وداعاً لـ”أسوأ رئيس وزراء على الاطلاق”

حسناء بو حرفوش

ما الذي يمكن كتابته عن بوريس جونسون وعن إرثه السياسي؟ يجيب توم بيك في مقال بموقع صحيفة “إندبندنت” البريطانية بالقول انه “بمعزل عن السياسة، إذا ذكر اسم جونسون في معرض الحديث أو الكتابة، لا يتخطى الأمر ما هو أبعد من حياة بوريس نفسها، مقارنة بسواه من القادة الوطنيين الذين تفتح سيرهم الذاتية باباً واسعاً على تاريخ الأمة. ولطالما كرر جونسون الحديث عن تفاؤله ولكن كيف ترجم ذلك بالأفعال في الحقيقة؟

لقد لعب جونسون دوراً رئيساً في إخراج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، لكن كل ذلك حدث قبل وقت طويل من وصوله الى السلطة. وصحيح أنه يمكن القول ان لبوريس مواهب قيادية كبيرة، فالنبرة مهمة في الحياة العامة والقائد القادر على أن يبث في نفس الأمة نبرة متفائلة خاصة هو شخص نادر وقيِّم. وهذا ما ميز الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. كان جونسون يمتلك هذه الميزة أيضاً، ولكن بمجرد استخدامها لغايات مثيرة للانقسام مثل استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يمكن القول إنه كان ينبغي عليه اعتبار أنه فقد القيادة.

وهذا يعني أن جونسون بلا شك الرجل الخطأ في التوقيت الخطأ، خصوصاً في ظل العبثية التي تترجم على سبيل المثال بالوعود كتحويل 2020 إلى “سنة رائعة لبريطانيا”. وبغض النظر عن كورونا، بنيت وعود جونسون في الأساس على خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي، وهو احتمال لم ترغب الغالبية العظمى من سكان البلد الذي يحكمه بشغف في أن يحدث. وبدلاً من أن تستمتع بريطانيا بالعام الموعود، أمضى المواطنون أيامهم بين الخوف على الحياة والقلق على المستقبل. وهذا يطرح السؤال حول العلاقة بين القادة والسكان إذ لا يتوجب على هؤلاء الأخيرين حمل وزر الإشفاق على قادتهم. وبينما ترك قادة كثر بصمتهم في تاريخ المملكة، لم يكن ذلك حال جونسون.

يبدو من الصعب التفكير بأي مقارنة تاريخية مع جونسون، الذي طرد من حزبه بعد عامين ونصف العام تقريباً، وفقد مصداقيته حتى ما عاد أي شخص في البلاد مستعداً ليصدق مرة أخرى كلمة مما يقوله. لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فقد وعد جونسون الشعب بمجرد وصوله الى السطة بتطبيق خطته الجاهزة لإصلاح الرعاية الاجتماعية، لكنه لم يفعل ذلك خصوصاً في ظل الخروق الواضحة على مستوى وعوده. ولاحقاً، تحدث عن صفقة تضمن الخروج الجاهز للبلاد من الاتحاد الأوروبي، ولكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحكومة تحاول بطريقة ما فهم الاستراتيجية وتطبيقها.

لقد اعتقد جونسون أن بإمكانه الإفلات من تقصيره وأن البريطانيين سيغفرون له، وقد وجد بالفعل الكثير من الغفران، لكنه كسر العديد من القواعد. ولم يبد في النهاية عظيما أو ذكياً بالقدر الذي تخيل نفسه عليه. وكسر القواعد الصغيرة مثل مخالفات وقوف السيارات المتراكمة من سنواته الجامعية في أكسفورد، واستخدم النفوذ ولوحة الأرقام الأوروبية على سيارته معتقداً أنه أفضل من الشعب.

وإذا كان لا يزال يعتقد ذلك، فعليه تقبل أنه خسر بشروطه الخاصة. تتمحور حكاية بوريس جونسون حول دراما الانغماس في الذات، بدلاً من التركيز على قصة تدور حول بلد حقيقي، والأشياء التي يجب فعلها. لقد وعد جونسون بإجراء التغييرات وبزيادة الفرص، لكن لم يحدث شيء من ذلك. ولا شك في أن الأشخاص الذين صوّتوا لحزبه في المرة الأولى عن قناعة، يمتلكون الحق بتوقع الأفضل وبالمساءلة لأنهم لن يسمحوا بتعرضهم للخداع مجدداً”. وكان جونسون ألقى خطاب الوداع، في “داونينغ ستريت”، صباح الثلاثاء، بينما تستعد ليز تراس، الفائزة بزعامة حزب المحافظين، لتخلفه في الحكم على رأس مجلس الوزراء.

شارك المقال