لقاء بعبدا… مسار التأليف راوح مكانك

هيام طوق
هيام طوق

صُنف اللقاء الرابع الذي جمع رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي أمس، بالاستثنائي لناحية تحديد مسار التأليف الحكومي، إلا أن وقائع اللقاء ومجرياته تؤكد أنه طبق الأصل عن اللقاءات السابقة بمعنى أنه حركة بلا بركة، ونتيجة التشاورات يمكن وضعها في خانة راوح مكانك.

وأكدت مصادر الرئيس ميقاتي أنه زار القصر الجمهوري ليجري محاولة أخرى في التشكيلة الحكومية، لابعاد تهمة التعطيل عنه، وأظهر ليونة كبيرة في النقاش حتى أن فجوة الخلاف بين الرجلين باتت ضيقة جداً ولا يجوز التوقف عندها في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها البلد. على سبيل المثال، رضي ميقاتي بأن تبقى وزارة الطاقة مع “التيار الوطني الحر”، وأبدى ليونة كبيرة تجاه حقيبتي المهجرين والاقتصاد حتى أنه لم يعارض ابقاء الوزير عصام شرف الدين خصوصاً اذا صحت المعلومات التي أشارت الى أن رئيس الحزب “التقدمي الاستراكي” وليد جنبلاط يتحفّظ عن تغييره منعاً لأي تفسيرات لا يريد أن يتورّط فيها شخصياً. كما عرض على رئيس الجمهورية البحث في إسم وزير الاقتصاد على أن يكون من عكار، إلا أن كل هذه الليونة لم تلق قبولاً من فريق القصر الجمهوري ما يعني أن هدفه ليس تشكيل حكومة كما يصرح في العلن انما العرقلة، والابقاء على حكومة تصريف الأعمال لأن في رأسه موالاً يريد أن يغنيه، أصبح واضحاً أمام الجميع. أما صيغة توسيع الحكومة وتطعيمها بستة وزراء دولة يضافون الى تركيبة الـ24 القائمة اليوم، فغير واردة بالنسبة الى الرئيس ميقاتي لأنها تفتح الباب على سجالات ومطالبة بالحصص في ظل تعدد التكتلات النيابية خصوصاً أن الوقت بات ضاغطاً جداً.

واستغربت الأوساط تمسّك باسيل بوزير الاقتصاد أمين سلام بعد الوصول الى مرحلة ضاقت فيها فجوة الخلافات الى حدها الأدنى، ولم يكن مستبعداً انفراج سريع يفضي إلى ولادة حكومة جديدة خلال أسبوع، لكن أجواء اللقاء أمس في بعبدا وإن لم تقفل باب التشكيل الا أنها لا ترقى الى مستوى التفاؤل. وحين يقول الرئيس ميقاتي ان للحديث صلة يعني أن الامور تراوح مكانها ولا تقدم .

وفي هذا الاطار، رأى النائب أيوب حميد أنه “لا يجوز أن نكون متشائمين خصوصاً أن الرئيس ميقاتي قال: للحديث صلة، أي هناك متابعة للنقاش. من حيث المبدأ، اقتراح الرئيس ميقاتي لم يتم التوافق عليه مع الرئيس عون لكن الوقت أصبح ضيقاً، وما علينا سوى الانتظار على أمل أن تسجل الايجابية بين يوم وآخر”، معتبراً أن “الحكومة كان يجب أن تتشكل امس قبل اليوم واليوم قبل الغد في ظل الظروف الصعبة، كما أنها مهمة لقطع اللغط الدستوري بعد شغور موقع الرئاسة الأولى. نحن محبذون أن تتشكل الحكومة وبأسرع وقت ممكن”.

وأشار الى أن “من المفترض أن يكون التعامل مع رئيس واحد للبلاد وليس مع رئيسين. وهذا ما حذرنا منه قبيل انتخاب رئيس الجمهورية”، متمنياً “أن يكون التواصل مباشراً وألا تكون هناك معوقات أو تشويش على ما يتم التفاهم عليه بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف”.

