بين جهنم والعصفورية… ترف اختيار الهدية الانقاذية

هيام طوق
هيام طوق

منذ مدة، توقع رئيس الجمهورية ميشال عون أن نصل الى جهنم، وقد صدق بحيث أصبح الشعب اليوم يكتوي بأزمات معيشية لامتناهية. وأمس الأول أمل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ألا نصل الى مرحلة نغني فيها “عالعصفورية” في ظل أزمة حكومية حادة بسبب العناد والكيدية وتناتش الحصص، بحيث اعتبرها البعض مزحة ثقيلة في وقت يموت فيه الناس ألف مرة يومياً، وبدل أن يقوم المسؤولون بخطوات سريعة لوضع البلد على سكة التعافي، يكتفون بوصف الحالة، ويخبرون الناس عن الوضع ويتركون لهم حرية الاختيار بين العيش في جهنم أو في العصفورية.

وفيما رأى البعض أن على الطبقة السياسية ان تتنحى وتترك مجالاً للوجوه الجديدة علها تتمكن من انتشال البلد خصوصاً أنها لم تحقق سوى الفشل تلو الفشل، اعتبر آخرون أن هذه الطبقة انتخبها الشعب منذ فترة قصيرة ووضع ثقته بها، لكن لا بد من التخلي عن المكابرات ووقف التصرفات الكيدية والأنانية والمطالبة بالمحاصصات، والاسراع في تشكيل حكومة ثم انتخاب رئيس جمهورية جديد ينكب على الاصلاح الفعلي.

في تلك المعمعة حيث لا يقدم أعلى المسؤولين في الدولة بصيص أمل للناس من خلال خطوة ايجابية لا بل على العكس يعدونهم بالمزيد والمزيد من الاحباط، يجد اللبناني نفسه وحيداً ومتروكاً يتخبط في مصائبه، ويحاول بنفسه ايجاد الحلول المتاحة، ويسأل: أين هو مفتاح الحل، ومن يمتلكه؟ هل ينفذ المسؤولون حكمهم بحقه وبأياد باردة بأن يعيش بين جهنم والعصفورية؟ وهل فقد أمل الانقاذ من الطبقة الحاكمة وبات التمني اليوم بتدخل خارجي يفرض الاصلاحات فرضاً على بلد أصبح يعيش خارج الاطار وخارج الزمن؟

أشار النائب أيوب حميد الى أن “مفتاح الحل يكمن في وقف المكابرات وعملية الغلو بالمطالب، والعمل على تشكيل حكومة لنستعيد ثقة الناس والدول، ولا يجوز أن ننتظر الرحمات من الخارج بل علينا أن نرحم أنفسنا من الداخل خصوصاً أننا في وضع غير سليم كي لا نقول أكثر”.

وعن القول ان على الطبقة السياسية أن تتنحى لأنها فشلت، رأى أنه “كلام في غير محله لأن الانتخابات النيابية منذ فترة وجيزة هي التي أفرزت هذه الطبقة السياسية، يعني أنها أتت نتيجة خيار الناس عند كل الأحزاب والتيارات والطوائف”، لافتاً الى “معاناة الناس، لكن المطلوب التواضع لوضع خطوات تجعل البلد يتنفس، والحل يبدأ من خلال تشكيل حكومة، والتحضير للاستحقاق الرئاسي، هكذا يمكن أن نعطي بعض الاطمئنان للداخل والخارج”.

وأكد النائب رازي الحاج أن “الحل في شقه السياسي يبدأ بانتخاب رئيس جمهورية جديد يتمتع بمواصفات تعيد ثقة الناس به، اذ طالما أن الثقة مفقودة بالادارة السياسية الحالية لا يمكن أن نتكلم عن استعادة الانتظام العام خصوصاً أن السلطة السياسية فاقدة قرارها السيادي وقرار الحرب والسلم وعلاقاتها ومفاوضاتها الخارجية لأن حزب الله يرسم للدولة معادلاتها ويختزل قراراتها”، معتبراً أن “الحكومة الحالية كما التي سبقتها ليست جادة في طريقة التعاطي مع ملفات خطة التعافي الاقتصادي، ولا نزال نناقش في قضايا مبهمة”.

ولفت الى أن “الطبقة السياسية التي فشلت في الاصلاح لا تعني كل النواب بل المنظومة المتحكمة وعلى رأسها حزب الله ورئيس الجمهورية وفريقه السياسي والحكومة التي ينضوون فيها”، مشدداً على أنه “من خلال الدستور يمكن اعادة انتظام الحياة السياسية العامة، ورئاسة الجمهورية هي المدخل ثم تشكيل حكومة للانطلاق في خطة التعافي”.

اما النائب وليد البعريني فرأى أن “الانقاذ يتم عبر صدق النيات ووضع حد للتدخلات الخارجية والمحاصصات، وأن يكون رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة على الموجة نفسها ولا يتلهون بالمناكفات”.

وأشار الى أن “الناس فقدت الثقة بالطبقة السياسية، ونحن كنواب لا يمكننا أن نفعل شيئاً أو نغيّر الواقع، ونشعر أن أيادينا مكبلة، وبتنا نخجل “، مؤيداً “تنحي الطبقة السياسية الحالية لاعطاء الفرصة لوجوه جديدة علها تتمكن من خلق مفهوم جديد لقيام الدولة، لكنها لن تتنازل بل على العكس فهي متشبثة بالكراسي وأكبر دليل ما يجري اليوم في ملف الحكومة. نحن في شريعة الغاب والبلد في حالة انهيار بسببنا وليس لأي سبب آخر”.

وقال: “البلد يحتاج الى الانقاذ السريع، وعلى الرغم من أننا نتمنى أن نجد الحلول بأنفسنا الا أننا نلاحظ أن كل الدول تتدخل في الشؤون اللبنانية عبر طرق متعددة. كنا نأمل أن يقوم رئيس الجمهورية بخطوة ايجابية في نهاية عهده، وأن يتخذ موقفاً رجولياً وبطولياً بالانقاذ وليس بالتعطيل ووضع العصي في الدواليب”. وشدد على أهمية “انتخاب رئيس جمهورية لديه الأخلاق والضمير والمنفتح على الجميع ويتعالى عن المحاصصة”.

وتحدث الناشط مكرم رباح عن “الاستخفاف بعقول الناس بحيث أن النكتة في هذه الظروف الصعبة ثقيلة. الطبقة السياسية بأكملها مقصرة تجاه الشعب وعليها التنازل عن إدارة شؤون البلاد لأنه لا يجوز الطلب من أشخاص متهمين بهدر الأموال العامة والاهمال أن يعدونا بالاصلاحات ويقوموا بها”، معتبراً أن “المشكلة ليست اقتصادية انما سياسية بحيث هناك حزب يسيطر على الدولة ويحمي المؤسسة السياسية من أي انتفاضة من قبل الناس على غرار ما حصل خلال ثورة 17 تشرين”.

وأكد أن “مفتاح الحل من خلال اعادة هيكلة الدولة الاقتصادية والسياسية واصلاح القضاء، ولا يمكن ترتيب البيت الداخلي مع هؤلاء الفاسدين”، موضحاً “أننا لم نفقد الأمل من الاصلاحات بل من الطبقة السياسية التي لا يمكنها القيام بها والتي هي طبيعية في أي دولة”.

وأشار الى “أهمية مطالبة الناس بأن تصلح الطبقة السياسية أو الأحزاب ذاتها، وتحاسب نفسها، والعودة الى الشارع والمطالبة بحماية دولة القانون”.

شارك المقال