لماذا لا يتدخل “حزب الله” في غزة؟

لبنان الكبير

تساءل المحلل مارك حدّاد في تحليل في موقع “أوراسيا ريفيو” (eurasiareview) عن الأسباب التي قد تدفع “حزب الله” الى التحفظ عن المشاركة في الاشتباكات التي اندلعت مؤخراً في قطاع غزة. وكتب: “لا شك في أن الحزب يسعى الى تصنيف نفسه كجزء أساس من ضمن المنظومة السياسية العربية ويضع نفسه في مصاف المدافعين عنها. وهو يعكف على فرض وجوده والتأكيد على أهمية دوره في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحديداً غزة من خلال الترويج لمصداقية المقاتلين ونزاهتهم، ويروّج لشعبيتهم من خلال التجييش لخطاب الدعم. لكن الفلسطينيين ضحية الخداع، فخلف خطاب الدعم الذي يحمل لواء مساعدة الدولة الفلسطينية ومناهضة (العدو) الاسرائيلي، يؤكد أكثر من محلل على إضمار أهداف خفية.

ومن الأمثلة على ذلك التصريحات المتكررة للأمين العام للحزب حول سعي هذا الأخير الى محو (إسرائيل) عن الخارطة بفضل التكنولوجيا والتجهيزات، بما في ذلك مصانع الصواريخ والأمونيا في خليج حيفا. ومع ذلك، لا يصدق المحللون تماماً هذه التهديدات ويصنّفونها كإنذارات مخادعة وبعيدة عن الواقع. لا بل أكثر من ذلك، يحذرون من أن (إسرائيل) ستنظر الى غزة بصفتها المستهدف الرئيس وستتصدى لسياسة الأرض المحروقة. وهذا يعني أنه في حال كشف ما يعتبر خداعاً، أن الحزب لم يتخذ فعلياً أي إجراءات ملموسة وجوهرية لمساعدة الفلسطينيين الذين تمسكوا به في القطاع. وأكثر من ذلك، يتهم بعض المحللين الحزب بمحاولة غسل دماغ المدنيين المضطربين من خلال بروباغندا تدفع الى ضمهم لصفوف مقاتليه وحثهم على القتال من أجل تحقيق مصالحه.

وتعكس هذه البروباغندا بصورة واضحة إصرار الحزب على تلميع الصورة الايرانية، فهو لا يوفر جهداً ليسلط الضوء على ما يعتبره جهود إيران وحركات المقاومة التابعة لها ويقدمها على أنها جرعة الأمل وبصيص الضوء الذي يتوق إليه الفلسطينيون. ولكن وزير العدل كشف مؤخراً أنّ حزب الله مجرد أداة تتلاعب بها إيران وتتناور باستخدامها من أجل بسط اليد على لبنان والأراضي الفلسطينية. وبالعودة إلى العام 2015، لم يسلم حزب الله من تعبير مجموعة من الفلسطينيين عن السخط والإستياء، على الرغم من شعبيته آنذاك، على خلفية رفع العلم الايراني فوق علم فلسطين. وبالنسبة الى هؤلاء، لا يعير الحزب فلسطين وغزة، أدنى اهتمام لا يتعدى الرغبة في توسيع الهلال الشيعي، كما لا ترتبط الإدعاءات في الكلمات والخطابات بالأعمال الملموسة، فقد وقف الحزب في السابق على الحياد أثناء الاشتباكات التي دارت بين غزة وإسرائيل في الأعوام 2009 و2012 و2014 ومؤخراً 2021. وزعم حزب الله بعد حرب إسرائيل على لبنان في العام 2006 نشوب حرب ثانية ولكن الصمت حل بعد هذا الخطاب، وهو ما عجز المحللون عن التنبؤ به.

وفي الوقت الراهن، لا يؤيد الحزب الحرب مع إسرائيل، وذلك لأن إعادة بناء لبنان لم تتحقق بعد كل هذه السنوات، وبقي ما خلفته هذه الحرب من أزمات اقتصادية يعانيها اللبنانيون. واستمر قصف إسرائيل على غزة لمدة 11 يوماً، وقُتل جراءه جنديٌ عسكريٌ تابع للحزب؛ ومع ذلك وعلى الرغم من احتدام الوضع، بقيت قيادة الحزب صامتة ولم تنبس ببنت شفة. وبالنسبة الى المحللين، خفت الفرص بإعلان الحزب الحرب بعدما أغرق عدم الاستقرار الاقتصادي الشعب تحت خط الفقر. وعلاوة على ذلك، تنخرط إيران في وضع اتفاقيات مع الغرب بعد فشلها في دعم الحزب وحماس على أكمل وجه. وصحيح أنه لا يمكن إنكار حقيقة أن الحزب يضع سمعته وسمعة مقاتليه على سلم أولوياته، إلا أنه لا يهتم بها سوى لتحقيق مصالحه السياسة والعسكرية، ومحلياً لا يوفر جهداً في الوقت الحالي لتولي منصب مهم في الحكومة.

وبينما انقسم الشعب اللبناني سابقاً بين مؤيد للزعماء الطائفيين والمجتمعيين، استغل الحزب الفئات المهمّشة والمستضعفة وسعى الى تأمين مصالحها ودعمها من خلال الإحجام عن تطبيق القانون. وانتهى استخدامه للقوة العسكرية التي يمتلكها بزعزعة الأمن في البلاد. وهو يسعى جاهداً الى حماية قوته وتحقيق مصلحته ومصلحة إيران التي تدعمه بصورة رئيسة، فيرفض مساءلة أفعاله التي تسببت بمعاناة اللبنانيين في السابق والتي ستحملهم معاناة جديدة بعد أن أظهرت الدراسات تحمل إيران مسؤولية تزويد الحزب بالأسلحة وتقديم الدعم على الساحة السورية”.

شارك المقال