الحرب الأوكرانية و”الأخبار الكاذبة”

حسناء بو حرفوش

حذر مقال نشر على موقع مجلة “فوربز” الإلكتروني من أن الحرب الروسية الأوكرانية “أعادت تعريف مصطلح “الأخبار الكاذبة” بشكل جذري”، ونقل عن ماري بلانكينشيب، الباحثة في السياسات الأوكرانية “أن هناك مبالغة في تلوث المعلومات، إذ بدأ البحث بتحليل حوالي 12 مليون تغريدة لكن هذا الرقم سرعان ما تضاعف ثلاث مرات في ثلاثة أسابيع فقط، ليصل إلى زهاء 34 مليون تغريدة تؤكد على الوفرة في الأخبار الكاذبة.

ووجدت الباحثة في Brookings Mountain West أن هناك ما تسميه بتلوث المعلومات. ولكن لسوء الحظ، من الصعب جدًا تحديد ما تعنيه “الأخبار الزائفة”. وفي الأصل، كانت الأخبار المزيفة تدور على وسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص حول التضليل. ونظرًا لأن أي شخص يمتلك عنوان بريد إلكتروني قادر على إنشاء حساب على “تويتر” (Twitter)، لا توجد عملية تدقيق ولا توجد طريقة للتحقق من أي شيء ينشر.

وقد سعى موقع “Twitter” بجد لتحليل نظامه الأساسي الخاص وسيحظر أحيانًا بعض المحتوى أو يصدر تحذيرًا بشأن معلومات خاطئة محتملة، لكن الآراء غير المطلعة لا تزال تسيطر اليوم. وبمجرد إلقاء نظرة خاطفة على التغريدات حول حرب أوكرانيا، ليس من السهل معرفة من ينشر معلومات واقعية ومن يغرق المنصات بالأخبار المزيفة.

ووجدت بلانكينشيب أن مصطلح “أخبار مزيفة” يعني شيئًا مختلفًا تمامًا في هذه الفترة، مع لفت النظر لأن استخدام مصطلح “الحرب” قد يؤدي إلى عقوبة بالسجن لمدة 15 عامًا في روسيا. وتصنّف هذه الأخيرة بشكل روتيني أي معلومات حول الحرب على أنها أخبار مزيفة، مما يعني الإستيلاء على معاني المصطلح عينه. واكتشفت بلانكينشيب أيضًا أن عملاء شبكات VPN محظورون، لذلك من الصعب للغاية العثور على معلومات دقيقة لم تتم تصفيتها أو حظرها بواسطة مزودي خدمة الإنترنت.

وحسب تقرير الباحثة، هذا “تلوث للمعلومات” يحول التركيز من القضايا الفعلية إلى مناقشة ما هو حقيقي وما هو غير حقيقي، مما قد يؤخر اتخاذ القرار أو يوقف اتخاذ القرار تمامًا. وفي موقف متقلب مثل هذا، حيث تكون حياة الكثير من الناس على المحك، قد يترك حتى التأخير البسيط في اتخاذ القرار لمناقشة هذه المعلومات المضللة تداعيات خطيرة”.

ونظرًا لأن وسائل التواصل الاجتماعي هي جزئيًا شكل من أشكال اجتذاب النقرات لزيادة حركة المرور على مواقع الويب، لا يساعد وجود المئات من المواقع التي تسيطر عليها روسيا والتي قد تنشر معلومات مضللة. وهذا يعني أنه من الصعب بشكل متزايد معرفة ما إذا كان المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي والذي تؤدي روابطه إلى موقع ويب شرعيًا بالفعل.

كما تدرب مستخدمو الإنترنت على التفكير في أن الرابط يساعد على التحقق من صحة الادعاء، لكن الأشخاص الذين ينشرون معلومات مضللة يعرفون أن تصميم الويب الاحترافي هو جلّ ما يتطلبه الأمر لإقناع الناس بصحة شيء ما. وأصبحت الأخبار المزيفة الآن مصطلحًا مرِناً لدرجة أنك لا تحتاج إلا إلى حساب لإنشاء موقع ويب والبدء بنشر المعلومات المضللة.

وتقول بلانكينشيب إن التكتيك الجيد ينص على أن يقوم جيش إلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالإبلاغ عن المعلومات الخاطئة بشكل واضح على المنصات. كما تقترح أن التعليق على المنشورات غير الواعية ليس بالفكرة الجيدة، لأن الخوارزمية ستكافِئ المشاركات الشائعة، مع الإشارة إلى أن الخوارزميات ليست ذكية بما فيه الكفاية، لمعرفة أن المشاركة تأتي من أولئك الذين يختلفون مع الادعاءات.

وفي النهاية، تبدو هذه القضية الأكثر خطورة على الإطلاق: إذ أن الخوارزميات تتحكم في تدفق الأخبار. والآن وبعد تغيير مفهوم مصطلح “الأخبار المزيفة”، سلِّم تجميع الأخبار إلى برامج الروبوت التي لا يبدو أنها تميز بين الحقيقة والباطل والتي لا يحركها سوى دافع وحيد: استقطاب المستخدمين وتشجيعهم على الضغط على الروابط المنشورة”.

شارك المقال