مواصفات رئاسية متشابهة… هل تسقط في مرمى التسميات؟

هيام طوق
هيام طوق

مع انطلاق المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، تتكثف الاتصالات بين القوى السياسية خصوصاً المعارضة منها على أمل التوافق في ما بينها على اسم موحد لرئاسة الجمهورية، بحيث أنهت بعض الكتل النيابية التشاور بين أعضائها حول مواصفات الرئيس المقبل، ومنها النواب التغييريون الذين أعلنوا خلال مؤتمر صحافي عن أهمية هذا الاستحقاق، وأطلقوا مبادرتهم الرئاسية الانقاذية للحؤول دون الوصول الى الفراغ، معتبرين أن البلاد بأمس الحاجة الى رئيس يؤمن بالدولة، بالدستور، بالقانون، ويكون فوق الأحزاب والأطراف، فوق الاصطفاف، ملتزماً كتاب الدستور، واعياً انتماء لبنان العربي، وعلاقاته الجوهرية مع الدول العربية وإيمانه المطلق بالقضية الفلسطينية، والتزاماته الدولية. وإذا لم يؤتَ برئيسٍ هذه صفاته ومواصفاته، فليعلم الجميع أن التاريخ سيلعننا. وأعلنوا البدء بعقد سلسلة من المشاورات مع المجموعات والأحزاب كافة لإيصال شخصية تتوافق مع معاييرهم للرئاسة.

وفي قداس “شهداء المقاومة اللبنانية”، أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “أننا مستعدون للتضحية بكل شيء شرط أن يجتمع كل فرقاء المعارضة حول مرشح انقاذي واحد للوصول الى سدة الحكم، ولكن في حال لم نسلك هذا الطريق، فعندها نكون خنّا الأمانة الشعبية”. واختصر مواصفات الرئيس الجديد برئيس “يعمل عكسُن”، فيكون ممثلاً “فعلياً للشرعية، غير خاضع لميليشيا غير شرعية خاضعة لدولة خارجية، يدافع عن سيادتنا ويستعيد لنا كرامتنا ويعيد القرار الاستراتيجي للدولة بدل أن يساعد في بقائه خارجها، رئيساً قوياً وقادراً على أن يقول (لأ). نريد رئيس تحد ومواجهة إنقاذياً، لا رئيساً وسطياً بين مشروع الخراب والدمار من جهة ومشروع الإنقاذ المطلوب من جهة أخرى”.

صحيح أن هناك الكثير من النقاط المشتركة بين “التغييريين” و”القوات”، وهم يتفقون على العناوين الوطنية والسيادية كما أن كل قوى المعارضة مصممة على التباحث والنقاش لسد فجوة التباعد في ما بينها، وتقريب وجهات النظر حول الاستحقاق الرئاسي، وهذا أمر طبيعي يعمل عليه حالياً. ويبقى السؤال، هل يتنازل كل طرف عن بعض التفاصيل الخلافية للتوصل الى اتفاق على اسم معين وانتخابه رئيساً للجمهورية حين يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة انتخاب رئيس أو أن الخلاف سيحبط كل محاولات التقارب والوحدة، وتفشل قوى المعارضة في الاستحقاق الأهم، وحينها كما يقولون “التاريخ سيلعننا، ونكون خنّا الأمانة الشعبية”؟

أكد النائب رازي الحاج أن “المواصفات التي طرحها التغييريون تتشابه بصورة كبيرة مع المواصفات التي طرحتها القوات اللبنانية مع التغيير في بعض التعابير الانشائية ليس أكثر، وهذا لا يغير في الجوهر، وفي البرامج والمواصفات والدور المطلوب من الرئيس المقبل”، لافتاً الى أن “موقفنا واضح الى جانب القضية الفلسطينية ومع حق العودة والحل العادل والشامل لهذه القضية، وبالتالي، هذه النقطة التي طرحها التغييريون لا تشكل خلافاً بيننا، وعندما كانت هناك محاولة لاستخدام لبنان كوطن بديل لمنع عودة الفلسطينيين الى أراضيهم، نحن اعترضنا على هذا الموضوع”.

