التشكيل… “عض أصابع” حتى ربع الساعة الأخير؟

هيام طوق
هيام طوق

ينقسم المتابعون لملف التشكيل الحكومي الى فريقين: فريق يستبعد ولادة حكومة قبل نهاية العهد الحالي، فيما البيانات السجالية التي تصدر بصورة شبه يومية عن المكتب الاعلامي في”التيار الوطني الحر” والمكتب الاعلامي للرئيس المكلف نجيب ميقاتي، تزيد المخاوف والتشكيك بامكان هذه الولادة. كما أن اللقاءات الأربعة التي عقدت بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس ميقاتي لم تتمكن من حل العقد التي لا تنتهي فصولها، ما يعني أننا في المربع الأول في مسار التأليف المحاصر بالوقت الضيق، اذ لا يفصلنا عن انتهاء الولاية سوى شهرين. أما الفريق الآخر فيؤكد أن تصويب رئيس “التيار” النائب جبران باسيل المستمر على الرئيس المكلف لن يثني الأخير عن القيام بمهامه حتى آخر رمق، كما أنه لن يمنح باسيل مبتغاه في تأجيج العلاقة الجيدة مع الرئاسة الأولى خصوصاً أن فجوة الخلاف على التأليف أصبحت ضيقة جداً بينهما. وبالتالي، تتسع دائرة الأمل بحكومة جديدة لأن الرجلين يريدانها مع العلم أن مصادر الرئيس ميقاتي تشير الى أنه يبدي ليونة كبرى في المناقشات، لكن ضمن المعقول والمقبول.

وفي حين أشار مصدر مواكب للتأليف الى أن وتيرة الاتصالات ارتفعت في الساعات الأخيرة، وأن السجالات في البيانات لم تؤثر على السير قدماً في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، ومن المرتقب أن يكون هناك لقاء خامس بين عون وميقاتي خلال الأيام القليلة المقبلة، توقع أحد المحللين السياسيين ولادة حكومية عسيرة ربما تكون قبل فترة وجيزة من انتهاء ولاية العهد، وما نراه اليوم من تشبث بالمواقف يهدف الى تحسين الشروط والحصول على أكبر قدر ممكن من الحصص، خصوصاً أن الجميع بات على يقين بأن الانتخابات الرئاسية لن تتم في موعدها الدستوري ما يعني أننا في مرحلة “عض الأصابع”، وكل طرف ينتظر الآخر ليقول “آخ” أولاً.

وهناك من يسأل: هل يستدرك المعنيون خطورة المرحلة المقبلة، ويشكلون حكومة في ربع الساعة الاخير؟ وهل يريدون استنفاد لعبة “عض الأصابع” لحصر الخسائر والربح قبل التشكيل الذي يعتبره كثيرون ضرورة لمواكبة الاستحقاقات المقبلة وقطعاً للطريق أمام الخلافات الدستورية في حال الفراغ على مستوى الرئاسة الأولى، والتي يحاول البعض جر البلاد اليها؟ هل هناك فعلاً مصلحة لكل الأطراف بالتشكيل؟

رأى النائب محمد خواجة أن “كل الأطراف قد تكون لديها مصلحة بالتشكيل لكن البعض يريد التشكيلة الوزارية كما يرغب، ويتناسى الظروف الصعبة التي يمر بها البلد، والأزمة الدستورية المقبلة في حال الفراغ الرئاسي. البعض يرفع سقف المطالب التي من خلالها يمكن أن يستحوذ على القرار الحكومي، وهذا أمر صعب. لذلك، نحن أمام مشهد معقد، عبّر عنه اللقاء الأخير بين الرئيسين عون وميقاتي، وما تلاه من تفسيرات وتحليلات”، معتبراً أن “القوى السياسية المعنية بملف الحكومة تحديداً ليست اليوم على المستوى المطلوب ولا على مستوى الأزمة لأنها لا تزال تعمل ضمن حسابات ضيقة حزبية وشخصية ومصلحية ومنفعية”.

