ملف قارب الموت إلى “التمييع”… و”الغواصة فصّ ملح وذاب”!؟

إسراء ديب
إسراء ديب

كما كان متوقّعًا، تراجعت المبادرة في استكمال سحب الجثث و”قارب الموت” في طرابلس، “ألف خطوة” إلى الوراء، وخسرت الغواصة الجديدة التي قيل أنّها تمتلك قدرات وتقنيات متطوّرة، التحدّي لانتشال الغرقى بعد 4 أشهر على الحادثة، وفي معلومات “لبنان الكبير”، فإنّ الغواصة غادرت لبنان ووصلت إلى ميامي بشكلٍ مفاجئ، مما أثار امتعاض المعنيين وطرح علامات استفهام عدّة حول سبب مغادرتها بهذه الطريقة من لبنان.

وبعد مرور أيّام على وصولها إلى مرفأ طرابلس، لم تنفع هذه الغواصة إلّا في تحديد موقع المركب الذي كان قد حدّده الجيش مسبقًا أيضًا، وعجزت عن إتمام مهمّتها التي دفع من أجلها مغتربون 12 مليون دولار، لانتشال أيّ جثة من جثث الضحايا.
وعن الغواصة، تُشير معطيات “لبنان الكبير” إلى أنّها لم تتمكّن من رفع المركب نظرًا لتحوّل طبيعة الرمل/ الطين إلى كتلة صخرية أيّ أنّها غرزت في القعر، مما يعني أنّ المركب تحتاج إلى غواصة بقدرات أكبر، وأنّ النائب أشرف ريفي ترك للدولة اللبنانية استكمال هذه المهمّة الإنسانية، مؤكّدًا في اجتماع أنّ الجيش كان قد أرسل إليه صورًا غير واضحة للمركب لتقديمها للأهالي، وأنّه بانتظار المقاطع المصوّرة من الجيش ومصدر ثانٍ للتأكّد من الموضوع، فيما يستعدّ طاقم الغواصة لإعداد تقرير كامل عن التفاصيل وكلّ ما واجهه ليُقدّمه لكلّ من ريفي والجيش”.
وفي اليوم عينه، غادر طاقم الغواصة بشكلٍ مفاجئ من لبنان، في وقتٍ لم يكتب أيّ منهم التقرير المطلوب، فيما يُؤكّد المحامي محمّد صبلوح أنّه كان على طاقم الغواصة التنسيق لعقد مؤتمر صحافيّ وشرح تفاصيل البحث، “فالمؤتمر الذي عقد في مرفأ طرابلس تحت إشراف الجيش كان من دون مترجم ليُفسّر ما كان يقوله قائد الغواصة الذي لولا قيامنا بالضغط عليه للتحدّث لما عرفنا ما رصده في المركب والذي كان أكّد أنّ المركب مضروب وأنّه صوره بتقنيات عالية على خلاف الصور التي كانت وصلت منذ أيّام إلينا أو تلك التي وصلت إلى اللواء ريفي اليوم وهي أسوأ بكثير بجودتها من النسخة الأولى”.
وكان صدر عن ريفي الآتي: “بذلنا مع أهلنا في لبنان وأستراليا وبعض أهل المروءة، وبالتعاون مع الجيش اللبناني، وبالإمكانات المتوافرة، كلّ الجهد لتحديد مكان المركب الغارق، لانتشاله وانتشال الضحايا. لقد أُنجزت المهمّة في جزئها الأول حيث تمّ تحديد مكان المركب، أمّا انتشال المركب الذي غرز عميقًا في قعر البحر، فيحتاج إلى معدّات أكثر قدرة مما وفّرنا”.
وطالب الدولة وأجهزتها باستكمال المهمّة، حيث كان يفترض أن تبدأ بها بالأساس ومنذ اللحظة الأولى للكارثة، متوجهًا لأهالي الشهداء قائلًا: “نعيش ألمكم وسنبقى إلى جانبكم حتّى استكمال هذه المهمة وجلاء الحقيقة، ومع الأسف والاعتذار لأنّ ما أردناه لم يتحقق إلّا جزئيًا، بسبب ضعف إمكاناتنا، فريق العمل يقوم حاليًا بتوثيق كلّ مشاهداته وملاحظاته وما استجدّ معه طوال لحظات الغوص، إضافةً إلى الصور والفيديوهات، وسنضع هذه المعلومات بين أيادي الأهل الذين نشاركهم مأساتهم، فنحن مستمرون بالمطالبة بتحمُّل الدولة مسؤولياتها في هذه المهمّة الإنسانية والوطنية”.
