التهدئة وانتقال السلطة بسلاسة… ولا جبهات سياسية

هيام طوق
هيام طوق

لم يوفر رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في مؤتمره الصحافي الأخير أي طرف من مواقفه اللاذعة والحادة بحيث فتح نيرانه المباشرة خصوصاً على كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، واعتبر كثيرون أن باسيل يحاول أخذ لبنان الى حيث أوصله العماد ميشال عون سنة 1988 أو الاستمرار في مرحلة الـ 2016 التي أودت بالبلد وأهله الى ما بعد جهنم.

كثيرة هي القراءات حول هذه المواقف خصوصاً حين رد على الرئيس المكلف الذي أعلن سابقاً أنه يتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الفراغ، قائلاً: “نكرر أنها حكومة ناقصة الصلاحيات وحكومة فاقدة لشرعية البرلمان الجديد، ولن نعترف بشرعية الحكومة المستقيلة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وسنعتبر الحكومة عندها مغتصبة سلطة وفاقدة للشرعية وساقطة مجلسياً ودستورياً وميثاقياً وشعبياً، ولو اجتمع معها من اجتمع، ولو اجتمع العالم كله على دعمها ضدنا، وسنعتبرها غير شرعية وما تجرونا الى ما لا نريده”. وأشار بعض المتابعين الى أن باسيل يخيّر اليوم ميقاتي وغالبية القوى السياسية واللبنانيين عموماً اما الاستسلام لمطالبه والحصول على الثلث المعطل أو الذهاب بالبلد الى الفوضى ليس على صعيد الاجتهادات الدستورية حول الصلاحيات وحسب، انما الى فوضى شعبية أو عصيان مدني أو سحب الوزراء من الحكومة واعتكاف موظفي الفئة الأولى في الادارات العامة أو التحكم بشبكة الاتصالات والانترنت وايقافها وغيرها من الخطوات التي ستترافق مع ارتفاع في سعر صرف الدولار وربما الانهيار الكلي انطلاقاً من قاعدة “من بعدي الطوفان”.

اذاً، من منطلق مواقف باسيل، وبعد جولات المبارزة الأخيرة والتصاريح التي أظهرت التموضعات السياسية، هل يمكن القول ان الجبهات أصبحت أكثر وضوحاً بحيث أن “التيار الوطني الحرّ” في جبهة مقابلة لجبهة بري – ميقاتي – جنبلاط، ويتفاعل معها جعجع قبل أقل من شهرين على نهاية ولاية العهد الحالي؟ كل ذلك يجري وسط الحديث عن أن “حزب الله” يسعى مع مختلف القوى الى تهدئة الأجواء، وتنظيم اللعبة السياسية كي لا تنجر الأمور الى مستوى خطير بحيث يصبح الجميع عاجزاً عن الاحتواء خصوصاً أن الاحتقان في أوجه، كما أن الأزمة المعيشية والمالية حوّلت الشارع الى بركان صامت قد ينفجر في أي لحظة.

أكد النائب محمد خواجة أن “ليس هناك من جبهة أو حلف، والفكرة غير مطروحة أساساً. ثم ممن تتألف هذه الجبهة وضد من؟ كلمة جبهة لا تعبّر عن حقيقة الوضع، لكن هناك تشاور وزيارات متبادلة بين الأفرقاء السياسيين، وهذا أمر طبيعي في الظروف العادية، فكيف اذا كنا في ظروف صعبة كالتي نعيشها اليوم؟”.

وأشار الى أن “من الطبيعي أن تتلاقى القوى مع بعضها البعض وتتحاور ونحن أمام استحقاقين كبيرين: تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية. وقد تتفق على أمور وتختلف على أخرى. الرئيس ميقاتي رئيس حكومة والرئيس بري رئيس مجلس ويلتقيان بصورة دائمة لاسيما أن موازنة ٢٠٢٢ على جدول أعمال الجلسة التشريعية المرتقبة الأسبوع المقبل، والمعني فيها الحكومة التي تقدمها والمجلس النيابي الذي يناقشها ويقرها. ونحن لدينا ملاحظات عليها اذ أنها متأخرة في الوقت وغير واضحة في الأرقام وغير اصلاحية. أما بالنسبة الى علاقة بري مع جنبلاط ، فتعود الى عقود”، مشدداً على “ضرورة التعاون بين القوى السياسية والعمل لإخراج البلاد والعباد من النفق المظلم خصوصاً أننا نمر في ظروف استثنائية، ودخلنا المرحلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية”.

أما النائب بلال عبد الله، فرأى أن “الوقت ليس مناسباً لفتح الجبهات انما المطلوب الهدوء والاتزان وعدم ادخال البلد في الفراغ والحد من شهوة السلطة وانتخاب رئيس للجمهورية يرتاح له الداخل والخارج وتكون لديه خطة انقاذية اقتصادية. ليس المطلوب الدخول في سجالات عقيمة وخطابات غرائزية خشبية تستحضر الصلاحيات، فالبلد والناس في مكان آخر”، مشدداً على “أننا بحاجة الى استنباط حلول داخلية لأن الخارج وحده لن يحل مشكلاتنا اذا لم تكن هناك أرضية لتسوية انقاذية داخلية لما تبقى من بلد”.

ودعا الى “تحسس عمق الأزمة والتفتيش عن المساحات والقواسم المشتركة أقله في ما يتعلق بالملفات الاصلاحية واحترام الدستور وانتقال السلطة بصورة سلسة خارج اطار المواقف العالية السقف التي نسمعها”، معتبراً أن “المطلوب من المجلس النيابي أن ينتخب رئيساً للجمهورية ثم تتشكل حكومة ويعطيها المجلس ثقته بناء على برنامجها الانقاذي”.

وأوضح النائب زياد حواط أن “ليس هناك من جبهة ولا من تنسيق بين هذه الجهات”، مؤكداً أن “المطلوب منا جميعاً موقف وطني جامع لانقاذ البلد. القوات وضعت خارطة طريق للانقاذ، والتنسيق مع أي فريق يتم انطلاقاً من هذه الخارطة. اذاً، الأولوية اليوم، الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن بدل التلهي بمصالح شخصية”.

شارك المقال