وأسف لأن “المؤشرات الخارجية تدل على أن هناك اصراراً على تشكيل الحكومة أكثر من الاصرار على الاستحقاق الرئاسي، وهذا لا يطمئن، ويمكن أن نضع حوله علامات استفهام”، مؤكداً أن “تشكيل الحكومة استحقاق دستوري كان يجب أن يحصل منذ شهرين، واليوم التشكيل واجب. هناك استحقاقان دستوريان: تشكيل حكومة وانتخاب رئيس الجمهورية، ولا يجوز أن يلغي أي استحقاق الآخر أو يحل محله. انتخاب رئيس الجمهورية استحقاق أساس، وفي حال الفراغ سنشهد الكثير من الاجتهادات التي تخدم المصالح الضيقة”.

وعن لعبة “عض الأصابع” التي يستخدمها البعض في التشكيل، سأل خواجة: “هل لا تزال لدينا أصابع كي نعضها؟ أصبحنا هياكل عظمية”، مشيراً الى أن “البلد اليوم في العتمة الشاملة، وهناك عشرات الآلاف من المولدات الخاصة التي يتحكم أصحابها برقاب الناس الذين أصبح 80 في المئة منهم فقراء أو تحت خط الفقر. نحن ذاهبون خلال أيلول الى انقطاع في المياه والكهرباء بمعنى أننا ذاهبون الى العطش. في ظل كل هذه الأوضاع، لماذا انتظار ربع الساعة الأخير للتشكيل، ولا يكون في ربع الساعة الأولى؟ ثم عن أي حصص يتحدثون والبلد أمام شلل كامل؟ رجال الدولة معدودون وقلائل”.

واذ تحدث عن انتقال صلاحيات الرئيس الى الحكومة مجتمعة بغض النظر عن تصنيفها بعد انتهاء ولاية العهد الحالي أي منتصف ليل 31 تشرين الأول، توقع أن يقدم رئيس مجلس النواب نبيه بري خارطة طريق للخروج من الأزمات في الكلمة التي سيلقيها لمناسبة الذكرى 44 على تغييب الامام موسى الصدر الأسبوع المقبل.

أما النائب أسعد درغام، فلفت الى أن “جو التفاؤل بخصوص التأليف لا يزال موجوداً، والزيارة المقبلة القريبة التي سيقوم بها الرئيس المكلف الى القصر الجمهوري ستكون مفصلية، وسيتحدد خلالها مصير التأليف من عدمه بمعنى أنها ستحدد ان كانت العودة الى نقطة الصفر أو الاستمرار في الاتجاه ما قبل الأخير من عملية التأليف”، متمنياً “أن يدفع الجميع باتجاه التأليف لتتوقف السجالات من جهة، ولكي تعالج الحكومة الملفات الأساسية من جهة ثانية”. واعتبر أن “من الطبيعي في عملية التفاوض بين شريكين أساسيين في التأليف أن يبدأ التفاوض بسقف عال وصولاً الى النقاط المشتركة، لكن فريق القصر الجمهوري لا يريد الابتزاز أو وضع مطالب تعجيزية كما يُقال”.

وأوضح أن “النقاش الفعلي انطلق منذ أسبوع أو عشرة أيام، وعملية التأليف وصلت الى مرحلة التفاصيل، لذلك حصل خلاف في وجهات النظر، لكن في كل الأحوال، ننتظر الزيارة المقبلة التي ستكون حاسمة اذ أصبح هناك شبه توافق على الحكومة الا أن الخلافات على بعض التفاصيل”.

وشدد على أن “مصلحة الجميع وأولهم التيار الوطني الحر أن تتشكل الحكومة، وهذا مطلب أساس، لكن لا تجوز الاتهامات والاتهامات المضادة خصوصاً أن عمر الحكومة سيكون قصيراً في حال انتخاب رئيس الجمهورية، كما أن الوضع لا يحتمل في ظل انحلال المؤسسات”.

شارك المقال