تعليق المشانق أمام بلدية طرابلس… ولا نصاب لانتخاب رئيس

إسراء ديب
إسراء ديب

لم تتمكّن مدينة طرابلس التي احترق المبنى الخاصّ بها “بليلة ما فيها ضوّ قمر” من جمع “شتاتها” بعد، وقد اشتدّت أزماتها خلال الأشهر القليلة الماضية واصطدمت بملفات عديدة لم تكن في الحسبان، ووصلت إلى ذروتها خصوصاً بعد قيام بعض الأعضاء بسحب الثقة من رئيسها رياض يمق في الأوّل من شهر آب الجاري، مروراً بتكليف محافظ طرابلس والشمال القاضي رمزي نهرا أحمد قمر الدين القيام بمهام رئاسة البلدية إلى حين انتخاب رئيسٍ جديد، في خطوة لم تكن غريبة أبداً على القاضي نهرا بينما تتخبّط المدينة بهذا الملف الذي بات يُشكّل خطراً على مصير طرابلس وأهلها، وصولاً إلى “تغيّب” مقصود من بعض الأعضاء عن الحضور إلى جلسات انتخاب رئيس ونائب رئيس جديد للبلدية.

وفي المعطيات، فإنّ عدداً من الأعضاء الذين لم يحضروا إلى الجلسة، كانوا رفضوا يمق وقمر الدين في وقتٍ سابق، ولعبوا دوراً رئيساً لإسقاط الأخير، ولكن يرصد مقرّبون منهم عدم اتخاذهم مساراً موحداً في هذه الأزمة، مقابل وجود مجموعة وهي التي حضرت تلتزم في عملية الانتخاب، الحضور والاختيار، في ظلّ استمرار عملية التفاوض غير المعلنةـ، ليبلغ عدد المرشحين لرئاسة البلدية حتّى اللحظة 4 مرشحين.

وللمرّة الثانية على التوالي، لم يكتمل النصاب في جلسة الانتخاب التي دعا إليها نهرا، ولم يحضر سوى 10 أعضاء من المجلس، وهم الذين كانوا تواجدوا في الجلسة الماضية، الأمر الذي أغضب عمّال البلدية الذين كانوا رفعوا الصوت في اعتصامات احتجاجية مستمرّة منذ أكثر من 4 أيام أمام القصر البلدي للمطالبة بالإفراج عن مستحقّاتهم وانتخاب رئيس لبلدية طرابلس في أسرع وقت ممكن. كما دعوا أعضاء المجلس إلى ضرورة الحضور إلى الجلسة كيّ يكتمل النصاب و”تعود الحقوق الى أصحابها”، لكن يبدو أنّ العمال قد خاب ظنّهم بعدم اكتمال النصاب في الجلسة، ما دفعهم إلى اتخاذ قرار بالتصعيد.

وفي التفاصيل، رفع عمال البلدية المشانق وحملوا التابوت، كما رفعوا شعارات عدّة للمطالبة بحقوقهم وكتبوا عن “موت ضمير المسؤولين والمعنيين”، وذلك بالتزامن مع الجلسة التي عقدت عند الساعة الحادية عشرة قبل الظهر في مكتب المحافظ في سرايا طرابلس، حيث قاموا بقطع الطريق أمامها بغضب شديد، مؤكّدين أهمّية تحرّكاتهم التصعيدية، في وقتٍ يتحدّث فيه بعض المتابعين عن أنّ هذه التحرّكات باتت “مشبوهة” و”مدسوسة” في ظلّ الأزمة التي تُعاني منها البلدية في وقتٍ حرج.

ويردّ نقيب العمّال في بلدية طرابلس عمر دلال على هذه الأقاويل، بالقول: “نريد أن نأكل ونريد حقوقنا وإلى من (يتفصحن) ويتحدّث أنّنا مأجورون (يجي يطعمينا هو)”.

ويُشدد في حديثٍ لـ “لبنان الكبير”، على “أننا مستمرون بالإضراب وسنحمّل المسؤولية للأعضاء الذين لن يحضروا الجلسة، لأنّهم يُدمّرون طرابلس بهذا الأسلوب، فألف عائلة طرابلسية تعيش من هذه البلدية، وهي عائلات عاجزة عن الأكل والشرب بسبب التعطيل الحاصل… فليتحمّلوا مسؤولية ما يحدث وما سيحدث”.

