الجيش التايواني بمواجهة التهديد الصيني المتنامي

حسناء بو حرفوش

يكافح الجيش التايواني من أجل التكيف مع التهديد الصيني المتنامي، حسب مقال في موقع صحيفة “فاينانشال تايمز” (Financial Times) الالكتروني. ويعاني هذا الجيش الذي شكل في يوم من الأيام جزءاً من الحزب القومي الصيني الذي حكم البلاد بموجب الأحكام العرفية لعقود، من “المخلفات الاستبدادية”.

وأصدر مسؤول عسكري تايواني كبير الأسبوع الماضي تحذيراً حول إفتقار القوات المسلحة الى إستراتيجية واضحة للدفاع عن البلاد في حال قررت الصين شن هجوم، في ظل التخوف من عدم فهم الرئيس التايواني الاستراتيجية اللازمة لمواجهة هذا التهديد. وجادل المسؤول بأن تايوان بحاجة الى إعادة التركيز على استراتيجية الدفاع “غير المتكافئة”.

ويسلط إنذار هذا المسؤول العسكري الضوء على الجمود الذي أعاق الجهود المبذولة لتعزيز دفاعات تايوان، وفقاً لما يراه الخبراء. كما فرض النضال كضرورة من أجل الإصلاح بصورة مفاجئة مع تصعيد الصين الضغط العسكري على تايوان. وفي هذا السياق، علق كيتش لياو، وهو مستشار للشؤون العسكرية والالكترونية ضمن مجموعة للمجتمع المدني في تايبيه (Doublethink Lab) بالقول: “لدينا مخلفات استبدادية خلقت مشكلة على مستوى العلاقات المدنية العسكرية، كما أن المشكلة قد تكون أكثر خطورة لدينا”. ويعزو ذلك الى اعتياد الجيش على لعب دور الجناح المسلح لحزب الكومينتانغ (الحزب القومي الصيني)، تماماً مثل جيش التحرير الشعبي الذي يعتبر الجناح المسلح للحزب الشيوعي الصيني.

ووفقاً لخبير العلاقات المدنية العسكرية في تايوان في جامعة “سنترال لانكشاير” دين كاراليكاس، “عمل الجيش بجد للمضي قدماً بطريقته الخاصة”. لكنه أسف لأن “الهياكل القديمة لا تزال قائمة، للمقاومة بمواجهة التغيير الهيكلي والثقافي”. كما لم تتم إقالة الضباط السياسيين المعينين سابقاً في كل وحدة عسكرية لمراقبة الولاء للحزب، في تنظيم يعكس هيكل الجيش الصيني، بل حصلوا على توصيف وظيفي جديد. وبدلاً من اكتشاف المتعاطفين مع الشيوعيين، باتوا يقدمون حالياً المشورة للعناصر في الخدمة.

ولطالما دفعت الولايات المتحدة، التي تلتزم بمساعدة تايوان في الدفاع عن نفسها، تايبيه الى إعادة تخصيص إنفاقها الدفاعي المحدود لردع أي غزو صيني محتمل بصورة أكثر فاعلية وإعادة هيكلة قواتها الاحتياطية سيئة التدريب. لكن تنفيذ الإصلاحات لم يحصل إلا ببطء. ويضيف مسؤول حكومي رفيع أن “العديد من الضباط، وخصوصاً ذوي الرتب الرفيعة، يلومون الولايات المتحدة على التوترات العسكرية المتزايدة ويدعمون الحجة القائلة بأن الصين ترد على الاستفزازات الأميركية فقط”، ويتناقض ذلك مع وجهة نظر العناصر الشباب، الذين يتعاطفون تماماً مع تايوان، ويتمتعون بمستويات عالية من الروح المعنوية ويصممون على الوقوف بحزم ضد الصين.”

ولم يتسبب أي انقلاب عسكري في تعطيل تحول تايوان إلى ديموقراطية نابضة بالحياة. فبعد انتخاب تشن شوي بيان، أول رئيس للحزب الديموقراطي التقدمي، في العام 2000، ساد شعور متوتر وسط التساؤلات حول ما إذا كان الجيش سيتبع أوامر رئيس الحزب الديموقراطي التقدمي أو حول حصول انقلاب. لكن التغييرات الأخرى استغرقت وقتاً أطول مما كان متوقعاً. وحتى العام 2000، بقي الضباط ذوو الرتب العالية جميعهم تقريباً من ضمن الرجال الذين ولدوا إما في الصين أو الذين وصلت عائلاتهم من هناك برفقة حزب الكومينتانغ في العام 1949.

وقام تشن بتسريع التغيير من خلال اعتماد ترقيات الضباط كل ستة أشهر بدلاً من كل سنة. وبحلول نهاية فترة ولايته الأولى في عام 2004، تغير ثلاثة أرباع ضباط العلم في البلاد.

وعلى الرغم من ذلك، يحذر الخبراء من أن الجمود البيروقراطي قد يستمر من دون إصلاحات جذرية. وخفضت تايوان عدد أفرادها العسكريين العاملين بأكثر من النصف منذ تسعينيات القرن الماضي إلى 170 ألفاً فقط، مما حدّ من فرص صغار الضباط في الترقية. وأدى ذلك إلى زيادة أهمية شبكات المحسوبية وعدم تشجيع المبادرات الفردية. علاوة على ذلك، ركزت تايوان بعد خروجها من عقود من الحكم الاستبدادي، على تطوير المجتمع المدني واستكشاف الهوية المنفصلة المكبوتة في ظل نظام الكومينتانغ. وأدى ذلك الى إبعاد الانتباه والإنفاق العام عن الجيش. وقد يوفر الهجوم الروسي على أوكرانيا، والذي جعل المجتمع التايواني أكثر استعداداً لخطر الحرب الصينية، حافزاً لإعادة تنشيط الروابط المدنية العسكرية وتعزيز مبادرات الدفاع المدني.

شارك المقال