مرشحو الرئاسة في الكواليس السياسية… والمعركة حول مشروعين

هيام طوق
هيام طوق

صحيح أن كل الأطراف السياسية الموالية والمعارضة تضع ملف الاستحقاق الرئاسي في سلم أولوياتها، وتناقش الموضوع في الكواليس على نار حامية لكن أي جهة لم تتبنَّ حتى اليوم اسم شخصية تطرحها لرئاسة الجمهورية خصوصاً أننا على مسافة قرابة شهر من بدء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس، بحيث تشير المعلومات الى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدعو الى جلسة في الأول من أيلول بما يعني أنها ستكون اعلاناً لنهاية عهد الرئيس ميشال عون، وستتكرر الدعوات الى جلسات انتخابية متتالية وصولاً الى انتخاب رئيس وإذا تعذر ذلك، يتحول المجلس إلى هيئة ناخبة بعد الدخول في مهلة الأيام العشرة التي تسبق إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية، ويتوقف بالتالي عن التشريع.

جلسة انتخاب الرئيس تشترط توافر نصاب 86 نائباً لانعقادها، لكن لا شيء مضمون في هذا الاطار لاسيما أن البرلمان اليوم يتكون من تكتلات متعددة وليست هناك أكثرية نيابية يمكنها ايصال مرشحها الى قصر بعبدا، ما يعني أنه في حال عدم التوافق على اسم وسطي ترضى عنه الأكثرية النيابية أو عدم النجاح في تشكيل جبهة واسعة يتم التداول فيها مؤلفة من قوى تغييرية وأحزاب معارضة ومستقلين، ليس مستبعداً أن نشهد سيناريو انعقاد الكثير من الجلسات مع الاشارة الى أن انتخاب الرئيس عون تطلب 45 جلسة، وانتخاب الرئيس ميشال سليمان 20 جلسة. وبالتالي، ستفتح في الأول من أيلول أبواب البرلمان على مصراعيها، وتفتح أبواب البلد على مصراعيها على المجهول لأنه وفق المراقبين، فإن احتمال انتخاب رئيس جديد يوازي احتمال الفراغ في سدة الرئاسة.

وفي حين تشدد الدول الأجنبية على ضرورة اجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده على غرار الانتخابات النيابية بحيث أن السفراء والديبلوماسيين يحذرون المسؤولين اللبنانيين من خطر الفراغ في وضع البلد الهش، يبدو أن احتفاظ كل جهة سياسية بمرشحها سيبقى طي الكتمان في انتظار التطورات المستجدة في المنطقة على أكثر من صعيد كما وترقب نتائج زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن وما صدر عن قمة جدة التي غاب عنها لبنان الرسمي لكن ملفاته كانت حاضرة، إذ دعت جميع الأطراف اللبنانية الى احترام الدستور والمواعيد الدستورية في اشارة الى انتخاب رئيس جديد.

وفي انتظار كشف أوراق الفرقاء السياسيين، يبقى السؤال الذي يطرحه كل اللبنانيين: لماذا لم تتبنّ حتى الآن أي جهة سياسية مرشحاً لرئاسة الجمهورية على الرغم من المدة القصيرة التي تفصلنا عن موعد الانتخاب؟

أكد النائب فادي كرم أن “المعركة بين مشروعين وليست معركة ديموقراطية بين مرشحين لديهما برامج وطنية مختلفة. المعركة الرئاسية في لبنان هي معركة هوية ووجود. اليوم نشهد رص الصفوف خلف كل مشروع، وعلى التكتلات والمجموعات السياسية أن تحسم أمرها وتقول أين تتموضع وأي طرح تؤيد: هل هي مع طرح بقاء لبنان داخل محور حزب الله أو مع المشروع الآخر الذي يريد إنقاذ لبنان من هذا المحور وعودته الى المسار الطبيعي من خلال اعادة بناء المؤسسات وانتظامها؟”.

