موسم السياحة في طرابلس ينطلق بمباركة “ميقاتية”… وعقبات!

إسراء ديب
إسراء ديب

أثبتت محطات تاريخية عدّة أنّ طرابلس كانت ولا تزال المدينة الصامدة التي تقوم “من بيْن الأموات”. فهذه المدينة التي شهدت على أحداث كان يُمكنها القضاء عليها كلّياً منذ الثمانينيات وصولاً إلى يومنا هذا، تُشدّد اليوم على أنّها تُريد الحياة وترغب في نفض غبار الأزمات الدموية التي وضعت بصمة لا يُمكن إزالتها بسهولة عنها، وذلك من خلال السعي إلى إطلاق الحركة السياحية فيها عبر انطلاق حملة “أهلا بهالطلة” ومهرجان “عنا الحلا كلو”.

ولم تكن الزيارة التي قام بها عدد من الاعلاميين اللبنانيين إلى طرابلس لافتتاح حملة “أهلا بهالطلة” مستغربة أو غير متوقّعة، فهي خطوة عملية تُسهم في تكريس هذه الحملة إعلامياً، من خلال دعم الموروث الثقافي والتاريخي الذي تتمتّع به هذه المدينة التي لم تلقَ دعماً رسمياً واضحاً لها منذ أعوام، أمّا مع هذه الحملة التي تأتي برعاية وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار وبالتعاون مع جمعية “العزم والسعادة” أيّ بتوجيهات الرئيس نجيب ميقاتي شخصياً ومباركته، فلا يُمكن تجاهلها أو تخطّي قيمتها أقلّه على المستوى الاعلامي أو المعنويّ، في ظلّ تنفيذ مخطّط سياحيّ واضح بدأ يوم 15 آب وينتهي في 15 أيلول.

ومع اقتراب انتهاء شهر آب، أيّ قبيل انتهاء الموسم السياحي في لبنان عموماً والذي كانت قد “تنعمت” به مدن أخرى، يُمكن القول انّ السياحة في هذه المدينة ينطبق عيها القول الآتي “أن تأتي متأخراً خير من ألّا تأتي أبداً”. وعلى الرّغم من التعويل على هذه الخطوات السياحية التي تحتاجها المدينة أخيراً، إلا أنّها تبقى “غير مكتملة العناصر”، وفق ما تقول مرجعية سياحية طرابلسية لـ “لبنان الكبير”.

تُؤكّد هذه المرجعية أنّ المدينة التي كانت اختيرت بقرار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم Alecso، عاصمة للثقافة العربية في العام 2023 بلا تفعيل للقرار بصورة دقيقة ومن دون خطوات عملية واضحة حتّى اللحظة، وتتنوّع فيها المعالم والأنشطة التي تسمح لها بالانضمام بثقة إلى الخارطة السياحية في البلاد، لا يُمكن التنبؤ بخروجها من “قوقعتها” التي فرضتها القوى السياسية الطرابلسية عليها منذ أعوام، وهي قد تُواجه عقبات أبرزها يصدر عن المدينة نفسها.

