التأليف… خلق أجواء ضاغطة لمكاسب سياسية

هيام طوق
هيام طوق

على الرغم من استمرار حرب البيانات بين الرئاستين الاولى والثالثة، وعلى الرغم من الرد السلبي من قبل القصر الجمهوري على الطرح الذي قدمه الرئيس المكلف نجيب ميقاتي خلال لقائه الاخير مع رئيس الجمهورية ميشال عون، لفتت مصادر مقربة من ميقاتي لموقع “لبنان الكبير” الى انه “من المتوقع ان يزور الاخير، بعبدا خلال الساعات المقبلة مع التأكيد ان النقاش الحالي يتمحور حول وزيري الاقتصاد والمهجرين، وان مسألة ابقاء وزارة الطاقة مع ” التيار الوطني الحر” لم تُحسم نهائيا بل هي قيد النقاش مع العلم ان طرح زيادة 6 وزراء على الحكومة مستبعد لأن التشكيلة التي قدمها ميقاتي في 29 حزيران الماضي تشكل منطلقا اساسيا للنقاش مع تعديلات طفيفة جدا”.

وفيما تشير المصادر الى ان الساعات الماضية شهدت حركة اتصالات متسارعة بعيدا عن الاعلام لتضييق فجوة الخلافات بين الطرفين المعنيين بالتشكيل، على أمل التأليف بأسرع وقت ممكن، لفتت المعلومات الى ان دولاً كبرى دخلت على خط التأليف ومنها فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، وشكلت نوعا من الضغط على الافرقاء في الداخل لتشكيل حكومة كاملة المواصفات لتواكب الاستحقاقات المرتقبة ومنها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وملف الترسيم البحري الحدودي بين لبنان واسرائيل بحيث يتوقع المتابعون للملف ان يحمل الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين جوابا ايجابيا من الجانب الاسرائيلي خلال زيارته المرتقبة آخر الشهر الحالي مما يعني إمكانية حصول الاتفاق بين البلدين، وسط معلومات تتحدث عن انه أبلغ الجانب اللبناني بضرورة أن يتم الاتفاق بوجود حكومة كاملة الصلاحيات.

وبغض النظر ان كان ملف الحكومة سيسلك مساره نحو التشكيل او التعطيل، فلا بد من التساؤل: لماذا هذا الضغط الداخلي والخارجي على التأليف؟ وهل للاطراف في الداخل مصلحة في ذلك وسط الحديث عن فراغ على مستوى الرئاسة الاولى؟ وهل فعلا تضغط الدول الفاعلة مثل فرنسا والولايات المتحدة الأميركية في هذا الاتجاه مواكبة لملف الترسيم البحري ولكي لا يكون في الاتفاق أي ثغرة؟

اعتبر نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي ان “مسألة تشكيل الحكومة أمر ضروري خصوصا انه لا يتوافر التوافق على رئيس الجمهورية المقبل”، لافتا الى ان “الاستعجال في التشكيل يأتي تحت عنوان المصلحة الوطنية العامة، لكن الغاية ليست المصلحة العامة انما محاولة من قبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تشكيل حكومة قبل نهاية ولاية العهد الحالي، على أمل ان تكون موازين القوى فيها شبيهة بموازين القوى التي كانت سائدة لناحية حصة باسيل فيها خصوصا ان هذه الحكومة ستتسلم إدارة البلد في ظل الفراغ الرئاسي. ويأمل فريق العهد ان يكون الحضور الباسيلي العوني فاعلا فيها كما لو ان رئيس الجمهورية موجودا”.

ورأى “انهم يحاولون خلق أجواء ضاغطة لضرورة التشكيل في وقت كان بالامكان تبني الحكومة الحالية عينها، لكن من دون ابقاء وزارة الطاقة مع التيار الوطني الحر. وهنا لا بد من الاشارة الى ان التعطيل يهدف الى ابقاء هذه الوزارة معهم، لكن يخطئ الرئيس ميقاتي بإعادتها اليهم”.

وقال: “الجو العام ضاغط، ولا شك ان الدول الفاعلة تريد حكومة كاملة المواصفات، لكن في النتيجة، فإن الغاية من كل هذه المعمعة، الضغط على الرئيس المكلف لتشكيل حكومة تكون موازين القوى فيها شبيهة بموازين القوى التي كانت سائدة”، مؤكدا ان “التشكيلة الحكومية لا علاقة لها بملف الترسيم وامكانية توقيع اتفاق بين لبنان واسرائيل اذ انه يتم اقتراح قوانين في ظل حكومة تصريف الاعمال كما لو ان الحكومة فاعلة”.

من جهته، أشار النائب السابق عماد واكيم الى ان “اللبنانيين بحاجة ماسة لحكومة كاملة الصلاحيات يمكنها اتخاذ القرارات وتعمل في هذه الظروف الصعبة”، معتبرا ان “التيار الوطني الحر يعمل وفق السيناريو التالي: تعطيل الانتخابات الرئاسية طالما حظوظ باسيل معدومة. الضغط نحو تشكيل حكومة يحسّن فيها شروطه للحصول على حصة وازنة وفاعلة، ويكون باسيل ممثلا شخصيا فيها. وبالتالي، يكون كرئيس ظل من داخل الحكومة في مرحلة الفراغ الرئاسي. لكن حتى الآن، لم يوافق الرئيس ميقاتي على هذه التركيبة”.

ولفت الى ان “التيار الوطني الحر يقول شيئا ويفعل شيئا آخر، وهو يناور في السياسة. تعوّدنا على أكاذيبه التي يحاول من خلالها ازالة المسؤولية عنه”، معتبرا ان “كل ما يحكى عن علاقة التشكيل بملف الترسيم، لذر الرماد في العيون، لأن هدف التأليف الاساسي في مكان آخر”، مشيرا الى انه “من الواضح حتى الآن عدم انتخاب رئيس جمهورية ولا تشكيل حكومة جديدة”.

أما الوزير السابق رشيد درباس، فأكد ان “كل الاطراف لديها مصلحة في التأليف على الرغم من مكابرة بعضها ومحاولة احراز مكاسب خصوصا ان الجميع يرى في الافق فراغا على مستوى الرئاسة الاولى. لذلك، يجب التكيّف مع حكومة، ومن الافضل ان تكون حكومة كاملة الصلاحيات تتسلم زمام الحكم. انها المرحلة التي تلتقي فيها مصالح الاطراف على الرغم من تباعد منطلقاتها الى تشكيل حكومة، لكن لا يجوز تكبير العضلات”، مشيرا الى ان “الكل ينتظر موافقة اسرائيل على تراجعاتنا في الحدود البحرية”.

شارك المقال