جثث “متفتتة” ومركب الموت الشاهد الوحيد… هل تُطمس الحقيقة؟

إسراء ديب
إسراء ديب

عُثر على رفات 7 أشخاص (حتّى اللحظة) كانوا على مركب الموت في طرابلس، وذلك بعد ساعات من عثور طاقم الغواصة على الزورق الغارق على عمق 459 متراً ومسافة 130 متراً من موقع الغرق، والتقطت صور له من كلّ الجهات، وذلك التزاماً من قيادة الجيش بمتابعة “مجريات التحقيق المطلوب”، وفق ما كان صرّح النائب أشرف ريفي.

وبعد انتشار هذه الصور على المواقع الإخبارية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، علّق الكثير من المتابعين على هذا الحدث، معتبرين أنّ هذه الصور كانت غير واضحة، فيما حلّل متابعون آخرون وجود ضربة واضحة على الزورق تظهر من خلال الصور، التي يُشدّد المعنيون على أنّها كانت غير واضحة لإثبات أو نفي ما يتردّد بين الأوساط الطرابلسية، وهم سيُعاودون تصويرها من جديد بدءاً من اليوم من أجل التحقيقات من جهة، وتبديد الشكوك أو تأكيدها من جهة ثانية، في وقتٍ ينتظر الأهالي انتهاء التحقيق لكشف ملابسات الحادث، وسيُستكمل بعد انتشال الزورق للتأكّد من احتمال تعرّضه لضربة أدّت إلى إغراقه في ذلك اليوم المشؤوم أم لا.

ولا تنتهي مأساة الأهالي مع سماعهم خبر انتشال رفات بعض الضحايا الذين قد يتجاوز عددهم الـ 30 شخصاً، فبعد استماعهم الى تفاصيل المؤتمر الذي كان عقده قائد القوات البحرية في لبنان العقيد الركن هيثم ضناوي في القاعدة البحرية في مرفأ طرابلس، وتحدّث فيه عن مهمّة غواصة الإنقاذ التي انطلقت من المرفأ، لا يُمكن أن يصمد أيّ منهم أمام هذه الفاجعة التي سمعوا من خلالها بعض المعطيات التي تتحدّث عن حال الجثث.

ويعتبر المحامي محمّد صبلوح وهو وكيل عن بعض الأهالي وعضو لجنة نقابة المحامين المكلّفة بمتابعة قضية المركب، أنّ الصور التي نشرت تبقى غير واضحة، “فلا يُمكننا إطلاق الحكم على المركب ما إذا كان مضروباً أم لا من خلال هذه الصور”.

ويقول صبلوح لـ “لبنان الكبير”: “ما زال القائمون على هذه القضية، يُعالجون مسألة كيفية انتشال الزورق والعواقب المحتملة لتذليلها، وغداً (اليوم) سيُعاودون النزول إلى مكان الزورق من جديد لإعادة تصويره، وكنت قد أصرّيت على تصوير المركب كاملاً بالفيديو وعن قرب ومن جهاته كافة، لأنّه حسب رواية الأهالي فإنّ المركب قد ضرب من أسفله ولا بدّ من التأكّد من صحة هذه الرواية”.

ويُضيف: “سائق الغواصة كان يبكي، إذْ رصد 11 أو 12 جثة، في وقتٍ كانوا يُعانون فيه من صعوبات عدّة تُواجههم، فمنذ يومين كانا ينتشلان جثة فتفتتت بين أيديهم نتيجة الماء والملح والتآكل الموجود فأخذوا منها (الكنزة)، كما رصدت جثة لامرأة وهي تُحاول كسر نافذة المركب وتحمل ابنها فتوفيت وهي تحمله… حقًا إنّ المرحلة المقبلة ستكون صعبة جداً على الأهالي، لكن الأهم هو جلاء الحقيقة بعد تصوير المركب بالتفاصيل عن قرب وعن بعد، وعموماً نحن عملنا رقابيّ كمحامين ونأمل في الوصول إلى الحقيقة، أو على الأقلّ إلى محاكمة عادلة إذا تمكّنا من ذلك، والأيام المقبلة ستكشف كلّ شيء”.