وعن مصير تحرّكاتهم في الأيّام المقبلة، يوضح “أننا متجهون إلى منزل وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي لمطالبته، فهو الوحيد الذي يقف إلى جانبنا، وسنعلمه بأهمّية حلّ المجلس البلدي لأنّنا لا نريده وليُسلّمه إلى من يُريد”.

بدوره، يعتبر رئيس الاتحاد العمالي في الشمال شادي السيّد أن الأعضاء يجب أن يحضروا الى الجلسة، “لأنّ الوضع سيسوء حرفياً والعمال يُريدون مستحقاتهم بين عمال، موظفين ومياومين”، متمنياً “أن يحضر جميع الأعضاء وتحلّ هذه الأزمة الصعبة”، حسب ما يقول لـ “لبنان الكبير”.

تفاصيل الجلسة

بعد إبلاغ جميع أعضاء البلدية بحضور الجلسة، من خلال إشعار رسمي من قوى الأمن الداخلي أيّ من المخفر، تُشير معطيات “لبنان الكبير” إلى أنّ المحافظ سيقوم بدعوتهم إلى جلسة ثالثة، لكنّ الأعضاء العشرة الذين تواجدوا في الجلسة، تحدّثوا معه عن الصيغة التي أبلغوا بها، إذْ شدّدوا على عدم وجود داع لتكون الدعوات متباعدة بهذا الشكل، “حيث لم يُدرك الأعضاء سبب أخذ الدعوات كلّ هذا الوقت أيّ من الاثنين الماضي إلى يوم الخميس، وأنّ الدعوى الموقّعة لديه كانت بتاريخ 2 من الشهر الجاري، فيما استلموها في 17″، لافتين إلى أنّهم في المدينة نفسها، أيّ أنّ لا داع لدعوتهم عن طريق المخفر، بل عبر أمانة المجلس البلدي مباشرة، “الا أنّ نهرا تحجّج بغياب الرئيس، لكن هو لديه السلطة فيُمكنه إبلاغهم، وذلك منعاً لتضييع الوقت… فهز رأسه بعد إنصاته إليهم”.

كما تلفت المعلومات إلى أنّهم أكّدوا أمامه أنّ قراره تكليف الأكبر سناً هو قرار غير رسمي وغير قانوني، لأن هذا القرار لم يُبلّغ لوزير الداخلية ولم تُرسل نسخة منه إلى الوزارة ولم يحصل على موافقة الوزير، أضف إلى ذلك أنّه بعد موافقة وزارة الداخلية من المفترض أن يُبلّغ هذا القرار لأعضاء المجلس البلدي للموافقة عليه.

وفي السياق، يعترض عضو المجلس البلدي خالد تدمري على القرار، قائلًا لـ”لبنان الكبير”: “المسألة وضعناها برسم الرأي العام وسنقدّم شكوى الى وزارة الداخلية بهذا الخصوص، ومن المفترض أن نحضّرها ونرسلها كمجموعة في أقرب وقتٍ ممكن، فاليوم أعلنت عبر الاعلام الذي سيوصل الشكوى إلى الوزير، لكن خطياً سنحضّرها بالتأكيد استناداً الى المواد القانونية المعمول بها”.

وينفي تدمري حصول تدخلات سياسية تمنع حضور بعض الأعضاء، “بل هناك ترفع من المسؤولين تجاه هذا الملف، ولم نرَ أيّ مبادرة سياسية للمّ الشمل، وعلى أمل أن تذلّل العقبات وأن يقوم الأعضاء بواجبهم، فالبلدية بالنسبة إلى المدينة هي حكومتها المحلّية، والبلدية معطّلة وأصبحت على سرير الموت بوجود بعض الأعضاء الذين لم يحسموا خيارهم حتّى بورقة بيضاء احتراماً للعملية الديموقراطية”.

أمّا عن قمر الدين، فيوضح مصدر بلديّ، أنّه لم يتمكّن من القيام بأيّة مهام في البلدية، إذْ “تمّت مواجهته برفض الموظفين له، لأنّهم اعتبروا أنّه جاء بلا تكليف رسمي، كما لم يتمكّن من التوقيع على أيّة معاملة، لأنّ توقيعه يبقى غير معترف به بغياب مسوّغ قانوني، حتّى أنّ العمال أعلنوا رفضهم الانصياع الى أيّ أمر من أوامره وكذلك الموظفون الذين أغلقوا مولّدات البلدية والأبواب وتركوه بمفرده”، وفق المصدر الذي يرى أنّ تواجده مخالف للقانون بغياب قرار الموافقة من وزير الداخلية.

شارك المقال