وتقول: “لبنان العاجز عن تشكيل حكومة تتوحد من أجلها الأطراف السياسية إنقاذاً للوضع، لن يتمكّن من اتخاذ أيّ قرار فاعل ضمن إطار حكومة تصريف الأعمال، فقد تكون هذه المبادرة ناجحة لكنّ نتائجها لن تستمر إلى المدى المتوسط أو البعيد، فالقطاع السياحي يجب القيام بدعمه وتأسيسه على أرضية صلبة كيّ يستمر بتداعياته مالياً وسياحياً، أمّا الحملة التي ستكون ناجحة قطعاً نظراً الى دعمها رسمياً، لكنّها لن تثمر النتيجة المطلوبة التي تحتاجها المدينة للخروج من عنق الزجاجة، فما تحتاجه طرابلس اليوم هو إعادة ترميم بعض مقوّماتها وإنقاذ أخرى، فإذا كانت قلعة طرابلس جميلة وجاذبة للسياح، فالحقيقة أنّ الجيش هو من يستقبلك فيها بعناصره المتواجدة بصورة دائمة داخلها، ما سيشعر السائح لا سيما الأجنبي بخطر ما على الرّغم من انتهاء عصر المشكلات أو الأحداث العسكرية والأمنية منذ أعوام. والأمر نفسه ينطبق على الملعب الأولمبي الذي لم تستفد منه طرابلس، إضافة إلى معرض رشيد كرامي الذي افتتحت الحملة منه وبات مخصّصاً إمّا لبعض المؤتمرات السنوية (إنْ حدثت)، أو لتصوير الأفراح مثلاً، ما أفقده قيمته بقدر حجم الإهمال الذي تشهده أبنيته الهندسية الفائقة الجمال…”. وتشدّد المرجعية على أنّ “طرابلس جميلة وتملك خزاناً تاريخياً رائعاً لا يُعدّ ولا يُحصى ولا يُقدّر بثمن، لكن في الوقت عينه كان يحتاج إلى عناية، وبدلاً من القيام بدعم التأهيل، يقومون بدعوة الاعلاميين مع أن هذه الزيارة أو الجولة لم تكن الأولى من نوعها إلى المدينة، كما لا ننسى أزمة النفايات وأزمة عدم وجود فنادق مناسبة وهذا ما يُفسر ابتعاد حتّى المغتربين الطرابلسيين الذين باتوا يلجأون إلى فنادق أو منتجعات موجودة خارج طرابلس وذلك هرباً من أزمة الكهرباء والمولّدات من جهة، ولعدم إيجادهم فندقاً سياحياً مناسباً فيها من جهة ثانية”.

في الواقع، تلفت هذه المرجعية إلى أنّ “بعض المتابعين والإعلاميين المدعومين سياسياً شمالاً، يُشعرونك وكأنّ زيارة الاعلاميين إلى طرابلس (رح تشيل الزير من البير) أو كأنّ المدينة فضائية وهبطت إلى الأرض وتحتاج إلى من يتعرّف عليها، وألّا يخشى منها، فمن قال لهم انّ طرابلس بعبع وعليهم الاحتراس منها؟”، مؤكدة أن “طرابلس تحتاج إلى تسليط الإعلام الضوء على مقوّماتها السياحية وهي موجودة لكنّها ضعيفة إعلامياً، وبالتالي على التقارير الإعلامية التركيز على أبرز المعالم مع ذكر نقاط ضعفها وقوّتها لحثّ الوزارات المعنية على التدخل، وبعد التدخل سيكون لكلّ حادث حديث”.

ووفق ما يقول مرجع سياسي في طرابلس لـ “لبنان الكبير”: “إنّ المواطن الطرابلسيّ الذي أنهكته الأزمات حالياً، يعشق هذه الخطوات إن سمحت له الظروف بالانتساب أو الانضمام إليها، لكن حبذا لو قام المعنيون بالتركيز على ملفات (بهدلت) الطرابلسي حرفياً، بدءاً من قضية المولّدات أو أزمة البلدية وصولاً إلى أزمة عمّال البلدية الذين لجأوا إلى مفتي طرابلس والشمال محمّد إمام وهم يُهدّدون محافظ طرابلس والشمال بعدم السماح له بالدخول إلى طرابلس والسرايا إنْ لم يدع الى جلسة انتخاب رئيس للبلدية… أيّ كلّ القضايا التي تُمثل طرابلس والطرابلسيين، وباختصار لا سياحة من دون دعم الطرابلسي المقهور”. ويضيف المرجع السياسي: “يجب استكمال هذه الحملة بخطوات عملية إنْ أراد المعنيون دعم طرابلس، ففي الواقع كبتوها لأعوام، والآن ومع عدم قدرة ميقاتي على تشكيل الحكومة، نطرح تساؤلات: لماذا تحرّك المعنيون لدعم مدينة ميقاتي في هذه المرحلة الحرجة وطنياً؟ وهل هي مبادرة لحفظ ماء الوجه بعد تنديدات ورفض طرابلس (عامة) لحكومة ميقاتي وإنجازاتها في الفترة الأخيرة؟”.

شارك المقال