التصعيد العوني… توطئة لمعركة رئاسة الجمهورية

هيام طوق
هيام طوق

من يراقب المشهد السياسي وتصعيد العهد في كل الاتجاهات، يستدرك سريعاً أن هناك نوعاً من التوتر على مسافة أشهر قليلة من انتهاء عهد الرئيس ميشال عون بحيث أن المعارك السياسية مفتوحة على أكثر من جبهة وتستهدف شخصيات سياسية ودينية وإدارية، وكلها لا تجاري “التيار الوطني الحر” في سياسته أو تناهضه في مواقفه.

وفيما تتحدث مصادر سياسية عن أن الحملة العونية تصاعدية من الآن وصولاً الى موعد انتخاب رئيس الجمهورية لأنها تحمل في طياتها أهدافاً رئاسية وتوطئة للمعركة الرئاسية للنائب جبران باسيل المقتنع بأن لديه حظوظاً في الوصول الى قصر بعبدا، تشير جهات معارضة الى أن “التيار” يستهدف خصومه المحتملين أو حتى الداعمين لهم، والتركيز على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يأت صدفة بل عن سابق تصور وتصميم، كما أن التصويب على قائد الجيش العماد جوزيف عون يأتي في الاطار نفسه. وما حصل مع النائب البطريركي الماروني على القدس والأراضي الفلسطينية والأردن المطران موسى الحاج، عند معبر الناقورة، والحملات التي يشنها مؤيدو “التيار” على مواقع التواصل الاجتماعي، ليست سوى رد على عظات البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي والتي يحدد فيها مواصفات الرئيس المقبل وهي لا تنطبق على النائب باسيل، وصولاً الى السجال الحاد مع المدير العام لهيئة المناقصات جان العليّة الذي يفضح هدر المال العام وصفقات وزراء الطاقة، وحبل المواجهات على الجرار.

وإذا كانت جهات من “التيار” تعتبر أن كل ما يجري يهدف الى محاسبة  الفاسدين والذين سرقوا أموال الناس وتسببوا بالهدر العام وأن العملية الاصلاحية ستستمر حتى آخر لحظة من عمر العهد، فإن هناك أطرافاً ترى أن ما يجري ليس اصلاحاً لأنه ينطلق من اعتبارات شخصية وسياسية وحسابات خاصة، ولو كان ما يجري هدفه محاسبة الفاسدين فعلاً لكانت اتبعت المعايير نفسها مع كل المرتكبين في البلد ولم تستهدف فئة معينة.

ولفت النائب غياث يزبك الى أن “التيار الوطني الحر عوّدنا عبر تاريخه وخصوصاً الرئيس عون أنه عشية كل الاستحقاقات التي تعنيه مباشرة وتحديداً انتخابات رئاسة الجمهورية يسقط كل حس دستوري وتسقط كل الأعراف وأدبيات التخاطب مع شركائه في الوطن التي تتغير وتتبدل حسب مصالحه. اليوم كل ماروني يحمل المواصفات التي تؤهله ليكون رئيساً للجمهورية، هو هدف رئيس له، ومن يقفون خلف هذه الفئة من المرشحين مستهدفون. وهنا نعني البطريرك الراعي الذي لا يدعم أي شخص انما يضع المواصفات”.

أضاف: “لا نستغرب أن يهاجم التيار بشتى الطرق والوسائل، الخصوم وكل من يحول دون وصول النائب باسيل الى رئاسة الجمهورية. وهم يتبعون استراتيجية: من يوصلنا الى قصر بعبدا؟ اذا كان الجانب السوري، فيتحول التيار الى خطيب فصيح باللهجة السورية. من يوصله اليوم، دعم حزب الله، وبالتالي يجاريه في مواقفه وسلاحه ويعمل على ارضائه واعطائه أرجحية ترسيم الحدود. سمح لحزب الله أن يتطاول على أحد المطارنة، وأن يُستدعى ويعرضه لشتى أنواع الاهانة من خلال التشكيك بدوره ونزاهته ووطنيته وانتمائه خصوصاً وأن ما يقوم به ومن قبله المطارنة في الأراضي المقدسة، أنهم يجلبون الرسائل والمساعدات لكل الطوائف وليس للطائفة المارونية فحسب. وهذا يردنا الى سنة 1989 حين أهان الرئيس عون، البطريرك الراحل نصرالله صفير”.

