“الاعتدال الوطني” تريد رئيساً حكماً… وقائداً لورشة اصلاحية

هيام طوق
هيام طوق

على ايقاع الأزمات المعيشية والحياتية، يمضي اللبنانيون أياماً مرة وصعبة وخانقة لتأتي التعقيدات السياسية وتزيد الطين بلة، وما يحصل على صعيد ملف تشكيل الحكومة يدل على طريقة أداء المسؤولين في الدولة بحيث يجرون حسابات دقيقة لمصالحهم الخاصة وللربح والخسارة، متناسين المصلحة الوطنية العامة، وهموم الناس الذين يحترقون بنار الأزمات ما يجعل من التأليف مسألة صعبة لا بل تتطلب ولادة الحكومة معجزة إلا اذا طرأ طارئ على هذا الصعيد.

وبما أن مختلف القوى السياسية باتت مقتنعة بأن لا حكومة جديدة في العهد الحالي، انصرفت الى الاهتمام بملف الاستحقاق الرئاسي إن كان لناحية التواصل واللقاءات والتنسيق لوضع مواصفات الرئيس المقبل في المرحلة الدقيقة والظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد أو لناحية طرح عدد من الأسماء وجوجلتها للتوافق على شخصية لترشيحها خصوصاً أن الفترة التي تفصل عن المهلة الدستورية لانتخاب رئيس باتت قصيرة جداً.

وإذا كان كثيرون يعتبرون أن انتخاب رئيس جمهورية في لبنان يتأثر تاريخياً بالمعطيات والتطورات الاقليمية والدولية، وهم ينتظرون نتائج جولة الرئيس الأميركي جو بايدن في المنطقة، والقمة الروسية – التركية – الايرانية التي ستعقد في طهران بداية الأسبوع المقبل، فإن عدداً كبيراً من الكتل والنواب يأمل أن يكون الرئيس المقبل صناعة لبنانية أولاً، وعدم السماح للتدخلات الخارجية بسبب الخلافات الداخلية، والتوافق على اسم لانتخابه في المهلة الدستورية وعدم الوقوع في الفراغ لأن البلد لا يحتمل ذلك، ولا يمكن لأي طرف أن يتحمل مسؤولية التعطيل على الرغم من اعتراف عدد كبير من السياسيين والمحللين والمراقبين بأن احتمال الفراغ الرئاسي يوازي احتمال انتخاب رئيس جديد، والأمور تبقى رهن التطورات حتى اللحظة الأخيرة.

وبعيداً عن الأسماء المتداولة والتحليلات التي تتغير وفق المعطيات، لا بد من الاضاءة على ملف رئاسة الجمهورية من منظار الأطراف كافة لناحية مواصفات الرئيس المقبل، وخلفياته ومؤهلاته، وما هي الخطوات المطلوب القيام بها أو الأولويات على الساحتين الداخلية والخارجية؟ وهل الذهاب نحو التسوية في المنطقة سيؤدي الى انتخاب رئيس وسطي، وفي حال التصعيد سيكون هناك رئيس تحد واستفزازي؟ وهل نتائج زيارة بايدن الى المنطقة تحدد هوية الرئيس الجديد؟

المواقف اليوم لكتلة “الاعتدال الوطني” التي شدد نوابها على أهمية اجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده لأن البلد لم يعد يحتمل أي فراغ، ومواصفات الرئيس هي الأساس وليس اسمه لأن المرحلة تحتاج الى شخصية قادرة على قيادة ورشة اصلاحية على المستويات كافة واعادة التوازن الى العلاقات الداخلية، وتحسين العلاقات مع الدول العربية والخليج العربي.

أمل النائب أحمد الخير “أن ينتخب رئيس جمهورية جديد في الموعد الدستوري لأن البلد لا يحتمل الدخول في الفراغ”، متمنياً “أن تتجه التطورات في المرحلة المقبلة نحو الايجابية لأن المواطن اللبناني يريد أن يرى رئيساً يقود الوطن الى بر الأمان بعد أن عاش أسوأ أزماته”. ولفت الى أن “الأولوية الآن لتشكيل حكومة منسجمة بصورة سريعة”.

وشدد على أن “مواصفات الرئيس المقبل هي الأساس وليس اسمه خصوصاً في هذه المرحلة الصعبة وفي ظل الانقسام الحاد بين المكونات السياسية والخطر على الكيان اللبناني والانهيارات على المستويات كافة. رئيس يلعب دور الحكم ولا يكون طرفاً مع جهة ضد أخرى، ويلتزم بتطبيق الدستور، ويتمتع بالقدرة على قيادة ورشة اصلاحية عامة تعيد الاعتبار الى الدولة ومؤسساتها وأجهزتها لأن الدولة انهارت جراء أمرين: قرار السلم والحرب الذي يجب أن يكون محصوراً بيد الدولة فقط، والتحاصص والفساد”، معتبراً أن “البلد اليوم بحاجة الى رئيس قادر على التواصل مع كل المكونات وليس محسوباً على فريق ضد آخر. رئيس يتواصل مع الجميع لأن هناك مشكلات كثيرة تتطلب المعالجة، والمعالجة تتطلب التواصل مع كل الأطراف، وأن يكون على علاقة جيدة مع محيطنا العربي”.

ورأى أن “كل الملفات في لبنان، في ظل الانهيارات والأزمات التي نعيشها، باتت أولويات، لذلك على الرئيس المقبل القيام بورشة اصلاحية على المستويات كافة”، مشيراً الى أنه “بمعزل عن التأثير الخارجي، اذا لم يصل الى القصر الجمهوري رئيس بالمواصفات التي تحدثنا عنها، فلن يقوم البلد الذي بات قاب قوسين من الانفجار الاجتماعي”.

أما النائب وليد البعريني، فأعرب عن اعتقاده أن “المعطيات الحالية تشير الى أن هناك فراغاً على مستوى رئاسة الجمهورية في المرحلة المقبلة اذ لا مؤشرات ايجابية تدل على أن رئيس الجمهورية سينتخب في موعده الدستوري”، مؤكداً أن “أهم مواصفات رئيس الجمهورية أن يكون وطنياً ومنفتحاً وعلى مسافة واحدة من كل اللبنانيين ويقيم علاقات جيدة مع الدول الغربية والعربية، ويتعالى عن الصغائر والتعصب الطائفي والمحاصصة والمصالح الشخصية كي يعطي أملاً للبنانيين بمستقبل أفضل”.

وقال: “على الرئيس فور انتخابه البدء بورشة اقتصادية شاملة لتحسين ظروف العيش لأن الناس لم تعد قادرة على الاستمرار بالظروف الحالية نفسها، كما وتحسين العلاقات مع الدول العربية والانفتاح على الدول الغربية”. ولفت الى “أننا في زمن العولمة، والتطورات في أي بلد تنعكس سلباً أو ايجاباً على كل الدول”، متمنياً “ألا تكون التدخلات الخارجية في لبنان على حساب الناس وعلى حساب إنقاذ البلد”.

شارك المقال