أما النائب وليد البعريني، فأكد أن “اللقاء لا يوحي بالايجابية أو التفاؤل انما التفاؤل الحذر، ولا شيء محسوماً حتى الآن خصوصاً أن هناك أطرافاً لديها مطالب كثيرة، وتشترط الحصص والمكاسب في ظل هذه الأوضاع الصعبة جداً مع العلم أن الرئيس ميقاتي يبدي ليونة لتسهيل الولادة”، مستغرباً “أن يتم التوافق بين الرئيسين على شيء ثم بعد ساعات تتغير الاجواء”.

وأسف لـ “غياب الروح الوطنية والتعاطي مع الاستحقاقات الدستورية انطلاقاً منها، وأن تتحول الحكومة الى مطية للاستحقاق الرئاسي”، متسائلاً: “هل تجوز المطالبة بتوسيع الحكومة الى 30 وزيراً في ظل هذه الظروف بحيث يتحول كل وزير الى رئيس للجمهورية في حال الفراغ الرئاسي؟”.

ولفت الى أن “الرئيس ميقاتي يقوم بما عليه، ويزور القصر الجمهوري في محاولة منه لسد الثغرات وحل العقد، وعلى الرغم من تفاؤل بعض الزملاء بولادة الحكومة خلال يومين، فيمكن وصف ما يحصل على صعيد التشكيل بأن القصة ليست قصة رمانة انما قلوب مليانة”.

تشكيل الحكومة لا يتوقف على الأسماء التي ليست سوى حجة للتعطيل، بحسب ما أكد الوزير السابق فارس بويز، معرباً عن اعتقاده أن “هناك من لا يريد تأليف حكومة كي تبقى هذه الحكومة منقوصة الصلاحيات، وتبرر عدم تسليم السلطة. اللجوء الى طروحات وتبديل أسماء ليست الا حججاً اذ هناك نظرية تسوق بأن الحكومة ان بقيت حكومة تصريف أعمال، فهي غير مكتلمة الصلاحيات. وفي حال حصل فراغ في سدة رئاسة الجمهورية، فهذه الحكومة لا تستطيع أن تستلم الحكم. فيما هناك رأي آخر معاكس تماماً يقول ان حكومة تصريف الأعمال طبقاً لمنطق الضرورات تبيح المحظورات، تستطيع أن تمارس صلاحيات عادية وطبيعية”.

وشدد على أن “كل العراقيل التي تواكب تأليف الحكومة ليست الا عراقيل تهدف الى عدم السماح لحكومة تصريف الأعمال باستلام السلطة في حال حصل فراغ في رئاسة الجمهورية”، مشيراً الى أن “الفتوى الدستورية للبقاء في القصر الجمهوري موجودة ويتم تحضيرها منذ أشهر، وتقول ان هذه الحكومة هي حكومة تصريف أعمال يعني أنها غير مكتملة الصلاحيات، ولا تستطيع أن تدير البلد. لكن هذه النظرية غير صحيحة بحيث أن النظرية الدستورية الأخرى تقول ان حكومة تصريف الأعمال عندما يتعذر تأليف حكومة بديلة هي كالحكومة الكاملة”.

ورجح “احتمال اعادة سيناريو أواخر الثمانينيات اذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، وهذا الاحتمال يمكن أن يعوم على وجه المياه انطلاقاً من أن الحكومة غير مكتملة الصلاحيات ولا تستطيع أن تحكم وهناك فراغ رئاسي ما يعني فراغاً في السلطة. من هنا، فإن الرئيس الذي صرح بأنه لن يسلم البلد للفراغ ربما سيمارس هذه النظرية، وأنه لا يمكنه ترك منصبه في ظل الفراغ الدستوري على الرغم من أنه قال لن يبقى دقيقة واحدة بعد انتهاء الولاية، لكن في الوقت نفسه عندما يقول انه لن يسلم للفراغ، في حال حصل، فهذا يعني أنه لن يسلم”.

شارك المقال