يا ساسة لبنان أمعنوا النّظر

الشيخ حسن مرعب

لا بد لمن يخوض غمار السياسة والحكم أن يتمتع بثلاث صفات محدّدة: الشغف والشعور بالمسؤولية وبعد النظر… فالشغف، يعني الانكباب على المشاكل ومعالجتها بحماسة ودراية لا بجهل وبلادة، ولا يمكن للسياسات العمومية للسياسي أن تؤتي أكلها ولو بعد حين، عندما تغيب المسؤولية وتقوى المصالح الذاتية الآنية على مصالح البلد.

ثم يضاف إلى هذا كله بعد النظر، وهي ملَكة وتجربة وقوة وقدرة وصفة حاسمة عند السياسي، فانعدام المسافة بينه وبين الأشياء والناس هو أحد الأخطاء القاتلة بالنسبة إلى كل من يتعاطى السياسة، وغيابها في هذه المرحلة هي التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى ما وصل اليه على أنه خازن جهنم لبنان الذي جعل من شعبه وقوداً لها كرمى لعيون صهره المدلل جبران، فما عاد في الوجه ماء للخجل من الفشل، ولا ما سيكتب التاريخ ولا بعد نظر الى مآلات الأمور.

والحقيقة المرّة التي سيسجلها التاريخ أنه كما مر على لبنان ساسة كانوا سبباً لبناء لبنان ونهضته فإن عون وصهره ومن حولهم وحلفاؤهم هم من دمروا لبنان الحديث وأعادوه عشرات السنوات الى الوراء وجعلوا من شعبه إما أسرى داخله أو أغراباً في شتى بقاع الأرض وهذه النكتة السوداء سيقرأها الأبناء والأحفاد عن الأجداد ولو كان فكر وتفكر بهذه المرارة التي لا تعدلها كنوز الأرض لهجر الرئيس صهره وابعده بدل ان يعطل البلد ويشل اركانه لكي يخلفه.

والمؤسف أن الضمير وان أصابته صحوة بعد هذه الغفوة والنومة العميقة فلم تعد تنفع فما كتب قد كتب، وقد سبق السيف العذل، والفرصة الوحيدة المتاحة والتي يمكن ان تمحو شيئا من السواد الحالك أن يرحل عون اليوم قبل الغد، وان يترك الحرية للبنانيين ومن اختاروهم نوابا عنهم للاختيار لمن يُلملم اشلاء الوطن.

ولا بد لممثلي الشعب في مجلس النواب ان يكونوا نوابا لا نوائب ومصائب وان يكونوا صوتا لا سوطا وجلادا وان يمارسوا دورهم لا ان يمثلوا ادواراً على مسرح جريمة ذبح الوطن والمواطن فهم ايضا سيشملهم التاريخ كما شمل غيرهم إما سواداً او بياضا.

وفي الختام، لبنان سيبقى وكلنا راحلون ولن يبقى الا الأثر فيما ساسة لبنان أمعنوا النظر فإما رحمات لكم تهدى وإما لعنات ودعوات تلحق بكم وتصبحون عبرة لمن اعتبر.

شارك المقال