واعتبر أن “المواصفات التي وضعها البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي هي مواصفات تمثل السيادة وحماية لبنان وبقاءه كوطن يجمع مجموعات عدة للعيش معاً بسلام وبناء دولة حقيقية. أما ما نشهده في المنطقة فهو محاولة من المشروع الايراني لتثبيت نفوذه، وهذا مسعى يحاول أن يكسبه من خلال أذرعه”، مشيراً الى أن “حزب الله وأعوانه وأتباعه ينتظرون الضوء الأخضر من الجانب الايراني لكن في الوقت نفسه يسعون في كل الخطوات التي يقومون بها على أكثر من صعيد الى دعم موقفهم خصوصاً في الملف الرئاسي. المهم أن يدرك الطرف الآخر هذا الموضوع، ويعرف مدى أهميته وخطورته، وهو قادر على استعادة لبنان وتحريره من القبضة الايرانية تماماً كما حرره من قبضة النظام السوري في العام 2005”.

وأوضح النائب محمد سليمان “أننا كتكتل الاعتدال الوطني، نلتقي مع جهات عدة، ونتناقش في الموضوع الرئاسي لنختار شخصية تكون مناسبة للمرحلة الصعبة والتي بإمكانها إخراج لبنان من مستنقعه. لا يزال الوقت غير داهم أمام الكتل والقوى السياسية لتتبنى هذه الشخصية أو تلك، وبالتالي، تعتبر المرحلة الحالية مرحلة تشاور ونقاش على أمل الوصول الى التوافق على اسم شخصية تكون على قدر طموحات اللبنانيين”، لافتاً الى أنه “لا يجوز الجزم اليوم بوجود تدخل خارجي في الانتخابات الرئاسية لكن لطالما كان لبنان واستحقاقاته الدستورية في صلب التفاهمات الداخلية والخارجية”.

أما النائب ميشال موسى، فقال: “في الانتخابات الرئاسية ليس هناك من ترشيح مسبق ولا اعلان مسبق عن اسم معين من الكتل، وبالتالي، فإن المرحلة مرحلة تشاور ومحاولة التوافق على مواصفات الرئيس. ليس جديداً عدم تبني أي اسم من أي طرف حتى لو أن المدة التي تفصلنا عن الانتخابات ليست بعيدة. لا جديد في آلية العمل، هناك احتمالات وأسماء تتم الاضاءة عليها لكن القرار النهائي عند الكتل”.

أضاف: “لا أكثرية نيابية لايصال رئيس الى سدة الرئاسة، لذلك التواصل اليوم والتوافق بين كتل متعددة لتأمين النصاب في حالتي الثلثين والنصف زائداً واحداً. غياب الأكثريات واضح، وهناك دائماً آراء للخارج في موضوع الرئاسة، وتأثيرات تنعكس عليها لكن الموقف الداخلي هو الأساس لأنه في النتيجة استحقاق دستوري داخلي”.

ورأى نائب رئيس حزب ” الكتائب اللبنانية” النقيب جورج جريج أنه “لم يتم تبني أي شخصية لترشيحها لرئاسة الجمهورية من أي جهة سياسية لأن هناك تشتتاً وعدم تفاهم في صفوف المعارضة على شخصية مشتركة قادرة على الانقاذ، ونخشى تكرار الاختبارات السابقة الفاشلة. من هنا، واجب التركيز على التوافق على شخصية لتسميتها لأنه في حال حصل ذلك، سيكون هناك بصيص أمل في التغيير من خلال لم شمل الأكثرية المشتتة لتصبح أكثرية متضامنة وفاعلة. وهناك ايجابية كبيرة في خلق جبهة واسعة على هذا الصعيد لأن المطالبة كبيرة في هذا الاتجاه”، مؤكداً أن “قوى المعارضة لن تسمّي شخصية لها علاقة بقوى 8 آذار انما علينا أن نتفق، وفي الأيام القليلة المقبلة ستتبلور هذه الشخصية لأن الموضوع السيادي يجمعنا”.

وشدد على “أننا نسعى الى أن يكون رئيس الجمهورية صناعة وطنية مئة في المئة لكن علينا أن نكون واقعيين بأن هناك تطورات في المنطقة، شئنا أم أبينا، تؤثر على واقعنا بحيث أن لبنان ليس بقعة معزولة ومفصولة عن العالم بل يتأثر مع محيطه، الا أن المسؤولية الكبرى تبقى علينا تجاه مصلحة بلدنا”.

شارك المقال