خطاب نصر الله… للشعبوية أو رسالة سلبية؟

هيام طوق
هيام طوق

قبل أيام من زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الى بيروت لنقل الرد الاسرائيلي على الطرح اللبناني الأخير، أكد الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله خلال إطلالته في ختام المسيرة العاشورائية المركزية في الضاحية الجنوبية لبيروت امس، “أننا نتطلع إلى لبنان القادر على منع أي يد من أن تمتد إلى ثرواته الطبيعية كما عملنا على قطع أي يد حاولت أن تمتد إلى أرضه وقراه ومدنه. نحن في الأيام المقبلة ننتظر ما ستأتي به الأجوبة على طلبات الدولة اللبنانية. يجب أن نكون جاهزين لكل الاحتمالات، ونحن في هذا الملف جادون الى أقصى درجات الجدية”.

وقال: “في الأيام القليلة الماضية سمعنا العديد من التصريحات والتهديدات تجاه لبنان، أما في لبنان فحسابنا معكم هو حساب آخر، وما حرب تموز ببعيدة، فلا تخطئوا مع لبنان ولا مع شعب لبنان، وأي اعتداء على أي إنسان في لبنان لن يبقى من دون عقاب ولا من دون أي رد”.

وفي قراءة لكلام السيد نصر الله، ينقسم اللبنانيون بين يعتبره وكأنه وصاية كاملة على الدولة ومؤسساتها، وهو من يقرر الحرب والسلم، وأن الحزب ينفذ الأجندة الايرانية في الخطاب التصعيدي خصوصاً أن لبنان ساحة مستباحة، وبين من رأى أنه خطاب طبيعي في ظل غياب الدولة، وقبل مطالبة المقاومة بتسليم سلاحها، فلنبنِ دولة وجيشاً. هذا الكلام اللبناني الداخلي لا يقدم ولا يؤخر. منذ أن أرسل الحزب المسيرات تغيرت لهجة هوكشتاين والاسرائيليين الذين باتوا هم يطالبون بالتهدئة وبالمزيد من الوقت من أجل ابرام اتفاق الترسيم. الكل يريد الدولة، لكن الى حين انشائها لا يمكن القبول بالاعتداء الاسرائيلي على أرضنا ومياهنا وسمائنا.

النائب غياث يزبك وصف الخطاب بأنه “شعبوي بكل تفاصيله”، مشيراً الى أنه “يتوجه الى جمهور وكأنه يتململ من كثرة الكلام وقلة الفعل خصوصاً من سنة 2006 الى اليوم، وهذا أصبح نهجاً متبعاً لدى الحزب الذي تحول الى ظاهرة صوتية، ولا يتحرك الا بإيعاز ايراني. وعندما يقول نحن أي بصفة الجمع يعني أنه هو قائد لبنان ويقرر مصيره، وهو من يعلن الحرب والسلم ومن يفاوض. هذا هو المسار العام الذي يمكن استنتاجه من خطاب السيد نصر الله الذي كان أقل أهمية بمضمونه من الخطر الداهم الذي يحدق بلبنان، ويأتي في سياق الخطاب المتراجع لجهة الاقناع والمنطق”.

ورأى أن “الخطاب بدا خطاب واجب، وفي أعلى درجات الارتباك، ولا يمكن أن يطمئن الداخل ولا أن يخيف الخارج”، مؤكداً أن “مصلحة ايران هي التي تقرأ وتستشف من خطاب السيد نصر الله. ليس هو من يقرر ولا الدولة انما المصلحة الايرانية ومدى تناغمها مع الأميركيين والاسرائيليين ومدى تضاربها معهم، ولبنان العملة التي تصرف في لعبة شد الحبال”. واعتبر أنه “خطاب تأسيسي لمرحلة ما بعد الصراع الكبير في المنطقة، يحاول البحث عن دور لايران في مرحلة ما بعد استخراج النفط والغاز على الحدود اللبنانية الاسرائيلية، ويريد القول انه هو من يحمي منصات الغاز، ومن يخرّبها. وفي الحالتين المستفيد هو الحزب وايران والخاسر لبنان”.

أما النائب السابق الياس عطا الله فلاحظ أن “السيد نصر الله يتصرف وكأنه السلطة فوق السلطة، ويحمّل نفسه مسؤولية الدفاع عن ثروات لبنان وشعبه، لكن من كلفه في هذا الشأن؟ هناك جيش لبناني مسؤول”، معتبراً أنه “كان من الأفضل لو بقي حزب الله على موقفه حين قال انه خلف الدولة في ملف الترسيم”. وتساءل: “هل هذا التصعيد مرتبط بمفاوضات اقليمية؟ وارد جداً خاصة بعد كلام المسؤول الايراني الأخير”.

وشدد على أن “هذا الكلام مستغرب لكن العقل اللبناني وكأنه بدأ يتأقلم مع هذه الوصاية الكاملة على الدولة ومؤسساتها. السلطة الحالية متواطئة لأنها هي التي يجب أن تقرر الحرب والسلم. يحاول الحزب أن يظهر نفسه الحامي وصاحب القرار لكن هذا جلب المصائب الى لبنان. على الرغم من كل الوضع الصعب، نرفض أن يكون هناك حزب مكلف بمصير شعب لأنه معني ككل اللبنانيين بمصير الثروات الوطنية”.

وأشار المحلل السياسي والصحافي بشارة خير الله الى “أننا لو سلمنا جدلاً بأن لدينا رئيس جمهورية يقوم بدوره على أكمل وجه في البلاد، من المفترض أن يكون هو من يضع الخطوط العريضة لملف الترسيم الحدودي لكن عندما يهدد رئيس حزب مسلح في هذا الاطار، لا بد أن نسأل عن دور رئيس الجمهورية في التفاوض خصوصاً أن الدستور منحه هذا الحق، كما منحه ابرام المعاهدات الدولية”، معرباً عن اعتقاده أن “ما قاله السيد نصر الله، رسالة سلبية لرئيس الجمهورية الذي بشرنا بأن ملف الترسيم في طريقه الى الخاتمة السعيدة. فلتخبرنا الدولة أو السلطة التي تفاوض الوسيط الأميركي أنها كلفت السيد نصر الله الدفاع عن لبنان وثرواته. انه استقواء واحتلال معلن للبلد.”

أضاف: “حزب ايران في لبنان يفتح على حسابه، فهو على الرغم من اعلانه الوقوف خلف الدولة الا أن الواقع غير ذلك. ايران تريد تحسين وضعها التفاوضي مع أميركا، والحزب ينفذ أجندتها ومصالحها، وبالتالي، الخطاب التصعيدي يصب في هذا الاطار خصوصاً أن لبنان ساحة مستباحة”.

شارك المقال