فتاوى القصر… مناورات غير دستورية لأهداف سياسية

هيام طوق
هيام طوق

كلما ساد الاعتقاد أن مسار التأليف الحكومي يتقدم خطوة الى الأمام، يعود ليصطدم بالمطالب التي لا تنتهي ووضع العصي في دواليب التشكيل حتى أن المراقبين يؤكدون أن الامور عادت الى المربع الأول أو لا تزال في مرحلة “راوح مكانك” على الرغم من التنازلات التي قدمها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، لأن “التيار الوطني الحر” اما يريد حكومة على قياسه تكون كلمة الفصل فيها له أو لا حكومة. وبالتالي، طالما أن التعاطي مع الاستحقاق الحكومي ينطلق من مبدأ المحاصصة، ستبقى الولادة متعثرة، والمشاورات تدور في حلقة مفرغة.

وفيما يعتبر عدد كبير من المحللين أن العهد يعلّي سقف حصصه للاستمرار في السلطة في حال الفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية، يرى آخرون أن تعجيز رئيس الحكومة يهدف الى الابقاء على حكومة تصريف الأعمال، وتوظيف هذا الواقع في الاستحقاق الرئاسي خصوصاً في ظل الفراغ المتوقع بحيث تتم تسريبات اعلامية عن سيناريوات أو فذلكات أو فتاوى دستورية يعمل عليها الطرّازون الدستوريون في القصر الجمهوري لعدم تسليم صلاحيات الرئاسة الأولى الى الحكومة الحالية أو بقاء الرئيس في بعبدا، على الرغم من اعلانه في أكثر من مناسبة أنه لن يبقى دقيقة واحدة بعد منتصف ليل 31 تشرين الأول المقبل أو سحب التكليف من الرئيس ميقاتي، إذ اعترف الوزير السابق سليم جريصاتي بعدم دستورية هذا الأمر الا في حال الاستشارات النيابية، وبعد التشاور مع رئيس مجلس النواب أو تأليف حكومة عسكرية أو غيرها الكثير من الطروحات التي يتم التداول بها.

لكن ماذا يقول المعنيون والدستوريون في شأن هذه الفتاوى؟ ولماذا الحديث عنها عشية بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية؟

في هذا الاطار، أكد نائب رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النقيب جورج جريج أن “الاجتهادات والفذلكات لا تهم، فالنص واضح. عندما نركن الى الكتاب يمكن أن تحل كل المشكلات. وعندما نتحدث عن فتاوى وفذلكات، نكون أصبحنا خارج الاطار القانوني والدستوري”، متسائلاً: “هل ما نسمع به اليوم دستوري وقانوني؟”.

وأشار الى أن “المواد القانونية المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية أو بحكومة تصريف الأعمال واضحة. الاجتهاد والتعطيل يقوداننا الى مكان واحد هو الاستحقاق الرئاسي، وسيطرة حزب الله على الرئاسة الأولى”، مشددا على أن “الدستور يُفسر ايجاباً للخير العام ولمصلحة المجتمع، ويُعمل فيه ايجاباً. المرفق العام يذهب في اتجاه رعاية المصلحة العامة. اذاً، نحن أمام حلقة سياسية محكومة بالسيطرة الكاملة، وبوضع اليد على كل المؤسسات من قبل حزب الله، وفي الاستحقاق الرئاسي، يريد أن تكون له الكلمة الفصل. واستناداً الى الدستور، سنحاول المحافظة على مستقبل لبنان من خلال السعي مع كل القوى السيادية والمعارضة الى عدم انتخاب رئيس لا يحمل عنوان لبنان أولاً”.

واذ تحدث عن “انتهاكات يومية للدستور”، لفت الى أن “ما نراه هو شد حبال سياسي وليس شد حبال دستورياً، وسنواجه الفذلكات التي يتم التحضير لها والسعي الى تنفيذها”، معتبراً أن “كل ما يجري ضغط لايصال الرئيس الذي يريدونه وهذا ما سنتصدى له. الفتاوى لا تتوافق مع الدستور”.

وأوضح أنه “لا يمكن الحديث عن عدم تسليم الصلاحيات لأن الولاية تكون قد انتهت”، مؤكداً أن “العرقلة في التشكيل والحصص، أوصلتنا الى ما نحن عليه، وأغرقت البلد، ولا زالوا يتبعون النهج نفسه”.

أما الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر، فرأى أن “لدى فريق العهد منطقاً مرتكزاً على مفهوم خاطئ للتفسير. رئيس الجمهورية لا يمكن أن يطالب بحصة وزارية لأنه قائد البلاد. اليوم يريد أن يكون شريكاً كاملاً في التأليف، ويريد حصة وازنة بعد أن فبركوا له تفسيرات للدستور لا تستقيم مع نصوصه”.

وقال: “الفقهاء والدستوريون باستثناء جريصاتي يجمعون على أن الصلاحيات تنتقل الى الحكومة في حال الفراغ الرئاسي، والدستور لم يميز بين حكومة مستقيلة وحكومة كاملة الصلاحيات. المبدأ أن لا يقع الفراغ، وفي حال حصل ستملأه الحكومة الحالية خصوصاً أن ما يبحث اليوم هو تعديل وزير أو وزيرين أي أن الحكومة ستبقى هي نفسها في حال تشكلت من جديد. اذاً، لماذا كل هذا الخلاف؟”. ولفت الى أن “سحب التكليف ليس في وارد الدستور الذي ينص بصراحة ووضوح على أن الرئيس يجب أن يغادر القصر في 31 تشرين الأول”.

وشدد على أن “كل الفذلكات يمكن دحضها من خلال الرجوع الى الكتاب والى أحكام الدستور، والتفسيرات لا تتماشى مع النصوص. كل ما نراه ونسمعه ليس سوى مناورات سياسية للحصول على حصة تعطيلية في الحكومة، وايصال رئيس للجمهورية من قبلهم”.

شارك المقال