لم شمل المعارضة هل ينتج رئيساً صنع في لبنان؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

لم يعد بإمكان اللبنانيين تحمل المزيد من التلكؤ في القيام بالخطوات الدستورية الواجبة علّها تضع لبنان على سكة التعافي، وتوقف المهاترات والمناكفات واحتفالات “وز عينك” وتصريحات “فوق السطوح”، فالكل يعرف ويدرك ولا مجال للخداع بشعارات مزيفة والتلاعب بحياة الناس وكراماتهم، أن الخطر داهم ولبنان مهدد في بقائه بسبب أنانيات حكامه وأطماع أزلامه في الهيمنة والتسلط أو مشاريع تحويله الى مستعمرة إيرانية على البحر المتوسط.

لذلك، ترى مصادر في القوى التغييرية أن “الجو العام في لبنان يوحي بالحاجة الفعلية الى تمرير استحقاق تشكيل الحكومة كي لا يحدث فراغ في الرئاسة الأولى، لأن الرئاسة الثالثة بحد ذاتها فراغ، وبين الحين والآخر يهدد جبران باسيل بسحب وزرائه الذين هم بحكم المستقيلين وقانونياً عليهم متابعة مهامهم حتى تتشكل حكومة جديدة. فالبدع والاستفراد وديكتاتورية قرار باسيل تقرأ على أنها تهديد واضح، يقول إما أن تلبوا شروطي أو سأعمل على هدم الهيكل على رؤوس الجميع، ومن لا يوافق على ما أريده هو ضد حقوق المسيحيين الذين سيكون لهم موقف من تهديدهم وإضعافهم بعدم القبول برئيس مسيحي قوي يستطيع أن يفرض شراكة حقيقية. وفي الحقيقة ان هذا المنطق هو منطق المارونية السياسية التي تضعف دورها في كل مرة وتتحمل مسؤولية مصير البلد، ويدفع الموارنة ثمن الأخطاء والمناكفات السياسية لقادتهم الذين لا يفكرون إلا في مصالحهم”.

وتعتبر المصادر أن اللقاء الذي جمع نواب التغيير مع المستقلين “خطوة في الاتجاه الصحيح لتوحيد الجهود وإن جاءت متأخرة فهي خير من ألا تأتي أبداً، وكانت مطلوبة منذ فترة طويلة، للاتفاق على مواقف تتخذ بصورة مشتركة الا أن التنسيق كان غائباً مما سمح لحزب الله بتحقيق ما يريد وهو ما بدا واضحاً في جلسات مجلس النواب وانتخابات رئيسه ونائبه ولجانه ومجلس محاكمة الرؤساء، وكان ذلك مسألة معيبة لذا يجري تداركها اليوم بلم شمل المعارضة والوقوف بشجاعة للعمل المشترك على تحقيق ما يبتغيه الناخبون”.

وتشدد على ضرورة أن “الأمور لا تتحمل الأخطاء، فالانحلال ظاهر في كل الميادين والوضع غير مضبوط، والحالة الاقتصادية – الاجتماعية – السياسية – الأمنية في فلتان والاضرابات في مؤسسات الدولة التي من واجبها تأمين خدمة المواطنين معطلة من دون أي اكتراث من السياسيين، الذين لا يهمهم سير المؤسسات وإنما تمرير مصالحهم. وأمام هذا الوضع الخطير داخلياً والتطورات الخارجية التي قد تنعكس مفاعيلها على لبنان، مثل الأحداث الأخيرة في غزة وقد يدفع الشعب اللبناني فاتورتها، يجب أن يكون هناك رئيس للجمهورية. فالمجتمع الدولي اليوم منقسم ويعتبر أن حزب الله وايران يحتجزان البلد، والوضع الاقتصادي السيء قد يدفع إلى إنفجار اجتماعي كبير لن يكون على طريقة 17 تشرين، وانما قد يأخذ أشكالاً من الفلتان قد تؤدي الى حوادث يستفيد منها حزب الله والنظام السوري”.

