تمديد “الطوارئ” الأميركي بشأن لبنان… ضغط سياسي؟

هيام طوق
هيام طوق

وجه الرئيس الأميركي جو بايدن، رسالة الى الكونغرس بضرورة تمديد حالة الطوارئ الوطنية في ما يتعلق بلبنان، لفت فيها الى أن “الأسلحة التي يجري نقلها باستمرار من إيران إلى حزب الله في لبنان، تشمل أنظمة متطورة بصورة متزايدة. وتلك الأفعال تقوّض السيادة اللبنانية، وتساهم في زعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط كما تُشكّل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة”.

لكن ما هو هذا التمديد ومتى بدأ العمل به وما هي الصلاحيات التي تعطى بموجبه للرئيس الأميركي، وفي أي ظروف يتم تمديده، وما مدى مفاعيله وتداعياته على أرض الواقع؟

أوضح مدير مركز “ليبرتي للدراسات القانونية والاستراتيجية” محمد زكور أن “حالة الطوارئ الوطنية في ما يتعلق بلبنان التي طلب تمديدها الرئيس الأميركي من الكونغرس، أُعلن عنها للمرة الأولى بموجب الأمر التنفيذي رقم 13441 الصادر بتاريخ 1/8/ 2007. إنه ليس بقانون انما حق يمنحه الكونغرس لرئيس الجمهورية. وانطلق العمل به على خلفية تزايد احتجاز الرهائن الأميركيين في كل العالم وفي منطقة الشرق الأوسط، ولبنان بقعة متوترة تهدد أمن أميركا القومي من دون أن ننسى حرب 2006 بين حزب الله واسرائيل. إذاً، أتى هذا الحق اثر الحرب وتزايد احتجاز الرهائن الأميركيين. وعادة يطلب تمديد حالة الطوارئ، رئيس الولايات المتحدة من الكونغرس كلما اقتضت الضرورة، وجرى العرف مؤخراً أن تجدد سنة بسنة حسب مقتضيات الواقع”.

أضاف: “حالة الطوارئ أو ما اصطلح على تسميتها بحالة طوارئ خاطئة لأن حالة الطوارئ تعلن داخل أميركا نفسها، أما تعبير اعلان حالة الطوارئ بخصوص لبنان فيعني أن الولايات المتحدة تجد أن مصالحها وأمنها القومي مهددين بصورة واضحة في لبنان”. وأشار الى أن “حالة الطوارئ بموجب الدستور الأميركي حق يمنحه الكونغرس للسلطة التنفيذية ولرئيس الولايات المتحدة خصوصاً للتعامل مع أي أزمة أو أي خطر طارئ قد يهدد أمن البلاد. لذلك، يحق للرئيس عندها أن يتفلت من أية قيود على تصرفاته وقراراته ليتعامل بحسم وبسرعة مع ما يسمى خطراً على أمنه القومي.”

ولفت زكور الى أن “تهديدات حزب الله الأخيرة اعتبرها الأميركي الذي يراعي دوماً المصالح الاسرائيلية بمثابة تهديد لأمنه القومي، ولا يخفى على أحد أن شركة Halliburton هاليبرتون الأميركية، شريك فعلي في التنقيب في اسرائيل، والتهديد الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، يشكل خطراً على مصالح أميركا. في واقع الحال، ان تمديد حالة الطوارئ نتيجة امتداد طبيعي لقانون قيصر المفروض على سوريا وبطريقة غير مباشرة يتأثر به لبنان”.

ورأى أن “ليس هناك أي جديد سوى رسالة واضحة من الأميركيين الى لبنان والى حزب الله تحديداً بعدم التهاون بشأن أي اعتداء قد يصيب بواخر التنقيب. وذلك يأتي في اطار التسلسل المنطقي بحيث أن العدو الاسرائيلي كان قد صعّد من لهجته مؤخراً، ومرّر للبنانيين عبر الأوروبيين بأنه لن يتهاون مع أي تعدّ على منشآته النفطية. تمديد حالة الطوارئ يأتي في هذا السياق”، معتبراً أن “الهدف من هكذا تمديد هو شد العصب وزيادة الضغط على لبنان خصوصاً بفعل تزايد التوتر من العام 2020، وفي المرحلة الأخيرة خلال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، اذ أن مختلف الأطراف تستخدم كل أوراقها، وكل أنواع الضغوط التي لديها لتأمين أكبر قدر ممكن من المكاسب”.

وقال زكور: “نستبعد كل الاستبعاد أن تلجأ أميركا الى القوة أو التدخل العسكري لكنها تستخدم سياسة العصا والجزرة. فمن جهة، ترسل مبعوثها آموس هوكشتاين الذي يعدنا بالمن والسلوى والكهرباء من الأردن والغاز من مصر، ومن جهة أخرى، تعمل على تمديد حالة الطوارئ لتحذر حزب الله والدولة اللبنانية من أننا رفعنا مستوى الجهوزية الى الاشارة الحمراء. مع العلم أن الرئيس الأميركي يستطيع أن يأمر قوة خاصة بتنفيذ عملية ما، ونحن نتذكر العملية النوعية التي قامت بها قوات نخبة أميركية باغتيال زعيم طالبان أسامة بن لادن. إذاً، التمديد يخوّل الرئيس، اتخاذ قرار بعمليات موضعية للحد من الخطر لكن لا يخوّله إعلان الحرب الشاملة، وبالتالي، المقصود منه الضغط الاعلامي والسياسي والدولي على لبنان”.

ولفت الى أن ” إيران لاعب أساس ونافذ على الساحة اللبنانية في وقت تعتبر الولايات المتحدة أمن اسرائيل أولوية لها وهي قاعدة متقدمة لها في المنطقة. وبالتالي، أي أسلحة تصل من ايران الى حزب الله، تجعل من لبنان بقعة متوترة بحيث أن قدرات الحزب العسكرية مرتبطة بالدرجة الأولى والأخيرة بالتمويل والدعم الايرانيين، ما يعني أن الربط أكثر من طبيعي ومنطقي بأن تلك الأنشطة تُشكّل تهديداً غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة”.

أما الوزير والنائب السابق بطرس حرب فاعتبر أن “تمديد حالة الطوارئ الوطنية في ما يتعلق بلبنان، تدبير أميركي، وهو بمثابة تحذير للأميركيين الموجودين في لبنان بضرورة اتخاذ احتياطاتهم لأن حالة البلد على الصعيد الأمني مضطربة وتهدد حياتهم، وعليهم التنبه من الخطر حولهم”، مؤكداً أن “حالة الطوارئ ترتبط بأمن المواطنين الأميركيين، ولا علاقة لنا بها، لكنها تدل على التأزم وأن لا أمل في الانفراج القريب”. وشدد على “أننا كلبنانيين نعيش حالة طوارئ دائمة”.

شارك المقال