شركة “توتال” للجهاد

الراجح
الراجح

في الخمسينيات من القرن الماضي كان في لبنان انسان اسمه بطرس عيد الديب، محام مثقف ينزل كل مساء الى ساحة الشهداء حيث مكان مكتبه ويلقي موعظة على الناس المحتشدين ليسمعونه خلاصتها “أيها الانسان أنت من السمك، والى السمك تعود”، وكان من أهم عظات بطرس الديب أن يدفن الأموات في البحار توفيراً لمساحة الأراضي السكنية.

مات بطرس عيد الديب ودفن في التراب، وبعد موته بسنوات احتل موضوع السمك والبحار المكانة الأولى في العلاقات الدولية. وكاد موضوع السمك أن يشعل حرباً بين دولتين أوروبيتين واحدة صغرى هي ايرلندا والثانية كبرى (سابقاً) اسمها بريطانيا. ولم يقف الموضوع عند هذا الحد، بحيث أن معظم الدول الكبرى مشغولة ومنذ سنين بتحديد مجالها الاقليمي في البحار “حتى تم الاتفاق أخيراً وبعد عشرين أو ثلاثين مؤتمراً على مد المياه الاقليمية من 12 ميلاً الى 200 ميل”. والسبب حاجة الدول الى استغلال أعماق البحار من ثروات سمكية الى ثروات سميكة (النفط والغاز).

عبر التاريخ ظهر العديد من الأشخاص أمثال بطرس عيد الديب يدّعون النبوة ويبشرون بدين جديد ويضعون خطوطه الرئيسة وفقاً لمعتقداتهم وقناعاتهم الشخصية ومنهم الشيخ بطرس الذي راح يدعو لرسالته التي جعل محورها اقامة عالم واحد هو زعيمه ومحركه، ويدين بمذهب واحد هو “المذهب البطرسي العيدي الديبي” بحيث تمحور برنامجه الاصلاحي حول “السمك” واهتم بنواحي الحياة كافة والموت أيضاً. ولمذهب “الديب” في تقديس السمك أسباب شرحها لأتباعه وبدت منطقية ونشرتها مجلة “الاثنين والدنيا” في عددها الصادر يوم 7 أيار 1951 (من غرائب الصدف)، اذ يرى أن من العدل كما نأكل السمك ونحن أحياء أن ندعها تأكلنا ونحن أموات، كما أن في ذلك ربحاً للدولة، اذ ستوفر لها الأراضي المستخدمة في المقابر، وبهذه الطريقة سيسدد البشر الدين للسمك بعدما كان يتم أكلها منذ قديم الزمان من دون مقابل (هذا ما يطلب من شركة “توتال” للتنقيب عن النفط والغاز…)

كي لا نطيل أكثر ننهي بأن أتباع الديب أقروا المبادئ التي يؤمن بها، مؤكدين أنها زادت ايمانهم به كرجل ليس عادياً بل فذ من الأفذاذ وفلتة من فلتات الزمان وعبقري ليس له ولا يوجد مثيل له على وجه الأرض كما كتبت المجلة…

ما أشبه الأمس باليوم!

شارك المقال