هل يتكرر سيناريو انتخاب فرنجية رئيساً بالنصف زائداً واحداً؟

عاصم عبد الرحمن

في 17 آب 1970 انتخب الرئيس الراحل سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية بأكثرية 50 صوتاً مقابل 49 صوتاً للرئيس الراحل إلياس سركيس حيث كان المجلس النيابي مؤلفاً من 99 نائباً. اليوم وعلى أبواب الاستحقاق الرئاسي تُطرح سيناريوهات عدة لجلسات الإنتخاب ومواعيدها الدستورية وتتأرجح بورصة الأسماء المرشحة منها سليمان فرنجية، فهل يعيد البيك الحفيد سيناريو انتخاب جده رئيساً للجمهورية بالنصف زائداً واحداً؟

يوم أسدلت الستارة على الانتخابات النيابية في 15 أيار 2022، اعتقد البعض أن “حزب الله” قد خسر الأكثرية النيابية، فإذا به يحوز ليس على منصب رئاسة المجلس النيابي وحسب، بل نائبه أيضاً بأكثرية النصف زائداً واحداً ومن صلب قوى 8 آذار. إنتصارٌ إنما فتح باب النقاش على مصراعيه حول إمكان انتخاب رئيس للجمهورية بأكثرية 65 صوتاً على اعتبار أن القوى المناوئة للحزب ستحضر جلسات انتخاب الرئيس وتؤمن النصاب الدستوري للجلسة لاعتبارات ديموقراطية بشكل أساس خاصة وأنها فشلت في تكليف رئيس تغييري للحكومة أقله لأنها لم تتوحد أمام كتلة “حزب الله” وحلفائه المتراصة.

وإذا كانت أسهم جبران باسيل الرئاسية قد سقطت في ميدان 17 تشرين فإن عين الحزب لا شك شاخصة على مرشحه المؤجل (منذ التزامه الوعد الرئاسي للجنرال ميشال عون) سليمان فرنجية الذي يكاد يكون المرشح الأوحد لدى قوى 8 آذار على اعتبار أن كلمة الفصل الرئاسية تصدر عادة من السيد حسن نصر الله.

بناءً على نتائج الانتخابات المجلسية إذاً، يدور نقاش حول انتخاب البيك الزغرتاوي رئيساً للجمهورية بأكثرية النصف زائداً واحداً، موقعةٌ دستورية إنما تعيد إلى الأذهان انتخاب جده رئيساً بالنصف زائداً واحداً. هنا سؤالان يطرحان نفسيهما: هل يقبل سليمان فرنجية بتكرار سيناريو جده غير الوفاقي؟ وهل يتحمل “حزب الله” تبعات سيناريو قد يعتبر تحدياً للقوى الغربية والعربية والمحلية؟

في 30 أيلول 2007 قال سليمان فرنجية في حديث تلفزيوني: “الفراغ الرئاسي أقلّ كلفة من الإنتخابات الرئاسية بالنصف زائداً واحداً”، مضيفاً أنه إذا ما خُيّر بين الفراغ في سدّة الرئاسة أو الانتخاب بالنصف زائداً واحداً فإنه يختار الإحتمال الأول الأقلّ كلفة على لبنان، إذ لا بدّ من أن يؤدّي إلى تسوية ما، على الرغم مما قد يسبّبه من اضطراب وإحباط في البلد، لأن الاحتمال الثاني يعني مشكلة ستدوم ست سنوات مع ما ستسبّبه من تداعيات: مقاطعة، فحكومتان، فرئيسان… لكن الأهم هو الوفاق. واعتبر أن “الرئيس الذي قد ينتخب بالنصف زائداً واحداً لن يحكم لبنان، حتى لو كان كل العالم معه”.

ربما كان اندلاع الحرب الأهلية في عهد جده الرئيس الراحل سليمان فرنجية عام 1975 هو ما يدور في خاطره على اعتبار أن الرئيس اللبناني أياً كانت هويته لا بد له أن يجول العالم انسجاماً وتواصلاً، والمحاور السياسية تقاطعاً واتصالاً كي يتمكن من إنجاح عهده الرئاسي، ثم أنه لن يضع نفسه في موقع معاداة نصف الشعب اللبناني ليكون رئيساً ممدِداً لا بل مفاقماً للأزمة اللبنانية عوض فتحه نوافذ الحلول الموعودة، فهل لا يزال فرنجية الحفيد عند قناعته السياسية؟

وعن تحمل “حزب الله” لتبعات سيره في سيناريو انتخاب رئيس للجمهورية بالنصف زائداً واحداً من صلب الخط الإيراني – السوري المناوئ للقوى الغربية والعربية والخليجية على وجه الخصوص بحيث يؤمل أن تسهم الأموال السعودية في وضع لبنان على سكة التعافي الإقتصادي، فهناك احتمال ألا يسير “حزب الله” بسيناريو النصف زائداً واحداً للأسباب التالية:

– تفاقم الأزمة المالية إلى الحد الذي لا يمكن العودة بلبنان منه.

– الإحتقان الشعبي الذي سيتزايد نتيجة الإنهيار الشامل المتوقع حصوله.

– الإنقسام السياسي العمودي والذي قد يؤدي إلى الإنفصام والإنفصال بين مكونات المجموعتين السياسية والشعبية.

– التغير الإقليمي الحاصل بين التقارب والتباعد على وقع إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.

– تطور الأحداث السياسية الإقليمية والدولية إلى الحد الذي قد يضع سلاح الحزب على طاولة النقاش الدولي نتيجة ضغوط محلية.

إذا كان آل فرنجية يتفاخرون بانتمائهم الى الخط العروبي من الأجداد إلى الأحفاد وإنشاء الصداقات مع ملوك السعودية ورؤساء مصر وسوريا، فلا شك أن سليمان فرنجية لن يرتضي الجلوس على كرسي بعبدا متحدياً جزءاً من اللبنانيين والعرب والعالم أكان طمعاً بالكرسي أم إرضاءً لـ”حزب الله” أم انسجاماً مع انتصار المحور الممانع. فأي طريق سياسي رئاسي سيسلكه الحفيد؟

شارك المقال