وشدد على “أننا كنا أول من طالب بمحاسبة حاكم مصرف لبنان، وهم انتفضوا ضدنا حينها بلسان الوزير السابق سليم جريصاتي”، معتبراً أن “كل ما نراه اليوم مرشح للتطور والانهيار أكثر كلما اقتربنا من الاستحقاق الرئاسي. الحملات المدمرة أثبتت تاريخياً أنها دمرت الجمهورية الأولى وهي اقتربت من انجاز تدمير الجمهورية الثانية. واذا استمر العهد بهذه العبثية فستدمر الجمهورية وسنبحث عن جمهورية أخرى في 31 تشرين ولن يكون لدينا ترف انتخاب رئيس جديد لهذه الجمهورية لأنها ربما لن تكون موجودة”.

أما النائب أحمد الخير، فرأى أن “الحملة التي يقوم بها العهد ليست جديدة اذ أنه يمارس الأسلوب نفسه في معالجة الملفات منذ فترة طويلة في وقت نحن بأمس الحاجة الى أن تكون لدينا حكومة واستقرار على المستويات كافة. ما يتعرض له حاكم مصرف لبنان بمعزل عن موقفنا من أدائه، لا يسبب أذى له انما للشعب بأكمله الذي لا يكاد يفرح بانخفاض سعر صرف الدولار حتى يفتعلون أي شيء ليعود الى الارتفاع. طريقة التعاطي اليوم تضرب مرتكزين أساسيين: الاستقرار الأمني والاستقرار المالي، ونحن بأمس الحاجة الى كليهما في ظل الأزمة التي يعيشها الوطن”.

وأشار الى أن “المعركة الرئاسية بدأت، وكل طرف يحاول خوضها بالأساليب والأدوات التي يراها مناسبة، لكن لبنان اليوم بأمس الحاجة الى رئيس جمهورية يمثل رؤية الشعب التي لا تشبه الحملات والتصرفات التي تحصل. من يريد أن يكون رئيساً يجب أن يفكر في حماية الوطن ومؤسساته ومرتكزات العيش وأن يكون صورة عن المجتمع اللبناني، وعلى علاقة جيدة مع محيطه العربي ودول العالم”.

وأكد أن “الاصلاح يبدأ من رأس الهرم وصولاً الى الأسفل. الاصلاح لا ينطلق من اعتبار شخصي أو طائفي أو مناطقي. اذا أردنا معالجة حقيقية، فالمحاسبة تكون وفق معيار واحد من دون تمييز لأنه حينها نبني ثقة مع الجميع وليس مع فئة معينة”.

واعتبر مجد حرب أنه “عندما تكون الحملة موجهة ضد الأوادم في الادارة، فهي غير اصلاحية وقمعية كما حصل مع جان العلية ومع لور سليمان التي أنصفها مجلس شورى الدولة ولم ينفذ القرار. اما من ناحية حاكم المصرف المركزي، فبغض النظر عن موقفنا من أدائه بحيث يستحق الملاحقة، لكنها ملاحقة لايصال رسائل سياسية مع العلم أنهم جددوا له من خارج جدول الأعمال. ولّى زمن ايهام الناس بالاصلاح، وسقطت الشعارات الاصلاحية”.

وأعرب عن اعتقاده أن “عهد الرئيس عون ليس سوى واجهة للعهد الحقيقي الذي هو عهد حزب الله، والعهد باق طالما السلاح مستمر. اذا انتهت ولاية الرئيس عون وانتخب رئيس آخر من أزلام الحزب فلن يتغير أي شيء في الممارسات. الأمر لا يتعلق بأشخاص لأن الآمر الناهي هو الحزب”.

شارك المقال