الأهالي متمسكون بالاهراءات… ويطالبون بلجنة تقصي حقائق دولية

تالا الحريري

تصادف اليوم الخميس 4 آب الذكرى الثانية لأكبر جريمة ارتكبت بحق بيروت وهزت لبنان واللبنانيين جميعاً… حصدت أرواح الآلاف، أطفأت نور العاصمة وجعلتها أشبه بمدينة أشباح، إنّها جريمة تفجير مرفأ بيروت.

إنقضت سنتان، والأيام الخمسة التي وعد رئيس الجمهورية بأنّ يأخذ التحقيق مجراه خلالها، لم تنته حتى اليوم… وجل ما نجحت فيه الدولة اللبنانية هو تطيير قاض من هنا وعرقلة من هناك ومحاولات للتهرب وطمس الحقائق.

تُرك الملف كغيره منذ اليوم الأول، وبات يُذكر في بعض الجلسات كأنّه مشروع ما أو خطة ما ولم يستذكر أحد أهالي الضحايا الذين ينتظرون بصيص أمل يثلج صدورهم المشتعلة بنار الغضب والحقد على كل من تسبب بحرمانهم من أبنائهم وذويهم. بالنسبة الى حكام هذه الدولة 4 آب مجرّد ذكرى قد يقفون فيها دقيقة صمت على أرواح الشهداء، وهنا ينتهي كل شيء. ولكن بالنسبة الى الأهالي هي ليست مجرد ذكرى بل ذكريات وآمال تلاشت مع غبار الحريق، وفي نظرهم إنّ التحقيقات تتقدّم، وهناك وثائق كثيرة تظهر من جديد، وبات الحصول على السجل التجاري لاكتشاف من دفع ثمن النيترات، قريباً جداً.

سقوط جزء من الاهراءات منذ بضعة أيام، استفز الكثيرين، فالجزء الجنوبي لا يزال متماسكاً لكن الجزء الشمالي يهبط شيئاً فشيئاً. كما أنّ البعض رأى أن هذا المشهد مفتعل للمرة الثانية بعد التفجير لمحو أي دليل والقضاء على الشاهد. فالحريق الذي اشتعل أسفل تلك الاهراءات لم ينطفئ على الرغم من استمرار جهود إخماده لمدة 3 أسابيع وهذا ما أثار الشكوك في كون سقوطها مقصوداً، اضافة إلى القرار الذي صدر عن الحكومة في نيسان الماضي، وقضى بهدم الصوامع خوفاً على السلامة العامة على الرغم من أهمية الاهراءات لأسباب عديدة، اذ أنّ الجميع بات ينظر إليها كرمز لإنفجار 4 آب وكذكرى لهذه الكارثة التي حلّت، وليستذكر كل من رآها ما فعلت بنا السلطة، فلم تعد إهراءات قمح وحسب، بل أصبحت معلماً.

وبالنسبة الى أهالي الضحايا سقوط الاهراءات لا يفيدهم أو يضرّهم بشيء، فلا هم ولا القضاء يحتاجون من تلك الاهراءات الى أدلة، ولكن لا يمكن إزالتها والتحقيق لا يزال معرقلاً، ولذلك يتمسكون بها، وهذا هو السبب الوحيد.

ولهذه الاهراءات تاريخ، اذ بدأ بناؤها في العام 1968 ووضع الرئيس شارل حلو وأمير الكويت الشيخ صباح السالم الصباح حجر الأساس لصوامع الغلال في 16 أيلول 1968. وأنجزت عملية البناء بفضل قرض حصلت عليه الدولة اللبنانية من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية لتمويل مشروع صوامع الغلال، وانتهى البناء فيه في العام 1970 وبدأ العمل به.

لا يطالب الأهالي اليوم بتحقيق دولي بقدر ما يطالبون بلجنة تقصي الحقائق الدولية التي قام عليها العمل منذ سنة وبات الوصول إليها قريباً، فهذه اللجنة تساعد القضاء اللبناني في عمله ولا تأخذ مكانه. وكون هذه القضية قضية لبنانية من المفروض أن يحمل شعلتها الجميع كي لا تموت، لذلك من المتوقع أن يكون الحشد كثيفاً اليوم في هذه الذكرى.

شارك المقال