سجن رومية يغلي والانفجار بات وشيكاً!

إسراء ديب
إسراء ديب

يخشى الكثير من الحقوقيين على مستقبل السجناء في لبنان، لا سيما أولئك الذين يمكثون في سجن رومية المعروف بالاكتظاظ والاهمال الذي يطال مختلف الشؤون الحياتية التي حرموا منها خارج القضبان، وكذلك داخل عالمه الذي يملأه الغضب والنقمة الشديدين على “سلطة سياسية وأمنية أمعنت في إقصائهم باستمرار، مع حرمانهم بصورة دائمة من حقوقٍ تدفع السجين اليوم إلى رفع الصوت عالياً مع كسر هذه القضبان بيد من حديد”، وفق ما يقول مرجع قانوني لـ “لبنان الكبير”.

يُمكن القول إنّ ما يُثير القلق والخوف الكبيرين هو الحديث المستمرّ عن “انفجار وشيك” سيضرب قريباً السجون اللبنانية، التي لا تُتيح بدورها إعادة تأهيل السجناء، بل “تسعى كعادتها إلى تأسيس قاعدة من المكبوتين العاجزين عن تلبية احتياجاتهم، ولن يكون من السهل عليها الخروج من هذا السجن إلى الواقع المرير، كما سيصعب عليها البقاء في سجون تقبع تحت الادارة الأمنية بوزارات متعاقبة لم تحلّ الأزمة بل فاقمتها”، حسب المرجع.

وكانت فوضى عارمة سادت مبنى المحكومين في سجن رومية، وهي وقائع عنيفة ثبّتها أكثر من مقطع مصوّر (فيديو) من السجن، حيث شكا السجناء من تعرّضهم للضرب والتعذيب، مع تلويحهم باحتمال تعرّضهم للمزيد من هذا العنف والمعاملة “السيئة” حسب ما يصفونها، والتي أقلّ ما يُمكن أن يُقال عنها بأنّها “مجحفة وبعيدة كلّ البعد عن الإنسانية” حسب ما يقول أحد رجال الدين المتابعين للقضية لـ “لبنان الكبير”، ما دفعهم إلى إثبات هذه الأحداث التي سرعان ما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي قبل إطلاق أيّ رواية أمنية محتملة لتوضيح ما يحدث أو تبريره وسط تعتيم إعلاميّ واضح، وهي مقاطع كانت قد أثارت حالة من الهلع بين أهاليهم من جهة، والمتابعين لهذه الملف من جهة ثانية، أيّ ملف العفو العام الذي لم يُقرّ حتّى اللحظة على الرّغم من مطالبة السجناء وعائلاتهم بإقراره، في ظلّ حال يرثى لها داخل سجن يخنق ويحبس الأنفاس وسط تفشي الأمراض التي لا تُعالج كما يجب فتُؤدّي إلى وقوع حالات وفاة يُدفن أصحابها على ذمّة الاهمال، مع غياب المياه، الطعام، الأدوية، الكهرباء وغيرها من التفاصيل التي يبدو أنّها لن تقف عند هذا الحدّ أبداً.

وفق معطيات “لبنان الكبير”، فإنّ مساجين مبنى المحكومين تعرّضوا للعنف الشديد من بعض العناصر الذي نقل بدوره حوالي 50 سجيناً منهم من المبنى المذكور. وكان السجناء قد لجأوا إلى إطلاق صرخاتهم ميدانياً بعد التضييق عليهم من أمن السجن، مطالبين برؤية آمر السرية لكنّهم تعرّضوا للضرب، في وقتٍ لا يُدرك فيه بعض الأمنيين أو المعنيين كيفية التعامل مع السجين مهما اختلفت أسباب دخوله إلى السجن مع مراعاة ظروفه بعيداً عن الطائفية أو المرجعية السياسية.

وكان مدير مركز حقوق السجين في نقابة المحامين في طرابلس المحامي محمّد صبلوح حذر في منشور من الانفجار المحتمل لمختلف السجون، إذْ لفت إلى مآسي السجناء اليوم، بدءاً من عجز الدولة عن تأمين الطعام للسجناء، مع الكمّية القليلة التي تصل إليهم وهي “رديئة جداً”، وصولاً إلى الارتفاع الجنوني في أسعار الكافتيريا (الحانوت)، فضلاً عن مأساة الاستشفاء وعدم تأمين الدولة نفقات العلاج، حتّى أصبح السجين “يتسوّل ويطلب من أهل الخير مساعدته في تأمين نفقات علاجه ومنهم من يموت قبل تأمين هذه النفقات”.

ما يُثير الانتباه في هذه القضية المرتبطة بالسجون اللبنانية، أنّها عادت إلى الواجهة من جديد بعد أيّام قليلة على إثارتها الجدل في عيد الأضحى المبارك، إذْ فوجئ حينها العديد من أهالي الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية، “بعدم موافقة السلطات اللبنانية على إدخال مواد غذائية كان صرّح بدخولها إلى أبنائهم داخل السجن رسمياً وشرعياً (من دار الفتوى)”، وفق ما كان يقول الأهالي، فيما سمحت القوى الأمنية بإدخال اللحوم أو كلّ ما يحتاج إلى تبريد، مع رفض إدخال الصناديق الأخرى التي جمعت من الأهالي الذين باعوا بعض ما يملكون، لشراء هذه الحصص الغذائية لأبنائهم، بينما انتظروا خارج السجن لساعات طويلة وهم يُعانون من رفض إدخال هذه المواد، ما دفعهم إلى النزول ميدانياً في طرابلس مع دعوتهم الإعلام إلى المشاركة في عملية رفضهم هذه الاستراتيجية التي قالوا عنها انّها “موجهة ضدّ أهل السنة وطرابلس تحديداً”. وطالبوا بضرورة تدخل دار الفتوى في طرابلس ولبنان أيضاً، سائلين عن دورها “الذي يجب أن يكمن في مساندتنا والوقوف إلى جانبنا بالفعل لا بالقول فحسب”، كما بضرورة تدخل كلّ من وزير الداخلية بسام مولوي والرئيس نجيب ميقاتي ابني طرابلس على الخطّ سريعاً لمواجهة هذا “الحدث المتكرّر”، وفق ما يقولون.

من هنا، يطرح المحامي صبلوح بعض الحلول للأزمات التي تُواجهها السجون، وأبرزها: أن تتولى وزارة العدل إدارة السجون في لبنان، وذلك تطبيقاً للقانون اللبناني، مع اعتماد نظام موحد للسجون يتلاءم مع أبسط قواعد الأمم المتحدة الدنيوية قواعد نيلسون مانديلا والالتزام بالتنفيذ. كما يرى أنّ على الحكومة والمجلس النيابي العمل على إصدار قانون معجّل بخفض السنة السجنية ستة أشهر لمرّة واحدة، وتحديد سقف زمني لجرائم المؤبد والاعدام، لأنّ من شأن هذا القانون أن يُساعد الدولة في تخفيف النفقات الضخمة للسجناء وتخفيف اكتظاظ السجون، وُيساهم في العمل على إعداد مشاريع تحويل السجون إلى مراكز إصلاح وتأهيل.

كما يطرح صبلوح حلاً يكمن في الضغط على القضاء لحثه على الالتزام بسقف التوقيفات الاحتياطية وتطبيق نص المادّة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية ووقف مهزلة المماطلات القضائية لأسباب تافهة، مشدّداً على أنّ “اعتماد هذه الخطوات من شأنها معالجة قضية السجون في لبنان والتي هي على أبواب الانفجار”.

شارك المقال