قمة جدة للأمن والتنمية والسلام: لا للميليشيات

أحمد عدنان
أحمد عدنان

القمة التاريخية التي شهدتها مدينة جدة الحبيبة، تفسر الخطاب الجنوني الذي ألقاه قبلها أمين عام الميليشيا الإيرانية الإرهابية المسماة “حزب الله”، فقد وصل حسن نصر الله في ذلك الخطاب إلى درك ليس مسبوقاً في العمالة لإيران وفي ازدراء البلاد والعباد.

فمن حيث الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية للبنان، فإن إقحامه في صراعات الغاز الدولية لا يمكن وصفه بغير الانتحار الرسمي. ومن حيث الدعوة إلى الحرب والتبشير بها، فإننا أمام نية الرقص فوق الجثث بعد النحر والانتحار.

إن العيش في حفرة الأزمة يمنع القراءة الدقيقة لما يجري حولها، فليس طبيعياً البتة أن تمتلك الميليشيات الإيرانية مسيرات مسلحة وغير مسلحة تستخدمها كما تشاء، وليس طبيعياً البتة أن يعلن الحرب الناطق باسم تلك الميليشيات أو يلوح ويبشر بها، وما يفاقم خطورة القضية أنها تأتي في قلب لحظة دولية حساسية أشعلها الغزو الروسي لأوكرانيا، بكل تداعيات ذلك الغزو على إمدادات الغذاء والطاقة على مستوى العالم. أما داخل حفرة الأزمة اللبنانية فالأوضاع تجاوزت كل الأسواء والأهوال.

والموضوع اليوم، بكل جدية، ليس تحليل مواقف الحزب الإلهي ونواياه، الموضوع، هو كيف سيتم التعامل مع هذه المواقف والنوايا إقليمياً ودولياً؟!. والجواب على هذا السؤال قدمته قمة جدة بين دول مجلس التعاون الخليجي ومحور الاعتدال العربي وبين الولايات المتحدة الأميركية، ليس ضد ميليشيا “حزب الله” وحسب، بل ضد كل الميليشيات وداعميها.

يمكن تلخيص المواقف السياسية التي أعلنتها الدول العربية المشاركة في القمة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية:

-التأكيد على مشروع السلام كخيار إستراتيجي، سواء على مستوى الصراع العربي – الإسرائيلي او على مستوى الحروب الأهلية في المنطقة.

– رفض التدخلات الخارجية السلبية في المنطقة، ورفض الاعتداءات العسكرية على أراضيها.

– إعلان الحرب على الميليشيات والمرتزقة ورعاتها الإقليميين والدوليين، في إطار الالتزام الكامل بالحرب الشاملة على الإرهاب، والالتزام الكامل بتمكين الشباب والمرأة وإشاعة ثقافة الاعتدال والتسامح والتعايش. وكل ذلك على مستوى المنطقة ككل.

– تعزيز دور الدولة الوطنية الجامعة، دولة القانون والمؤسسات، التي تكفل وتصون الحقوق والحريات.

– تحقيق التكامل الاقتصادي في إطار شراكة إقليمية استراتيجية على مستويات الغذاء والطاقة والنقل والمياه.

– التعامل بواقعية وبمسؤولية مع التحديات البيئية التي يواجهها العالم وعلى رأسها التغير المناخي، لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تبني نهج متوازن وذلك بالانتقال المتدرج والمسؤول نحو مصادر طاقة أكثر ديمومة.

– تحقيق أمن الطاقة، واستقرار أسواق الطاقة، مع العمل على تعزيز الاستثمار في التقنيات والمشاريع التي تهدف إلى خفض الانبعاثات وإزالة الكربون بما يتوافق مع الالتزامات الوطنية.

وكانت التوصية الخاصة بلبنان في غاية الوضوح والصراحة، بحيث أكدت على دعم سيادة لبنان واستقراره وأمنه، وضرورة تطبيق اتفاق الطائف وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، واحترام الدستور واستحقاقاته ومواعيدها، وتمكين الجيش وقوى الأمن الداخلي، وبسط الدولة اللبنانية لسلطاتها – منفردة – على كامل أراضيها. أي أنها توصية – كسائر مقررات القمة – تناقض سياسة وعقيدة وأفعال “حزب الله” وأتباعه من مختلف الطوائف.

عنوان مواجهة الميليشيات حمله مسمى القمة التاريخية: الأمن والتنمية، ومن خلال قراءة مواقف الدول المشاركة وكلماتها، فمن الواضح أنه لا أمن ولا تنمية إلا تحت راية الدولة، وليس لهذه الراية إلا سارية السلام. وما لم تقله القمة أن هذه الرؤية وهذا التوجه، لا تنتظر مباركة أحد حتى لو كان هذا الأحد الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها.

شارك المقال