وعما اذا كانت هذه الصفات المطروحة من الأطراف تهدف الى الشعبوية ليس أكثر لأنها لا تتطابق مع واقع الحال، وذلك لتمرير الوقت وصولاً الى تسوية خارجية، رأى الحاج أن “أهم ما جاء على لسان جعجع في قداس الشهداء، موضوع لبننة الاستحقاق الرئاسي، وهذا يجب أن يبنى عليه لأنه كان جريئاً في اعتبار أن الدول الخارجية لا يجوز أن تكون لها مونة في هذا الاستحقاق. يجب أن نتلقف هذه المبادرة، وعلى النواب القيام بواجبهم في انتخاب رئيس للجمهورية لنأتي برئيس من انتاج داخلي”.

وعن امكان التوصل الى نتيجة ايجابية من خلال التواصل بين قوى المعارضة، قال الحاج: “الحضور النيابي في قداس الشهداء يدل على أن التواصل قائم مع قوى المعارضة، ويعطي نتائجه المرجوة. وهذه الحلقة تتوسع، والتواصل مستمر مع الجميع، والأهم أن القوات اللبنانية لم تضع شروطاً مسبقة لناحية الأسماء أو المطالب بل تركت الأمور مفتوحة أمام النقاش والتفاهم على اسم موحد. مع الاشارة الى أن أكبر تكتل نيابي ليست لديه عقدة الأسماء، فلا أعتقد أن البقية ستكون لديها هذه المشكلة”.

أما المحلل السياسي سيمون أبو فاضل، فأشار الى أن “اطلاق الشعارات أمر طبيعي، ووضع المواصفات الشاملة للرئيس المقبل بحيث أن كل الأفرقاء السياسيين يرفعون السقف، ويسجلون النقاط في مرمى بعضهم البعض، لكن في الوقت نفسه يمكن اعتبار هذه المواصفات ضرورية خصوصاً أن الناس لديها هاجس أن يأتي رئيس شبيه بالرئيس ميشال عون. انها مرحلة مزايدات واطلاق شعارات وصفات كلاسيكية خصوصاً أن الوقت لا يزال يسمح بذلك اذ نحن في بداية المهلة الدستورية، لكن بعد الفراغ سنرى تحركات خارجية تفرض مواصفاتها على القوى السياسية كافة، وسيأتي الرئيس توافقياً”.

واعتبر أن “المواصفات التي تُطلق لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع انما يمكن أن تكون هناك شخصية لديها مواصفات قريبة من تلك المطروحة، لكن ما يجمع قوى المعارضة أنها تتعاطى مع الاستحقاق الرئاسي بجدية، وتريد التلاقي في ما بينها وصولاً الى موقف موحد على الرغم من غياب التنسيق حالياً. اليوم لا يمكن أن يكون الرئيس ضد حزب الله كما أن الحزب لا يمكنه ايصال حليف واضح كما في السابق عندما أوصل الرئيس عون”.

ولفت الكاتب والمحلل السياسي سمير سكاف الى “أهمية عدم مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية لأن الدستور ليس وجهة نظر”، مشيراً الى أن “حزب الله قادر على وضع فيتو على أي مرشح، لذلك المطلوب مرشحون مقبولون من الحزب ولا يكونون معه. نريد رئيساً لا ينفذ أجندة الحزب وخياراته الاقليمية لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن يكون معادياً له لأنه لن يصل. الرئيس المقبل يجب أن يكون لديه هامش من الاستقلالية، ويقنع الحزب بالدخول في منطق الدولة والقيام بالأعمال الاصلاحية”.

وتحدث عن تأثير التطورات الخارجية الدولية والاقليمية على هوية الرئيس المقبل، معتبراً أن “لا مشكلة في المواصفات بين القوى السياسية لأن الكل يريد رئيساً جيداً ولا أحد يريده عاطلاً لكن عند الوصول الى التسمية يمكن أن تبدأ الخلافات”.

شارك المقال