بين الراعي وبري… مواصفات لا تتطابق والأسماء المطروحة

هيام طوق
هيام طوق

مواقف لاذعة وجهها رئيس مجلس النواب نبيه بري الى العهد أو الى “سلطة ما خلونا” كما لم يوفر “التيار الوطني الحر” في أكثر من ملف خصوصاً ما يتعلق بالكهرباء حين سأل: “هل يوجد في العالم بلد بتغذية صفر كهرباء وتكون الحجة ما خلونا؟”، “هل يعقل أن يحرم لبنان من الغاز المصري والأردني لعدم تشكيل هيئة ناظمة في وزارة الطاقة وهي التي استنزفت ثلث مالية الدولة وتكون الحجة انو غيرو القانون بدل ما يطبقوه”.

كان الجميع ينتظر موقف الرئيس بري من الاستحقاقات الدستورية الرئاسية والحكومية بحيث اعتبر أنه ليس مسموحاً العبث بالدستور أو التمرد عليه تلبية لمطامح هذا أو ذاك من المرشحين، مشدداً على “أننا سنقترع للشخصية التي تجمع ولا تقسم، وللشخصية التي توحد ولا تفرق، وللشخصية المؤمنة بالثوابت القومية والوطنية وتعتقد اعتقاداً راسخاً أن اسرائيل تمثل تهديداً لوجود لبنان وما حدا يزايد على حدا بالمساواة”.

مواصفات وضعها الرئيس بري لرئيس الجمهورية المقبل، وكان سبقه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في تحديد مواصفات المرشح لتولي الرئاسة، اذ “يجب أن يكون متمرِّساً، سياسيّاً وصاحب خبرة، محترماً وشجاعاً ومتجرِّداً، رجل دولة، حياديّاً في نزاهته وملتزماً في وطنيّته. ويكون فوق الاصطفافات والمحاور والأحزاب، ولا يشكّل تحدّياً لأحد، ويكون قادراً على ممارسة دور المرجعيّة الوطنيّة والدستوريّة والأخلاقيّة. يكون قادراً على الشروع في وضع البلاد على طريق الإنقاذ الحقيقي والتغيير الإيجابي. رئيس واعد ينتشل لبنان من القعر الذي أوصلته إليه الجماعة السّياسية”.

كيف يقرأ السياسيون والمراقبون مواقف الرئيس بري؟ وهل مواصفات الرئيس الذي بدأت المهلة الدستورية لانتخابه أمس قبل 60 يوماً من انتهاء ولاية العهد الحالي، تتطابق مع المواصفات التي تحدث عنها البطريرك الراعي منذ أشهر خلال أكثر من عظة ومناسبة أو هناك نقاط اختلاف في الرؤيا والرأي.

لفت النائب عبد الرحمن البزري الى أنه “يمكن اختصار مواقف الرئيس بري، بالدعوة الى اجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، والاسراع في ملف الترسيم البحري”، مشيراً الى أن “العلاقة التي تربط الرئيس بري برئيس الجمهورية أو بالتيار الوطني الحر تعني الطرفين في تحديد طبيعتها، لكن نعلم أن في لبنان ليست هناك من عداوة دائمة أو صداقة دائمة، والكل سيعود الى التفتيش عن مساحة مشتركة لتمرير الاستحقاقات الدستورية”.

ولاحظ أن كل الأطراف السياسية بغض النظر عن انتماءاتها “تريد رئيساً يلعب دور الحكم بين الأفرقاء وأن تكون لديه قدرة على التواصل مع الجميع، وقادر على ترميم العلاقة مع المحيط العربي والحفاظ على علاقاتنا الاقليمية وصداقاتنا الدولية، وقادر على مواكبة عملية الاصلاح المنشودة واعادة بناء الدولة. هذه المواصفات مشتركة بين مختلف الجهات السياسية على الرغم من اختلافها في مقاربة الملفات والمواضيع الشائكة لكن يمكن من خلالها أن يتفق الجميع على اسم معين لتولي منصب الرئاسة الأولى في المرحلة المقبلة”.

