باسيل يعكس تخبط العهد… وقنابل دخانية لثلث معطل

هيام طوق
هيام طوق

كان من المفروض في بلد يعيش أسوأ أزماته أن تتشكل الحكومة مباشرة بعد تكليف الرئيس نجيب ميقاتي في 23 حزيران الماضي، الا أن سياسة التعطيل المنتهجة منذ سنوات في الاستحقاقات الدستورية وخصوصاً الحكومية منها، جعل ولادتها عسيرة، وتتأرجح على حبل التفاؤل والتشاؤم، وتتخبط بهبات باردة وساخنة متأثرة بتصريحات تصعيدية وبيانات نارية بين مكتبي الاعلامي للرئيس المكلف و”التيار الوطني الحر”.

واذا كانت مصادر الرئيس ميقاتي تقول انه قدم الكثير بهدف تسهيل التأليف، واستجاب مع مطالب رئيس الجمهورية ميشال عون، لكن ضمن ثوابت معينة في ظل الأحاديث عن مطالب باسيلية لا تنتهي بهدف الحصول على الثلث المعطل، فإن النائب جبران باسيل يقول: “ليس لدينا توجّه الى المشاركة في الحكومة المقبلة، وغيرنا يقول إنه لن يشارك. لذلك لا خشية لدينا على هذا الصعيد لأن الحصة المسيحية سيأخذها رئيس الجمهورية. وعلى افتراض أننا سنتمثّل في الحكومة، نحن التكتل الأكبر في البرلمان، وأي حكومة ستأخذ بالتوازنات التي أسفرت عنها الانتخابات ستكون لمصلحتنا وليس لمصلحة نجيب ميقاتي الذي لم يتمكن من إيصال أي نائب الى البرلمان”. ويشير الى “أننا لم نفاوض أحداً حتى اليوم في الموضوع الحكومي. كل ما يتردد عن ذلك وعن وزارات وحصص وأسماء هو خرافة. لم نتحدث في الأمر لا مع رئيس الحكومة ولا مع حزب الله ولا مع غيرهما. جلّ ما في الأمر أن ميقاتي يتحدث عن فتوى دستورية تتيح لحكومة تصريف الأعمال تسلّم صلاحيات رئيس الجمهورية. ميقاتي ومن يدعمه فهموا أن حكومته الحالية لن تحكم، ولن نقبل بذلك، ورح نعمل مشكل كبير بالبلد.”

كيف يقرأ السياسيون هذا الكلام قبل 60 يوماً من نهاية العهد الحالي، وفي ظل الكباش الحاصل على صعيد التشكيل الحكومي خصوصاً أن الرئيس ميقاتي يؤكد على العلاقة الجيدة التي تربطه برئيس الجمهورية؟

شدد النائب بلال عبدالله على أن “المهم اليوم أن نحتكم الى الدستور خارج اطار السقوف العالية في الكلام، والاشارة والتلميح الى اجراءات معينة غير دستورية. الدستور واضح، اذا لم تحصل الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، فالحكومة تتولى السلطة. اذا كان هناك إمعان وإصرار من التيار الوطني الحر على إفراغ المؤسسات وادخالنا في المجهول، فهذا موضوع آخر. فلننكب على اجراء الانتخابات الرئاسية وانتخاب رئيس جديد، ولنتخلص من الاجتهادات الدستورية، والطعن بالدستور الهادف الى أن من يحاول تعطيل الاستحقاق الدستوري يدخل البلد الى جحيم لا تحمد عقباه”.

وأكد أنه “لا يحق لأي فريق سياسي وضع المطالب والعراقيل أمام الاستحقاقات الدستورية التي من شأنها أن تضع البلاد على سكة التعافي خصوصاً التعافي الاقتصادي والاجتماعي”، داعياً الجميع الى أن “يتواضعوا ويحتكموا الى الدستور ولنعمل على تسيير أمور الناس قبل الحصص والطموحات”. وقال: “ما نعرفه أن هناك محاولات من التيار الوطني الحر لتحسين الحصة الوزارية كشرط لتعويم الحكومة أو تشكيل حكومة جديدة. هذه العراقيل وضعت أمام الرئيس ميقاتي المؤتمن على الدستور. الرئيس نبيه بري وميقاتي ضمانة للحفاظ على الدستور في الظرف الحالي.”

