أردوغان عميل مزدوج لحرب أوكرانيا؟

حسناء بو حرفوش

بينما يكافح الغرب لفهم موقف تركيا وعملها على طرفي الحرب الروسية – الأوكرانية، يعبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطاً رفيعاً باعتباره عميلاً مزدوجاً، حسب مقال في موقع “بوليتيكو” (Politico). وحسب المقال، “لا شك في أن السؤال الذي يلوح في بال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتمحور حول ولاء أدروغان نفسه. ومن ناحية أخرى، لدى زيلينسكي أسباب للتعبير عن الشكر للزعيم التركي.

ويحاول أردوغان تقديم نفسه كوسيط قوي محايد في البحر الأسود، حيث يتوسط بين روسيا وأوكرانيا للسماح باستئناف صادرات الحبوب من الموانئ المحاصرة. كما أن شركة تركية، أحد مديريها التنفيذيين هو صهر أردوغان، هي مورد الطائرات التي أعطت القوات الأوكرانية دفعة حاسمة في ساحة المعركة، مما أثار غضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. بالإضافة إلى ذلك، أغلق أردوغان البحر الأسود أمام التعزيزات البحرية الروسية عبر مضيق البوسفور.

ومن ناحية أخرى، تواجه تركيا اتهامات باستغلال الحرب أو بالأحرى العقوبات للتهرب من الحظر الدولي لمصلحتها الخاصة. كما أثار ارتفاع منسوب التجارة بين تركيا وروسيا واعتماد البنوك التركية نظام الدفع الروسي منذ إندلاع الحرب الكثير من التكهنات. ومع ذلك، يبدي العديد من الدبلوماسيين الغربيين تسامحاً أقل بشأن لعبة تركيا المزدوجة، بحيث اشتكى مبعوث من إحدى دول الاتحاد الأوروبي من أنه لا يمكن لأحد أن يكون مع كلا الطرفين في حرب كهذه، فما بالك بعضو في الناتو؟

عدا ذلك، تمتلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نقاط نفوذ على تركيا، التي تتهمها اليونان بالفعل بالهجوم العسكري المحفوف بالمخاطر بصورة متزايدة على خلفية الغارات المقاتلة فوق بحر إيجه ودفع المهاجرين إلى مياهها. كما لا يريد الغرب أن يعود أردوغان الى استخدام حق النقض ضد انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو. وفي الوقت الحالي، تراقب بروكسل وواشنطن ببساطة تحركات أنقرة.

وتشعر الشركات الأوروبية بالقلق من مخاطر السمعة التي تجلبها التجارة مع روسيا، حتى عندما يتعلق الأمر بالسلع غير الخاضعة للعقوبات. وتستخدم تركيا كقاعدة تصدير لاعادة إمداد روسيا، وفي حين أن هذا قد يثير أسئلة أخلاقية، لا يتعلق الأمر بالتهرب من العقوبات في حد ذاته. ومع ذلك، يقول الخبراء إن تركيا تقف في منطقة رمادية، وهناك مخاوف من أنها تساعد روسيا في الالتفاف حول القبضة المالية المفروضة عليها.

(…) وبينما يركز الجميع على الصين، تركيا أكثر جرأة وإصراراً على تحقيق التوازن حقاً في ما يتعلق بما هو قانوني وما هو غير قانوني. وقال مسؤول كبير سابق إن تركيا، التي تستفيد من الوصول المميز إلى سوق الاتحاد الأوروبي عبر اتحادها الجمركي المعفي من الرسوم الجمركية مع بروكسل، طوّرت سمعتها كخط أمامي للتهرب من العقوبات. ومع ذلك، حذر من أن التهرب الحقيقي غالباً ما لا يتم تصويره في الشكل التجاري الرسمي. واتفق بوتين وأردوغان في وقت سابق من هذا الشهر على تسوية بعض تجارتهما بالروبل.

وترفض تركيا نفسها المخاوف الغربية ومع ذلك، أقر المسؤول بأنها تقوم بذلك بحذر شديد. كما أن أنقرة ببساطة لا تستطيع تحمل قطع العلاقات مع موسكو. وحسب الباحث يفغينيا جابر، “تعتمد تركيا على روسيا بعدة طرق مختلفة حيث وفرت الأخيرة حوالي ربع واردات تركيا من النفط وما يقرب من نصف احتياجاتها من الغاز الطبيعي في العام 2021، كما تسيطر موسكو أيضاً على محطة أكويو للطاقة النووية التركية”. وقال جابر إن أي أزمة في العلاقات التركية – الروسية من شأنها أن “تأتي بنتائج عكسية على الفور وتخلق الكثير من المشكلات لأردوغان قبل الانتخابات”. أما الفوائد السياسية فلا تقل أهمية، بحيث يحاول أردوغان التطلع إلى الخارج للمساعدة في حل مشكلات بلاده.

وتضغط الدول الغربية على تركيا لتجنب التحايل. والآن وبعد أن ضاقت المساحة السياسية للغرب لفرض عقوبات جديدة على روسيا، يتحول التركيز أكثر إلى ضمان تطبيق العقوبات الحالية. أما إذا تمكن الغرب من إثبات أن تركيا تتهرب من العقوبات، فيمكن لواشنطن أن تخطو خطوة إلى الأمام بقطعها عن الدولار عبر عقوبات ثانوية”.

شارك المقال