التمديد وإسناد الصلاحيات لغير الحكومة… هرطقات خطيرة

هيام طوق
هيام طوق

في ظل الكباش الحاصل على صعيد تأليف الحكومة التي دخلت في غيبوبة طويلة الا اذا استجد طارئ على هذا الصعيد، يستحوذ الاستحقاق الرئاسي على اهتمام مختلف القوى السياسية التي في اصطفافاتها بين موالاة ومعارضة انطلقت في مسار التشاور للتوافق على شخصية لايصالها الى سدة رئاسة الجمهورية على الرغم من أن الأمور لا تزال في مراحلها الأولى، خصوصاً أن الجميع يترقب التطورات في المنطقة وما سترسو عليه القمم ونتائجها التي باعتراف الجميع ستكون لها انعكاسات على الانتخابات الرئاسية لأن رئيس جمهورية لبنان تاريخياً من انتاج تقاطعات داخلية وخارجية.

السيناريوات المطروحة كثيرة منذ الأول من أيلول أي بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد وصولاً الى 31 تشرين الأول المقبل حين تنتهي ولاية العهد الحالي، إذ تأمل مختلف القوى السياسية أن ينتخب رئيس وأن لا يترك البلد للفراغ على هذا المستوى لأنه لم يعد يحتمل أي فراغ وتعطيل في ظل الشلل الحاصل والانهيار الكبير على المستويات كافة.

وفيما أكد الرئيس ميشال عون أنه لن يبقى في قصر بعبدا بعد 31 تشرين إلا أن البعض يقول ان الفريق الدستوري لديه سيفبرك “فذلكات” دستورية من هنا وهناك بحجة عدم ترك البلاد للفراغ، وبقائه في الحكم، في حين يرى آخرون أن أي سيناريو على هذا المستوى غير وارد لأنه ببساطة سيكون مخالفاً للدستور إن كان لناحية التمديد أو لناحية إسناد صلاحيات ادارة البلد الى المجلس الدستوري أو الى المجلس الأعلى للدفاع بهدف عدم إسناد أي صلاحية الى حكومة تصريف الأعمال، تخوّلها إدارة البلد، اذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة. وبحسب مصادر معنية لـ”لبنان الكبير”، كلها هرطقات دستورية لا يمكن أن تسلك طريقها الى التنفيذ، وفي حال حصلت بفعل الاستقواء بجهة ما، ستلقى معارضة شرسة.

شدد النائب فيصل الصايغ على “أننا مع انتخاب رئيس الجمهورية في موعده الدستوري لأن ذلك يعطي ثقة بالبلد تجاه الخارج، ونحن بأمس الحاجة الى إظهار صورة الدولة الفعلية. يجب أن نتوافق على رئيس جمهورية يكون على مسافة واحدة من الجميع ويتمتع بمواصفات رجل الدولة وأن يكون اصلاحياً وسيادياً”، مشيراً الى “أننا نسعى في هذا الاتجاه مع القوى التي تشبهنا في ظل ضبابية حول ما اذا كانت ستجري الانتخابات الرئاسية في موعدها أم لا. نحن محكومون بالتوافق اذ لا يمكن الاستمرار في النهج الحالي. ونحن اليوم على مفترق طرق، والاستحقاق الرئاسي محطة أساسية تحدد اتجاه البلاد في المستقبل”.

ولفت الى “التخوف من كل ما يحصل في هذه المرحلة بحيث أن مواصفات الدولة الفاشلة باتت قائمة، والبعض لا يزال يفكر في المحاصصة وحجم تمثيله في السلطة في وقت لم يعد هناك أي شيء للاختلاف عليه”. وقال: “تكفينا فتاوى دستورية وليس هناك أي فتوى تسمح ببقاء الرئيس في بعبدا بعد 31 تشرين الأول، ولا يجوز أن يقنع بعض المستشارين، رئيس الجمهورية بإمكان استمراره، وبالتالي، ليس هناك من فراغ لأن الحكومة إن كانت مكتملة الصلاحيات أو مستقيلة فهي قادرة دستورياً على أن تحكم. انها بدع جديدة نسمعها، لا شيء اسمه تمديد، فهذا الأمر له أصوله وشروطه في المجلس النيابي، وليست هناك أي أجواء للتمديد أو أي مخرج دستوري لبقاء الرئيس بعد انتهاء الولاية”.

وأكد أن “التسليم لأي جهة بإدارة البلد يعتبر مشروع فتنة ولا يمكن لأي شخص أن يقرر مصيره بهذه الطريقة. الدستور واضح في كيفية انتقال السلطة”، معتبراً أن “الرئاسة في لبنان تتأثر بالواقع الاقليمي والدولي، وهناك اصطفاف جديد في الاقليم، ولبنان يجب أن يكون في الملعب العربي ويؤكد على هويته العربية وسياسته الخارجية المنسجمة مع دول الخليج، ويظهر أنه جزء من هذا العالم، ويحترم قرارات مجلس الأمن الدولي”.

أما الوزير السابق رشيد درباس، فرأى أن “الأمور لم تنضج بعد على المستوى الرئاسي، والأوضاع الراهنة مختلفة تماماً عما كانت عليه في العام 2016 اذ حينها كانت هناك قوى رئيسة اجتمعت وقررت انتخاب الرئيس ميشال عون. اليوم، وبفعل تعدد القوى في المجلس النيابي لا يمكن تأمين الوفاق كما في السابق كما يمكن وقف سياسة السيطرة والفرض”، معرباً عن اعتقاده أن “عملية انتخاب رئيس جديد معقدة جداً وتحتاج الى تفاهم وطني عميق، والى اليوم لم تنضج الظروف لهذا التفاهم. وبالتالي، هناك امكان أن ندخل في دوامة الفراغ في ظل حكومة مستقيلة، لكن هناك شروحات توسع صلاحيات حكومة تصريف الأعمال خاصة لناحية تشغيل المرفق العام”.

ولفت الى أن “رئيس الجمهورية اليوم ليس قائداً للجيش ولا يستطيع مخالفة الدستور، كما لا يمكنه الاستعانة بالجيش الذي بقيادته الحالية لن يخالف الدستور. كل السيناريوات حول الفتاوى الدستورية للبقاء في القصر تبقى بلا جدوى، وتعتبر خيالات عرضية وتمنيات لا قيمة لها مع العلم أن ليس القصر الجمهوري بحد ذاته هو الذي يعطي المعنى للقصر انما رئيس الجمهورية هو الذي يعطيه معنى”.

وأكد أن “المرحلة المقبلة صعبة بحيث أن كل الطموحات اليوم لوقف الخسائر لأن هناك استحالة في تحقيق الأرباح. الرئاسة على مفترق الطرق الدولية والاقليمية. ولا يمكن أن نقرأ الاستحقاقات والوضع في لبنان بصورة منفصلة عن قمة جدة واجتماع طهران لأننا كقوى لبنانية سلمنا أمرنا للخارج، وبالتالي، بتنا ننتظر التعليمات من عواصم العالم”، موضحاً “أننا نتفاءل عند انتهاء ولاية العهد الحالي فعلى الاقل ننتهي من عامل التعطيل الذي يمارس بمعنى أن هناك متنفساً في المرحلة المقبلة يمكن أن يبقي المريض على قيد الحياة”. وشدد على “أننا نريد رئيساً يعرف أنه يمارس أصعب مغامرة في حياته وفيها مخاطرة لأن في انتظاره ورشة إنقاذ متعددة الأوجه والجوانب”.

شارك المقال