صمت “التيار”… مهادنة أم تحضير لمجابهة أكبر؟

هيام طوق
هيام طوق

لم تكن العلاقة يوماً بين “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل” كالسمن على العسل على الرغم من فترات المهادنة التي كانت تقتضيها المتطلبات الظرفية على الساحة السياسية، وذلك لفقدان “الكيمياء” بين الرئيس نبيه بري والنائب جبران باسيل .

صحيح أن العلاقة بين التيار والحركة مرت بمطبات عدة، وتخطت خلافات كثيرة في مقاربتهما لكثير من الملفات في ادارة البلد، الا أن الهجوم الذي شنه الرئيس بري في الذكرى الـ 44 لتغييب الامام موسى الصدر كان الأقوى والأعنف على جماعة “ما خلونا”، متسائلاً: “شو يعني ما خلونا؟ هل يوجد وطن في العالم تأتي فيه الكهرباء بنسبة صفر بالمئة، ووزارة الطاقة استنزفت ثلث مالية الدولة؟”. كما أشار الى أن “لبنان يمّر في أسوأ مرحلة من تاريخه، وبعض الارادات الخبيثة تسعى الى اسقاط البلد في دوامة الفراغ”. هجوم لم يقابله سوى الصمت المطبق والمريب الذي خيّم على أجواء بعبدا وميرنا الشالوحي بحيث لم يصدر أي رد من النواب والمسؤولين في التيار الذين يرفضون التعليق على هذا الموضوع على اعتبار أنهم لا يريدون الدخول في سجالات لا تجدي نفعاً على حد قول أحد النواب لـ “لبنان الكبير”. هذا الصمت تُطرح حوله علامات استفهام إن كان يأتي في اطار المهادنة وعدم التصعيد على أبواب استحقاقين مصيريين، أو أن “حزب الله” دخل على خط التهدئة بين فريقين حليفين أو أن التيار يعمل على تحضير هجوم مضاد يكون أعنف ربما يتخطى المواقف عبر المنابر أو البيانات خصوصاً بعد تغريدة باسيل التي دعا فيها لمناسبة مرور مئة وعامين على ولادة لبنان الكبير الى “الاتفاق على نظام جديد لوطن واحد”.

رأى النائب مروان حمادة في حديث لـ “لبنان الكبير” أن “الرئيس بري كان محقاً في كل الانتقادات، ولم يتناول ما يطال الكرامات أو يخرج عن المنطق السياسي في توجيهه أسئلة الى العهد، محدداً نقاط فشله من قلة احترامه للدستور والطائف الى اعتدائه على حقوق الادارة عبر مجلس الخدمة المدنية وصولاً الى افشال كل محاولات اقامة الهيئات الناظمة، وهدر نصف الدين العام بصفقات الكهرباء والمحروقات”. وقال: “اذا كان للعهد جواب فلنسمعه، لكن الصمت الحالي يدل على أجواء نهاية الحكم وسلطته، ويذكرنا بسقوط القسطنطينية عندما كان أهل الحكم فيها يناقشون جنس الملائكة، والمدينة والامبراطورية تنهاران”.

وأشار الى أن “المطلوب من الرئيس بري أن يدعو باكراً مجلس النواب الى انتخاب رئيس، ولا ينتظر الصفقات والتسويات التي تحاول الأقلية تمريرها بالترغيب والترهيب أو لتأمين استمرار حكم الممانعة في لبنان”، مذكراً بأن “الراحل غسان تويني وجه عشية انتخاب الرئيس ميشال سليمان، كتاباً مفتوحاً الى الرئيس بري طالبه فيه بجمع النواب واغلاق الأبواب في البرلمان الى حين تصاعد الدخان الأبيض أسوة بما يجري في الفاتيكان عند انتخاب البابا، ربما يكون هذا الحل المرجو ليأتي القرار عفوياً ولبنانياً”.

أما النائب أحمد الخير فأكد “أننا نتفق مع الرئيس بري في النقاط التي تحدث عنها خصوصاً في مواصفات رئيس الجمهورية وفي مسألة الكهرباء”، معتبراً أن “التيار الوطني الحر أصبح في مرحلة اقتنع فيها بأنه لا يستطيع في نهاية العهد الاستمرار في طريقة المجابهة مع كل الأفرقاء، وهو يركز اليوم على المواجهة مع الرئيس نجيب ميقاتي في تشكيل الحكومة، وفرض شروطه عليه لأنه يعتبر أن هذه الحكومة هي التي ستستلم زمام السلطة في ظل الفراغ الرئاسي .”

وأعرب عن اعتقاده أن “من الطبيعي أن يكون التيار منزعجاً من مواقف الرئيس بري، لكنه يصب جهده وتركيزه على مجابهة ميقاتي في التشكيل”، مشيراً الى أن “اللبنانيين يتوقعون منذ العام 1988 أي شيء من عون وفريقه السياسي، وتصرفات رئيس الجمهورية ميشال عون خلال ست سنوات تدل على أن المصلحة الشخصية فوق كل اعتبار، ومن يعمل بهذه الذهنية التي أوصلت البلد الى هذا الانحدار، يمكن أن نتوقع منه أي خطوة”.

ولم يشأ النائب رازي الحاج التعليق لأن “الوقت غير مناسب للسجالات السياسية مع أطراف نعتبرهم جزءاً من الادارة السياسية التي أوصلت البلد الى ما وصل اليه”، مشدداً على أن “ما يجري بين التيار الوطني الحر والرئيس بري لا يعنينا. تركيزنا اليوم على انجاز الاستحقاق الرئاسي وايصال رئيس سيادي واصلاحي لاعادة بناء الدولة. وبالنتيجة الشمس شارقة والناس قاشعة”.

واعتبر النائب السابق سيزار المعلوف أن “التيار لم يرد على الخطاب لأن المرحلة مرحلة انتخاب رئيس للجمهورية كما يمكن قراءة عدم الرد كمحاولة لمد اليد، وترك الباب مفتوحاً بين الفريقين، فضلاً عن أن الجو متوتر في البلد، ولا يحتمل المزيد من التشنج”، لافتاً الى أن “السياسة فن الممكن وليست حلبة مصارعة، ومهما ارتفع سقف الصراع بين الأفرقاء، ستعود العلاقة الى مسارها الطبيعي انطلاقاً من أن ليس هناك من عدو دائم أو صديق دائم”.

شارك المقال