كيف يمكن إيقاف بوتين في أوكرانيا؟

حسناء بو حرفوش

لم تسِر الأمور على ما يرام بالنسبة للرئيس الروسي بعد مضي ستة أشهر على غزو أوكرانيا، ومع ذلك لن يعترف بوتين بالهزيمة، وهذا ما يفتح الباب أمام إمكانية مضاعفة دول حلف الناتو لجهودها من أجل فرملة تقدمه، حسب مقال نُشر على موقع “ذا هيل”.

ووفقا للقراءة، “بعد أن فشل بوتين في إطاحة الحكومة الأوكرانية أو إرباك قواتها الدفاعية، علق الرئيس الروسي في حرب استنزاف طاحنة، تسوّى فيها المدن على غرار الحرب العالمية الثانية وتتعدد فيها الهجمات التي تستهدف المدنيين. ويهدف بوتين للاستيلاء على المزيد من الأراضي على طول الحدود الشرقية والجنوبية لأوكرانيا المتاخمة للأراضي المتنازع عليها بالفعل من قبل الانفصاليين الموالين لروسيا في أعقاب التوغل الروسي الذي يعود لعام 2014. ويتوقع المسؤولون الأميركيون أن تعلن موسكو عزمها على “ضم” الأراضي المحتلة، تمامًا كما فعلت مع شبه جزيرة القرم.

ونظرًا للمقاومة الأوكرانية الشديدة ضد الاحتلال الروسي، قد يستمر القتال إلى أجل غير مسمى. ولا يبدي بوتين أي اهتمام بالتفاوض على إنهاء الحرب، إما لأنه لا يزال يعتقد أنه قادر على كسر أوكرانيا، أو على الأرجح، لأنه يؤمن بأن الجمود العسكري يصب لمصلحته. وتعتمد الحسابات على التقويمات المتعلقة بقدرة الغرب الاستراتيجية على التحمل. وطالما تستمر دول حلف الناتو بتزويد كييف بالأسلحة والدعم المالي وفرض عقوبات خانقة على الاقتصاد الروسي، من المحتمل أن تتمكن أوكرانيا من الصمود أمام جارتها الأكبر والأكثر تسليحًا. لذلك، يراهن بوتين على أن التضامن الغربي سيتلاشى مع تزايد عدد القتلى في صفوف المدنيين وتزايد الضغط لاستيعاب 5 ملايين لاجئ أوكراني والتهديد بقطع الغاز الروسي الذي يغذي الطلب العام في جميع أنحاء أوروبا لتهدئة موسكو.

وقد يعتمد بوتين أيضًا على استيلاء الجمهوريين على الكونغرس هذا الخريف. فما الذي يمكن للولايات المتحدة وحلفاؤها فعله في الناتو لتخليص بوتين من فكرة أن الوقت يخدمه؟

أولاً، يجب تسريع تسليم الأسلحة المتطورة إلى أوكرانيا. وأخذ بايدن المبادرة عبر إرسال زهاء 8 مليارات دولار من المساعدات العسكرية، بما في ذلك نظام الصواريخ المحمول الذي تستخدمه القوات الأوكرانية لإحداث تأثير مدمر في مستودعات الأسلحة وخطوط الإمداد ومواقع القيادة الروسية. وتعدّ بريطانيا وبولندا أيضًا من موردي الأسلحة الرئيسيين لأوكرانيا. لكن قوتين كبيرتين في الناتو، ألمانيا وفرنسا، أظهرتا بعض التقاعس. ولاحظ الأمين العام السابق للناتو أندرس فوغ راسموسن أن فرنسا قدمت 160 مليون دولار فقط من المساعدات العسكرية، وهو المبلغ عينه الذي قدمته الدنمارك.

وثانيًا، يجب الاستفادة سريعًا من قرار السويد وفنلندا التخلي عن الحياد والانضمام إلى الناتو. ومن شأن تعزيز الجناح الشمالي لحلف شمال الأطلسي أن يعقد جهود موسكو لترهيب دول البلطيق.

ثالثًا، يجب أن يعلن حلفاء الأطلسي علنًا أنهم لن يعترفوا أبدًا بشرعية استيلاء بوتين على الأراضي في أوكرانيا (باستثناء شبه جزيرة القرم). كما عليهم أيضًا زيادة إنفاقهم الدفاعي، بما في ذلك الموارد لدعم المقاومة الأوكرانية المطولة للاحتلال الروسي.

رابعًا، على الحلفاء التحقيق في الارتكابات الروسية في أوكرانيا ولفت انتباه العالم إليها. ويستخدم بوتين التكتيكات عينها كما خلال محاربة التمرد الشيشاني عام 1999 وفي سوريا مع القصف العشوائي والضربات الجوية وهجمات صواريخ كروز. ويقوم محامون أوكرانيون وأوروبيون بجمع الأدلة لعرضها على المحكمة الجنائية الدولية. وسواء اتخذت هذه الخطوة البالغة الأهمية أم لا، يجب على وكالات الاستخبارات الأميركية مساعدة الجهود الدولية لإنشاء سجل عام لجرائم الحرب الروسية وتحديد الضباط والوحدات المحددة المسؤولة عن ارتكابها.

خامسا، يجب البحث في صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا فالاعتماد الكبير على النفط والغاز الروسي أصبح نقطة ضعف سياسية هائلة. وفي ظل الارتفاع الحاد في أسعار الوقود والتقنين والإضرابات، تخشى أوروبا شتاء قارسا ومظلما إذا أوقف بوتين الغاز.

وتفتقر الولايات المتحدة إلى البنية التحتية للتصدير من أجل استبدال الغاز الروسي بسرعة. لكن تعزيز الصادرات الأميركية بشكل مطّرد قد يساعد أوروبا على تنويع قاعدة مورديها على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، مما يحد من قدرة موسكو على تسليح احتياطياتها الهائلة من النفط والغاز. وستظهر مثل هذه الخطوات عزم الولايات المتحدة وأوروبا على الفوز باختبار الإرادة ضد بوتين. وذلك لأنه في حال نجح الأخير في قضم أجزاء كبيرة من أوكرانيا وزعزعة استقرار حكومة فولوديمير زيلينسكي الديموقراطية، فلن يتوقف عند هذا الحد. وتخشى مولدوفا أن تكون التالية على اللائحة. ويشكل توسع بوتين أكبر تهديد للسلام والأمن الأوروبيين منذ انتهاء الحرب الباردة. لكن حلفاء الناتو يمتلكون الأدوات اللازمة لإيقافه في أوكرانيا”.

شارك المقال