ويلفت أحد المتابعين لهذه القضية، أنّ “الغواصة كتب لها الفشل منذ البداية، فقد كنت متأكدًا أنّها محدودة القدرات هندسيًا، لكنّ البعض لم يُصدّق ما أقول واعتقدوا أنّني أهاجم اللواء، مع العلم أنّ خطوة انسحاب الغواصة دليل فشل وانسحاب تكتيكيّ من القضية التي وعدوا الناس بإتمامها، فالمركب قد لا تُسحب لأنّها دليل إدانة وهذا لا يُعدّ مطلوبًا في المرحلة الحالية، أيّ أنّ كلّ ما جرى كان مسرحية استعراضية ليس إلّا…”، لافتًا إلى أنّ تحويل الملف للدّولة خطوة بديهية تُوحي بالفشل الذي سيُزيّنه الفشل الرسمي، وفق ما يقول لـ”لبنان الكبير”.
وإذْ يُؤكّد أنّ تمييع هذا الملف سيكون كتمييع أيّ ملف آخر كتفجير مرفأ بيروت مثلًا، يُعلّق على حديث سابق عن الحاجة إلى فتوى دينية، فيما إذا كان بمقدورهم انتشال الجثث من الماء، “وهي استراتيجية مبتكرة تمنعهم من انتشال الجثث التي لم تتفتت كما قالوا لأنّها ستبقى بعظامها على الأقلّ، ونظرًا لرغبتهم في إخفاء دليل ضرب المركب وهذا ما يُشير إليه التصريحان المتناقضان بين العقيد ضناوي وقائد الغواصة في المؤتمر الأخير”.
ووفق معطيات “لبنان الكبير” فإنّ الغواصة غادرت لبنان، مع العلم أنّ بعض المحامين قاموا بتحرك قضائيّ قدّموه للنيابة العامّة العسكرية في بيروت قد يُؤخّر مغادرتها قليلًا إلى حين الانتهاء من التحقيق مع طاقمها”.
وقد جاء في الطلب: “جانب النيابة العامّة العسكرية في بيروت الموقرة طلب عاجل للاطلاع على أدلة جنائية مقدّم من المدعين/الشاكين: بارعة فايز صفون، مصطفى عبدالله الجندي، ابراهيم عبدالله الجندي، ناجي محمّد فوال بواسطة وكلائهم القانونيين: المحامية ديالا شحادة، المحامي محمد صبلوح، المحامي واصف الحركة، المحامي جاد طعمه، المحامي علي عباس، المحامي نجيب فرحات، المحامي زين علّاو، المحامية عروبة الحركة، المحامية مريم بوتاري، المحامية بثينة بيان، المحامي شوكت حولّا، والموضوع: طلب اطّلاع على أدلة جنائية والاستماع لفريق الغواصة.
وقد ركّز الطلب على نقاط عدّة أبرزها: عن المؤتمر الذي أجري في المرفأ من دون حضور مترجم محلّف لتمكين الإعلام غير المتحدّث بالإنكليزية من طرح أسئلته مباشرة على ربان الغواصة الكابتن سكوت والترز، الذي أدلى بمعلومات تشكّل أدلة وقرائن جنائية مهمّة لمسار القضية، مع رفض الطلب قرار منع أهالي الضحايا وخاصّة الناجين منهم من حضور المؤتمر. كما لفت إلى أنّ والترز أكّد أن عملية البحث تمّ تصويرها وتوثيقها بجودة عالية جدًا (4K)، إلا أنّه لم يتم عرض أيّ من هذه الصور عالية الدقّة خلال المؤتمر، وإنّما عرضت صور مختلفة غير دقيقة. كما لفت إلى وجود ضربات وعلامات اصطدام واضحة في مقدّمة المركب الغارق، وشرح أنّ عدد الجثث التي تمّ العثور عليها لا يتجاوز ربع إلى ثلث عدد الركاب المفقودين، فيما ألمح قائد أركان البحرية العسكرية العقيد هيثم ضناوي إلى احتمال عدم انتشال المركب، بذريعة أن الجثث الموجودة فيه قد تتفتت إلى أشلاء…

شارك المقال