أما النائب السابق هادي حبيش، فاعتبر أن “من حق النائب باسيل أن يطالب بما يريد كما كل الأحزاب السياسية لكن في الوقت نفسه، لا يريد أي حزب عرقلة التشكيل من أجل حصة وزارية من هنا وحقيبة من هناك لأن حكومة كاملة الصلاحيات أهم بكثير من الحصص والمكاسب. نحن كتكتل الاعتدال الوطني لو أردنا أن نتحدث في الأحجام ضمن الكتل التي تريد أن تعطي الثقة للحكومة، فإن حصتنا تكون وزيرين، ولكن تسهيلاً لمهمة ميقاتي، قلنا له اننا نقبل بوزير. حرام اليوم أن نتعامل مع التشكيل على المسطرة”.

وأشار الى أن “التشكيل يتم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، لكن لا يمكن أن نقول ان الرئيس عون لم يأخذ رأي باسيل بالحكومة. هل كلام باسيل صحيح عندما يقول لم نفاوض أحداً في الموضوع الحكومي؟ لا نعلم. اذا كان الرئيس ميقاتي لم يأخذ رأي باسيل، فهل نصدق أن الرئيس عون لم يأخذ رأيه؟ هذا الكلام غير جدي انما كلام للاعلام”، متسائلاً: “مع أي فريق يريد باسيل المشكل اليوم؟ لا نعرف. لا أحد يريد المشكلات في البلد المهترئ على الصعد كافة. ما من فريق جاهز أو لديه نية في الذهاب الى المشكلات انما نفكر كيف يمكن اخراج البلد من مشكلاته وليس فتح مشكلات جانبية بين الفرقاء السياسيين”.

وقال: “العهد ينتهي وفريقه السياسي يمارس الضغط للحصول على الثلث المعطل في الحكومة المقبلة لأن من الواضح أننا لسنا ذاهبين الى انتخاب رئيس جمهورية بل الى فراغ رئاسي، لذلك ممارسة الضغط والتهديد بمشكلات وبإجراءات أخرى”.

وأوضح الوزير السابق ريشار قيومجيان “اننا نريد أن نعلم أولاً ان كان باسيل يتحدث باسمه او باسم رئيس الجمهورية. في تأليف الحكومة يجب أ ن يكون التشاور بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. الكل اليوم يتدارك الفراغ على المستوى الرئاسي، وما يريده باسيل تأليف حكومة يكون له فيها الثلث المعطل ويمسك بزمام الأمور بعد انتهاء العهد أملاً في تعزيز حظوظه بانتخابه رئيساً للجمهورية مع أن هذا السيناريو بعيد جداً عن الواقع. وبالتالي، سواء تألفت الحكومة أو لم تتألف، فلن يكون هناك فراغ في السلطة التنفيذية لأن صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل الى مجلس الوزراء مجتمعاً”.

واعتبر أن “ما يصرح به باسيل يعكس تخبطاً وضياعاً لدى التيار الوطني الحر اذ يتحدث عن اجراءات كثيرة غير دستورية، لكن نحن ننطلق من قاعدة أساسية هي الدستور. لا يستوعب التيار أن العهد أشرف على نهايته، فليترك اللبنانيين ولا يزيد من همومهم”، سائلاً “اذا كان فعلاً لا يريد المشاركة في الحكومة، فلماذا يعطل مع رئيس الجمهورية عملية التأليف؟ الأمور واضحة. انه يرمي قنابل دخانية متنوعة، وكل ذلك مناقض للدستور. هل يمهد للانقلاب على الدستور؟ هو أعجز من أن ينقلب عليه، وكل هذا التصعيد في الكلام ورفع سقف المطالب للحصول على حد أدنى يؤمن استمرارية السلطة للتيار”.

أضاف: “مع من يريد باسيل المشكل الكبير؟ مع حلفائه؟ هو يناقض نفسه. كيف يقول ان الثنائي الشيعي يدعم ميقاتي وهو منذ سنوات يغطي حزب الله الذي هو اليوم داعم لميقاتي؟ انها مسخرة. سئم اللبنانيون من هذا الكلام ومن هذا اللعب على حبال السلطة”.

شارك المقال