المثالثة تلوح والراعي يلوم جعجع أكثر من باسيل

رواند بو ضرغم

شبح المثالثة يخيّم فوق الصرح البطريركي، ويُشعر ساكنه بمخاطر تغيير النظام نتيجة التعاطي السياسي غير المسؤول من رئيسي أكبر حزبين مسيحيين، جبران باسيل وسمير جعجع.

ويُنقل عن البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي عدم رضاه عن دعوة باسيل الواضحة الى تعديل الطائف وتغيير النظام، التي تفتح باباً أمام إضعاف المسيحيين أكثر فأكثر، بانتزاع المناصفة منهم، وتقويض صلاحياتهم، والمساهمة في تهجيرهم وتفريغ البلاد من مسيحييها.

عتب البطريركية مضاعف على جعجع، اذ أن موقف باسيل معروف وسبق أن وصف دستور الطائف بـ “النّتن”، ووافقه عمه الرئيس ميشال عون على وجوب تعديله. الا أن جعجع وفق مطلعين على موقف بكركي يتلهى بمعارك سياسية وشعارات لا طائل منها، ضارباً عرض الحائط بوجوب حماية ما تبقى من مكاسب للمسيحيين عبر الاصرار على استمرارية المناصفة والمحافظة على الدستور.

دعوة باسيل الى حوار وطني لبناء نظام جديد ولصياغة دستور على “البارد”، لن تلبيها مختلف الأطراف السياسية اللبنانية، وعلى رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي سبق أن تحدّى “التيار الوطني الحر” بأن يطبّق القوانين ويحترم الدستور وأن يعمل على تنفيذ كامل بنوده قبل المطالبة بتغيير الطائف. فلا أرضية خصبة لتغيير النظام لدى باقي الأطراف اللبنانية، لأن المشكلة ليست في الطائف إنما في تنفيذه. ولا نية لدى الجميع بتعويم باسيل في نهاية عهد عمه ووضعه على طاولة حوار بعد أن استفز أعضاءها وهاجمهم طوال العهد ولم يوفر أحداً من التحريض عليه.

لن يساجل الرئيس بري نائباً في برلمانه، وأوعز الى نواب كتلته أن لا يكترثوا لما قال، وخصوصاً أن قوته تتلاشى في آخر عهده ولم يبقَ سوى أيام له في التحكم بتوقيع الرئاسة الأولى. الا أن علاقة الرئاسات الثلاث ستتأزم أكثر وستمتد الى ما بعد خروج الرئيس ميشال عون من القصر الجمهوري، على خلفية استمراره بالانصياع وراء رغبات صهره وتغليباً لمصلحته على حساب المصلحة اللبنانية، ونتيجة الهرطقات الدستورية التي يفتيها باسيل ويرددها خلفه عون، في تهديد واضح بالفوضى الدستورية، وبعدم الاعتراف بشرعية الحكومة المستقيلة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية واعتبارها مغتصبة السلطة وساقطة دستورياً ومجلسياً وميثاقياً وشعبياً.

يقول مرجع دستوري لموقع “لبنان الكبير” إن حكومة تصريف الأعمال يحق لها أن تجتمع وأن تأخذ قرارات مهمة، مستنداً الى العام 1969 حين اجتمعت حكومة الرئيس رشيد كرامي وأرسلت مشروع موازنة الى مجلس النواب. ويضيف المرجع الدستوري أنه بغض النظر عما إذا كانت الحكومة مستقيلة أم كاملة الصلاحيات، فإن الدستور ينص على انتقال صلاحيات الرئيس وكالة الى مجلس الوزراء لتصريف مهامه الضرورية بنطاقها الضيق.

أما قول باسيل انه في حالة الفراغ “وقت الجد، فإن كل وزير سيكون رئيس جمهورية” فيعتبرها الخبراء الدستوريون هرطقة دستورية، فرضها العونيون خلافاً للدستور في حكومة الرئيس تمام سلام، ولا يمكن أن تصبح عرفاً.

شارك المقال