ديكتاتورية باسيل… وهجرة قياديي “التيار البرتقالي”

هيام طوق
هيام طوق

يبدو أن سبحة الفصل الداخلي من “التيار الوطني الحر” لن تتوقف طالما أن هناك العديد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وقياديين مستاؤون من تصرفات رئيسه النائب جبران باسيل الّذي يتعامل بفوقيّة مع الجميع ووضع نظاماً داخلياً مفصلاً على قياسه، يمنحه صلاحيات واسعة تكاد تصل الى الديكتاتورية حتى أنه يتبع سياسة إقصاء المؤسسين والنّضاليّين القدامى ليصبح “التيّار البرتقالي” بأكمله من الشبان أو المحازبين الجدد، وبالتالي، يكونون تحت إمرته، وينفذون طلباته من دون اعتراض أو جدل أو نقاش، بحسب ما قال أحد كوادر “التيار” لـ “لبنان الكبير”، ولم يخفِ تخوفه على مصير التيار العوني بحيث أن الانسحابات ستتوالى لأن هناك استياءً كبيراً لدى الكثيرين الذين لا يريدون نشر غسيلهم على وسائل الاعلام أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً أنهم يؤمنون بمبادئ “التيار” التي انحرفت عن مسارها.

اذاً، موسم الهجرة من “التيار الوطني الحر” لن يكون موسمياً أو مؤقتاً انما بصورة دائمة، وآخر فصوله منذ أيام قليلة حين تبلّغ النائب السابق زياد أسود قرار فصله خصوصاً أنه كان هاجم باسيل من دون أن يسمّيه. كما تلقى النائب السابق ماريو عون كتاب فصله بعدما كان قدم استقالته من “التيار” منذ تموز الفائت، وغرّد على حسابه عبر “تويتر”، قائلا: “وردني كتاب فصلي من التيار علماً بأنني كنت قد تقدمت بتاريخ 14 تموز الفائت باستقالتي من الحزب الذي ساهمت في تأسيسه. أستغرب كيف يصدر هكذا قرار إستعراضي كأن يُفصَل مَن استقال أصلاً”. وعلّق أسود على تغريدة عون بالقول: “حكيم ليش مهتمّ أساساً؟ أغلاطهم بيرموها ع غيرن، فاشل ومتكبّر وما خلّو، إنسى إنت أكبر من هيك”.

وفيما لفت ماريو عون في حديث صحافي إلى أنّ “ما يحصل اليوم في التيار الوطني الحر، مهزلة مع الصلاحيّات الّتي تلامس الديكتاتوريّة الّتي وضعها باسيل لنفسه، وهناك استياء كبير يتوسّع يوماً بعد يوم في صفوف التّياريّين، ولا أستغرب إذا توالت الاستقالات في المرحلة المقبلة”، أكد نائب رئيس الحكومة السابق اللواء عصام أبو جمرة في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الرئيس ميشال عون يعطي الضوء الأخضر لصهره لاتخاذ مثل هذه الاجراءات، وباسيل على خلاف مع عدد من القيادات والكوادر الذين لا يرضخون لقراراته، فهو يحب السلطة، ويريد أن يصل الى سدة رئاسة الجمهورية وحتى الى رئاسة العالم لو كان هناك امكان لذلك.”

ورأى أن “رئيس الجمهورية هو المسؤول، والذي يعطي هذه التعليمات التي ينفذها باسيل، ونرى النتائج التي تظهر في الانسحابات والاستقالات والاستياءات بحيث أن هناك شخصيات لا تتقبل طريقة التعاطي معها بفوقية وأخرى تتقبل وتسكت”، معتبراً أن “رئيس التيار أو الحزب اذا لم تكن لديه القدرة على احتضان الجميع، ويعمل على وضع نظام داخلي ديموقراطي يطبق على الكبير والصغير، فلا بد من أن تحصل الهجرة، وهذا ما نراه حالياً. فرق كبير بين تيار ميشال عون والقيادات التي أسسته وتيار اليوم وقائده الحالي. لا يمكن المقارنة بين الحاضر والماضي بحيث هناك اليوم الكثير من الامتعاض على الأداء داخل التيار، وهناك البعض مرتاح لكن حتى هؤلاء لا أعتقد أنهم سيصمدون كثيراً”.

وعلى الرغم من عدم رغبته بالدخول في التفاصيل، أشار أبو جمرة الى أن “المشكلات تحصل في كل التيارات والأحزاب، وأنا أخاف على التيار كمجموعة ناس ومنهم من المؤسسين، لا ندري الى أين سيصل. ففي حال استمر على النهج نفسه، لا يوحي ذلك بالخير وسنخسر التيار الذي عرفناه سابقاً، واذا أقدم على الاصلاحات فيكون ذلك جيداً”، مشدداً على أن “كثرة أصوات المعارضة من الداخل تدل على أن هناك خطأ في مكان ما، والقيادة تتحمل المسؤولية، وعليها المبادرة الى الاصلاح من خلال حكمتها في ايجاد الحلول والمخارج الموضوعية لكل المشكلات، ولا نتمنى سوى الخير للجميع وللتيار”. وأمل “ألا تنتهي الأمور بسلبية تسبب الأذى للمحازبين الأبرياء الذين ظنوا أنهم يسيرون على الطريق الصواب والمستقيم، لكنهم تفاجأوا أن الطريق أعوج”.

أما القيادي السّابق في “التيار الوطني الحر” أنطوان نصر الله، فأوضح أنّ “قرار فصل عون وأسود من التيّار، لم يتّخذه رئيس التيّار النّائب جبران باسيل، إنّما رئيس الجمهوريّة ميشال عون، اذ أن باسيل ينفّذ القرار فقط”، معتبراً أن “ما يحصل سببه الاستمرار في النهج المتبع، وعدم وجود آلية لحل المشكلات. الخلافات موجودة لدى كل التيارات والأحزاب لكن التيار الوطني الحر لا يعرف كيفية معالجة مشكلاته الداخلية كما هناك رئيس ضعيف يتكئ على رئيس الجمهورية”.

وقال: “المنفصلون لا يلومون الرئيس عون انما باسيل لأنهم يحترمون الرئيس، ويريدون الحفاظ على العلاقة التاريخية التي تربطهم به”. وتساءل: “لماذا يستمر التيار اذا لم يحقق أهداف تأسيسه؟”، متوقعاً “انفصالات لاحقة خصوصاً أن في التيار أشخاصاً ثائرين على الواقع وعلى التقليد ولا يمكن التعامل معهم بعقلية حزبية أو تقليدية كما أن رئيس التيار لا يمكنه فرض رأيه على الكوادر والمؤسسين. كل رؤساء الأحزاب يتعاملون بديكتاتورية وفوقية، وباسيل واحد منهم”.

وعما اذا كنا سنشهد قرارات مماثلة، وتطال شخصيات من الصف الأول في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية، لفت نصر الله الى أن “ذلك وارد جداً خصوصاً أن كثيرين من بينهم يحترمون الرئيس ولا يقدمون على هذه الخطوة حالياً احتراماً له ولموقعه”، آملاً “ألا تكون هذه الاجراءات بهدف الهاء الناس عما يحصل على أرض الواقع من أزمات متتالية”. وأكد أن “التغيير في القيادة ليس صعبا ًانما يتطلب قراراً”.

شارك المقال