فخامة الرئيسة… حلم اليقظة؟

هيام طوق
هيام طوق

منذ عقود، تحاول المرأة اللبنانية تحصيل حقوقها وإثبات وجودها في مختلف الميادين، وعلى الرغم من أنها نجحت في الانخراط في مجالات كانت تعتبر حكراً على الرجال، وبرعت وسجلت تفوقاً في بعض المهن والقطاعات الا أن وجودها في الحياة السياسية لا يزال خجولاً، وتمثيلها في مجلسي النواب والوزراء والبلديات قليل، اذ أن هناك بعض الأطراف لا يثق بقدرة المرأة في مراكز تعتبر حساسة، في حين يعتبر آخرون أن المرأة مقصرة ولا تطرح نفسها كعنصر فاعل في الحياة السياسية، وقلة من النساء تشارك في الندوات والمحاضرات السياسية أو تبدي رأيها في القضايا الوطنية الكبرى.

اليوم، على أبواب الاستحقاق الرئاسي وعشية بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية في الأول من أيلول، لا تزال الصورة ضبابية حول الأسماء المطروحة لسدة الرئاسة، ولم تتبنّ أي جهة شخصية لايصالها الى قصر بعبدا، لكن ما بدا ملفتاً في هذه الانتخابات، طرح أسماء بعض النساء مثل السفيرة اللبنانية السابقة لدى الأردن ترايسي شمعون التي لم تترشح للانتخابات النيابية السابقة، مع العلم أنها كانت قدمت استقالتها من منصبها كسفيرة بعد انفجار مرفأ بيروت احتجاجاً على أوضاع البلد.

كما جرى التداول بإسم النائبة ستريدا جعجع التي أشارت الى أنها لا تأخذ هذا الطرح على محمل الجد باعتبار أن “من يعارض وصول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى الرئاسة سيحول دون وصول أي مرشح قواتي آخر، وإذا كان هناك من حظوظ لوصول مرشح القوات إلى الرئاسة، فإن هذا المرشح هو الحكيم”.

أما رئيسة “الهيئة الوطنية لشؤون المرأة” كلودين عون روكز، فهي لا تطرح نفسها لمنصب الرئاسة، لكنها تدعم في اتجاه إطلاق لقب “فخامتِك” على إحدى السيدات. كما أن اللبنانية – الأميركية مي ريحاني التي تبنى ترشيحها بعض الأطراف السياسية في لبنان، بصدد تشكيل فريق لخوض الاستحقاق الرئاسي.

وعندما يتم الحديث عن نساء سيحاولن خوض الاستحقاق الرئاسي، يسارع كثيرون الى التهكم، ويعتبرون أن المرأة لم تتمكن من فرض كوتا نسائية في البرلمان على مدى سنوات، وأن معظم السيدات اللواتي وصلن الى الندوة البرلمانية  مقربات جداً من المتحكمين بالبلد، ولولا دعمهم لهن لما كنا حصلن على لقب السعادة، فكيف يمكن للمرأة أن تقفز قفزة واحدة نحو لقب صاحبة الفخامة خصوصاً في ظل هذه الظروف الحساسة والدقيقة والمصيرية بالنسبة الى البلد التي تتطلب شخصية استثنائية لمرحلة استثنائية، في مجتمع يعتبر ذكورياً بامتياز؟

النائب السابق غسان مخيبر، له رأي مغاير، فهو يحبذ أن تتولى سيدة سدة الرئاسة “اذا توافرت فيها شروط الخبرة والجرأة والجدارة والتموضع السياسي المفيد في هذه المرحلة”، لكنه أشار الى أن “المرأة تواجه معوقات مثل المنافسة بحيث أن الرجال المرشحين أكثر بكثير من النساء ما يخفف من حظوظهن خصوصاً في هذه المرحلة حيث تتكثف الاتصالات بين الكتل النيابية للتوافق على اسم معين، وبالتالي، فإن أي سيدة تطمح الى المنصب هي أمام منافسة شديدة”.

ورأى أن “من يعتبرون أن هذه المواصفات أي الخبرة والتجربة والجدارة لا تتوافر لدى النساء كما لدى الرجال، ليسوا على صواب لأن المطلوب البحث عن شخص مناسب لهذا الموقع بمعزل عن الجندر. على الرغم من أن الصعوبات التي تواجه النساء أكبر خصوصاً أننا في مجتمع ذكوري كما هناك جهات نافذة لن تقبل بانتخاب امرأة لرئاسة الجمهورية، لكن ذلك لا يمنع أن تفوق المرأة هو الذي يثبت وجودها. لسنا اليوم في معرض التجربة إن كان لناحية رئيس أو رئيسة الجمهورية على الرغم من امكان تفوق المرأة لأن المسؤولية كبيرة وأساسية في اعادة بناء الدولة. الأمور تتوقف على المنافسة السياسية بغض النظر عن الصعوبات الاضافية بالنسبة الى المرأة، لكن وصولها الى سدة الرئاسة ليس مستحيلاً ولا يجب أن يكون مستحيلاً”.

واعتبر أن “على المرأة أن تسعى دائماً كما المجتمع الى أن تتصدر المواقع السياسية والعمل السياسي من خلال الندوات وابداء الرأي السياسي. الموقع يأتي نتيجة نضال وعمل سياسي متراكم يثبت الخبرة والجرأة والجودة والتموضع السياسي المطلوب”، مشدداً على أن “المرأة في المجتمع الذكوري عليها أن تبذل جهوداً مضاعفة لاثبات قدرتها انما الجدارة تبقى هي المعيار الأساس إن كان رجلاً أو امرأة. لا علاقة للجندر بالفشل أو النجاح”.

أما الأميرة حياة أرسلان فأشارت الى أن “الأمور تتطور بصورة مستمرة لناحية الجندرية، وبات قريباً من المنطق والعقل والتفهم أن تصبح السيدة رئيسة للجمهورية، ولدينا سيدات (قد الحمل وبزيادة). وعادة المرأة أقل تصلباً وتطرفاً، لذلك من الممكن أن تكون هي الحل للتشنجات على الساحة السياسية”.

ولاحظت أن “حضور المرأة في المجال السياسي أصبح مقبولاً جداً”، متمنية على الأحزاب “أن تأخذ الموضوع على محمل الجد وتقرن الكلام بالفعل”. وتساءلت: “هل الرجال الذين وصلوا الى رئاسة الجمهورية أنقذوا البلد؟”، مؤكدة “أننا وصلنا الى هذا الدمار والانحدار والانحطاط على أيدي الرجال”.  وقالت: “مهما كانت المرأة غير قادرة، أجزم بأنها ستكون أكثر قدرة من الكثير من الرجال الذين وصلوا الى سدة المسؤولية، وما نعيشه في ظل هذا العهد خير دليل”.

المناضلة السياسية نوال معوشي أعربت عن اعتقادها أن “من الصعب في ظل الأوضاع التي نعيشها انتخاب رئيس أو رئيسة للجمهورية. وعلى المرشحة لموقع الرئاسة الأولى أن تكون شجاعة في قول الحق وواضحة في مواقفها من دون خوف، كما يجب أن تكون نزيهة وتتمتع بالكفاءة وبنظافة الكف وعلى دراية بالقوانين وبعمل الادارة”، معتبرة أن “المرأة تتمتع بقدرة ادارية أكثر من الرجال”.

شارك المقال