وتقول هذه المصادر: “نحن أمام مصيرين خطرين، إما اشتعال الوضع في ظل عدم التوصل الى اتفاق بين ايران والولايات المتحدة حول النووي، أو المحاولات الروسية لجر أكثر من دولة وإغراقها في نفقها الخاص عبر التنسيق مع ايران وغض النظر عن مناكفاتها السياسية ضد أميركا والغرب حتى في لبنان وسوريا والعراق لأن هذا يساعد الروس. نحن في لبنان وضعنا سيء جداً والمهاترات السياسية بين باسيل ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي تدل على أن هذه الطبقة الفاسدة غير قادرة على إنتاج تصور لاخراج البلد من أزمته الفعلية في ظل سياسات التيار العوني، وما قدمه رئيس العهد من دعم لها، فهذا الرئيس خرّب لبنان وعلاقاته في الداخل ومع الخارج وتحديداً مع العالم العربي لأنه يعتبر أن وجوده هو في الصراع مع الطائفة السنية، وهو يقدم لحزب الله ما يقدمه نكاية بهذه الطائفة نتيجة البغض العميق الذي يحمله لها وتحديداً لأنه ضد إتفاق الطائف. ربما استطاع حزب الله سابقاً أن يفرض مثل هذه التسوية التي باتت مستحيلة جداً، والأسماء التي يحاول تسويقها هي من الصف الثالث مثل اميل رحمة الذي يرى فيه كراكوز يستطيع ايصاله الى القصر ويتحكم به كما تحكم بعون بعد أن احترقت أوراق باسيل وسليمان فرنجية، لكن بورصة الترشيحات حتى الآن هي لحرق الأسماء فالظروف لم تنضج بعد لطرح اسم حقيقي”.

وبرأي هذه المصادر التغييرية، أن “الصراع الذي فتحه حزب الله مبكراً مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي كان من أجل دفعه الى السكوت عن أي اسم يقدمه الحزب كمرشح للرئاسة ووجه اليه رسالة عبر اعتقال المطران موسى الحاج، وبالتالي فتح باب الصراع مع الكنيسة المارونية التي سحب منها البطريرك مفهوم الرئيس القوي وصاحب أكبر كتلة الى رئيس وسطي بين كل الأطراف. وحزب الله يرفض ذلك لأنه يريد رئيساً من مستوى اميل لحود أو ميشال عون، يساعده على مواجهة الحصار الذي يعيشه داخلياً وخارجياً”.

وتؤكد أن ذلك ما دفع نواب التغيير الى وعي “أهمية لم الشمل لتوحيد الآراء، فالاجتماعات قد تبقى مفتوحة وقد ينتج عنها توافق فعلي بين الأطراف المعارضة على جمع الكتل المبعثرة، وسيكون لكل المعارضين لسياسات حزب الله وعون كلمتهم في الرئيس المقبل، اضافة الى وجود كتلتي القوات اللبنانية واللقاء الديموقراطي، وعندها سيكون حزب الله غير قادر على فرض رئيس والاستفراد في طرح الأسماء. وتظهر بورصة الأسماء التي يتداول بها أن الاتجاه الأقوى هو الى رئيس يمتلك قوة في الشارع الماروني ويتقبله التيار العوني، في حال احترقت أوراق باسيل فيكون الرد بعدم دعم مرشح الثنائية المذهبية. وهذا ما ينطبق على قائد الجيش الذي يستطيع تأمين الدعم الخارجي والعربي اضافة إلى دعم الشارع المسيحي له، وهي نقطة جديدة في المواجهة المقبلة حتى مع حزب الله، ما يعني حصول توازن يفقد الحزب السيطرة على الجيش والمؤسسات وبالتالي سيكون هناك رادع لهيمنته مدعوم أوروبياً وأميركياً وعربياً، وشخصية تريح المسيحيين”.

شارك المقال