ورأى الوزير والنائب السابق إيلي ماروني أن “المهم أن تكون هناك نوايا حقيقية لدى المعنيين للوصول الى انتخاب رئيس للجمهورية، لأن ليس المهم أن نطالب بانتخاب رئيس ونضع مواصفاته ثم نذهب الى الفراغ خصوصاً أن البلد اليوم لا يمكنه تحمل الفراغ ان كان على المستوى السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي”، معتبراً أنه “لا يجوز أن نسكر بالمواصفات في بلد مثل لبنان، وكأننا قادرون على انتخاب رئيس أولاً كي نضع مواصفاته. انها رسائل سياسية”.

وقال: “الرئيس بري فتح النار السياسية على التيار الوطني الحر خصوصاً في ملف الكهرباء، ولديه كل الحق بذلك. وهنا نسأل معه: أين هي الكهرباء؟ هل هناك شعب في العالم لا يزال يعيش على العتمة في هذا العصر؟ هل هناك بلد بلا مستشفيات ولا أطباء ولا أدوية ولا تعليم، وكل المواد الحيوية مقطوعة، والفقر مستشر؟”.

وأشار الى أن “المشكلة في أن من يفتحون هذه الملفات هم مسؤولون عن هذه المرحلة التي أوصلتنا الى هذا القهر والعذاب الذي نعيشه”، مشدداً على “ضرورة أن تتضافر الجهود الشعبية والنيابية والوزارية من أجل الوصول الى انتخاب رئيس الجمهورية، ولا ندخل في الفراغ، ولنتواضع قليلاً بالمواصفات. نريد رئيساً مستقلاً لأننا جرّبنا الرئيس الطرف. نريد رئيساً لكل لبنان ولكل اللبنانيين. دخلنا مهلة الشهرين لانتخاب رئيس الجمهورية، وكان من المفترض أن تكون هناك جلسة أمس قبل اليوم لأن ليس لدينا ترف الوقت في ظل الانهيار الحاصل”.

اما الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي فأكد أن “خطاب الرئيس نبيه بري لم يكن أقل أهمية من كل المواقف التي أطلقتها المرجعيات المحورية الروحية والسياسية المسيحية لجهة المواصفات التي حددها للرئيس المقبل. صحيح أن هذه المواصفات لا تتطابق كلياً مع المواصفات التي أعلنها البطريرك الراعي وكذلك الفاعليات السياسية المسيحية أو الأحزاب المسيحية السيادية والقوى السيادية الأخرى خصوصاً في الطائفتين السنية والدرزية، لكن اللافت في المواصفات التي أطلقها الرئيس بري أنها لا تتطابق مع الأسماء التي يتم تداولها ضمن فريق ما يسمى 8 آذار أو على الاقل فريق حزب الله والتيار العوني. هذه المواصفات لا يمكن أن تنطبق على رئيس تيار العهد ولا حتى على الوزير السابق سليمان فرنجية، وكأن الرئيس بري يفتح باب النقاش والحوار حول profile الرئيس المقبل يكون وسطياً بين المواصفات التي حددها هو وبين المواصفات التي تريدها بكركي”.

ولفت الى أن “المتابعين يقرأون في موقف الرئيس بري بالنسبة الى رئاسة الجمهورية وكأنه في أحد موقعين: اما أنه يبتعد فعلاً عن شريكه في الثنائي أي حزب الله ويبتعد أكثر بمسافات بعيدة عن حليف حليفه أي الرئيس عون ووريثه السياسي، أو كأنه يمهد الطريق لنزول حزب الله تحديداً عن أعلى الشجرة بعدما أدرك أنه لم يعد المرجعية العليا في انتخاب رئيس الجمهورية كما فعل سنة 2016. لذلك، فإن موقف الرئيس بري في الحالتين يوحي وكأن الاستحقاق الرئاسي خرج من النطاق الحصري لحزب الله والتيار العوني الى مساحة وطنية وسياسية أوسع يشترك فيها كل المعنيين بهذا الاستحقاق وفي مقدمهم البطريركية المارونية”.

شارك المقال