومة تصريف الأعمال كذلك قبل انتهاء العهد وبعده. أما الهدف الباسيلي من كل هذه السجالات التي لا أساس لها من الصحة، فلا يُفهم منها الا التمهيد لبقاء رئيس الجمهورية في قصر بعبدا ولو بطريقة غير شرعية، أو الوصول الى حلم باسيل بتحقيق التعيينات قبل نهاية ولاية عمه لتقوية أوراقه السياسية قبل مغادرته القصر. وفي الحالة الأولى تسأل المصادر هل يغطي “حزب الله” بقاء عون في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته؟ أما في الحالة الثانية فميقاتي لن يكون سبباً في تقوية نفوذ باسيل بعدما ضعف وتلاشى.

الطموح الرئاسي لدى باسيل دمّر العهد، ولا يزال يدمّر حلفاءه، فهو يعتبر نفسه صاحب الحق في رئاسة الجمهورية، ولا يرى في رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مرشحاً منطقياً، ولن يقدم له التنازلات. فمن يعرف جيداً باسيل، يعرف أنه لا يقدم شيئاً من غير مقابل. ومن يعرف فرنجية يعلم أنه يحترم التوازنات ولا يدخل في بازار تحاصصي على شاكلة اتفاق معراب، لذلك لا إمكان للتوافق بين فرنجية وباسيل، و”حزب الله” لن يحرّك ساكناً رئاسياً سيكلفه خسارة أحد حليفيه.

وفي حال تمرّد عون وبقي في قصر بعبدا، هل ستقطع في ذهن أحد أن “حزب الله” سيتوجه الى القصر لإخراجه منه عنوة؟ بالطبع لا، فمن لا يستطيع أن يمون على جبران باسيل في تسمية ميقاتي لتأليف الحكومة، ومن لا يستطيع أن يمون على جبران باسيل لتهدئة الجبهات السياسية في وجه حليفه الرئيس نبيه بري، لن يمون على رئيس جمهورية اعتاد على المكوث في قصر بعبدا بطريقة غير شرعية في ثمانينيات القرن الماضي، وقابلة للتكرار في عامنا الحالي…

شارك المقال