ويُتابع: “كنت قد قدّمت شكوى في الأمم المتحدة التي راسلتنا وطلبت منّا أخذ موافقة من الأهالي على مراسلة الحكومة اللبنانية بأسمائهم الشخصية ونشرها في مجالس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وزرتهم جميعاً وأخذت موافقة معظمهم أيضاً، وننتظر في الأيام المقبلة كتاباً سيُسلّم من الحكومة اللبنانية لسؤالها عن مدى شفافية التحقيقات وماذا أنجز في هذه القضية”.

وإذْ يرى أنّ عمل الغواصة مهمّ جداً حين تنجح في انتشال الزورق، يعتبر أنّ أبرز العواقب التي تُواجهها تُعدّ نقطة حساسة في هذا الملف وهي ترتبط بتلف الجثث، مشدداً على الحاجة الكبيرة الى تقنيات طبّية ودولية لتُساعد الفريق في العمل، “وسنحاول التواصل مع قيادة الجيش واللجنة الدولية للصليب الأحمر التي لديها خبرة كبيرة في كيفية الحفاظ على الجثث من التلف والتفتت أثناء انتشالها من المركب، ونحن نسعى مع كلّ من نقابة المحامين، اللواء ريفي، وقيادة الجيش، لتتدخل اللجنة بغية إعطائنا خبرتها في هذا المجال، نظراً الى امتلاكها تقنيات مناسبة ضمن تجارب عالمية لم تمرّ على لبنان، ونطالب بتدخلها لتقديم إرشادات أو تقنيات للحفاظ على الجثث”. 

طمس الحقائق ممكن؟

بعد متابعته تفاصيل المؤتمر، يلفت أحد المصادر إلى عدم وجود جدّية رسمية في هذا الملف الذي قد تُطمس فيه الحقيقة التي يبحث عنها الأهالي، طارحاً أسئلة عدّة يُؤكّد فيها أنّ الأشهر المقبلة ستحمل إجابة عنها أبزرها: ما سبب تواجد العقيد ضناوي واللواء ريفي أو الذي جاء بالغواصة في أيّ مؤتمر؟ ألا يجب أن يكون قائد الغواصة مع الاثنين الآخرين هم من يتحدّثون عن التفاصيل؟ ولماذا كان يُجيب اللواء ريفي عن الأسئلة التي كان على قائد الغواصة الإجابة عنها، في وقتٍ يغيب المترجم عن الصورة ولا أحد كان يتحدّث اللغة الانكليزية؟ لماذا ركزوا على الدفاع عن الجيش باستمرار مع التغطية التي تبدو مقصودة عمّا قام به الضابط الدهيبي الذي اتهم بإغراق المركب مع 13 عسكريّاً اتهموا معه بضرب المركب وإبعاد (البروجكتور) كي لا يُساعد أحد الركاب، بل كان هناك تأكيد في المؤتمر على عدم وجود “خدش” على القارب قبل استكمال التحقيقات الغامضة؟ وإذا قاموا بتصوير المركب، لمَ لم يُنشر الفيديو الذي قيل انّه موجود في غرفة العمليات لكنّه لم يُعرض ولم يكن موجوداً؟ وهل يُعقل أن نتحدّث عن طاقم أجنبيّ ولا يلتقط التفاصيل؟

ويُشدّد المصدر على رغبة المعنيين في امتصاص نقمة الأهالي، وقد يكون السبب إمّا لـ “تسديد فواتير لقيادة الجيش برغبة سياسية، أو تحضير الناس لتعويضات قريبة، ولهذا السبب تأخرت الغواصة كثيراً عن موعدها لتبرد قلوب الأهالي، وهي مسألة سيدفع ثمنها الطرابلسيون غالياً، حتّى ريفي إنْ لم ينجح في هذا الملف، وهذا يعني أنّه سيتلقّى ضربة قاسية وحارقة له مع تقديرنا لما قام به…”.

شارك المقال