اللاجئون السوريون بين نعمة المنظمات ونقمة النزوح!

راما الجراح

ملف النازحين السوريين لا يُبشر بالخير، وجميع المؤشرات تدل على أن هناك عدة أطراف تطالب بعودتهم إلى بلادهم بعد التدهور الاقتصادي والاجتماعي الذي لم يعد محمولاً في لبنان. تحميل اللاجئين وِزر تطور الأزمة في لبنان ليس موضوعاً حديثاً، فقد شهد هذا الملف تصعيداً منذ فترة وعلى لسان مسؤولين في الحكومة وضرورة عودتهم الآمنة إلى سوريا إلى حد التفاوض مع الحكومة السورية من أجل ذلك.

بعد هذه التطورات، أصدر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أول تصريح له كمرجع ديني في ما يخص هذا الملف، فاعتبر أن وجودهم في لبنان سيشكل لهم حرباً ثانية، مشدداً على ضرورة ترحيلهم لأنه ليس من العدل وجودهم على حساب لبنان. وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض لما طرحه الراعي، ورأى البعض أن ما قاله كان سقطة أخلاقية منه كونه مرجعاً دينياً، فيما البعض الاخر اعتبره مُحقاً في نظرته ويجب إعادتهم في أقرب وقت.

لم يرَ النائب بلال الحشيمي أن تحميل النازحين السوريين مسؤولية ما يحصل في لبنان أمر عادل، وقال لموقع “لبنان الكبير”: “ان الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد هي من مسؤولية السلطة الفاسدة، ولو كان اللاجئ السوري هو سبب ظهور الأزمة، لظهرت منذ العام ٢٠١٣ مثلاً أي بعد عامين على نزوحهم إلى لبنان، ولكن ما حصل هو نتيجة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة من نهب أموال المودعين، والمحسوبيات”.

وأشار الى أن “الدعم الخارجي من الدول المانحة للاجئين، خلق فرص عمل لدى الشباب اللبناني، وهناك نسبة كبيرة اليوم تعمل في مجال التدريس وفي أقسام الادارة في كل المنظمات الدولية في لبنان، ورواتبها بالفريش دولار، وأصبحت هذه الوظائف تُعد فرصة العمر بالنسبة الى اللبنانيين بسبب عدم الاستقرار في سعر الصرف ورواتب القطاع العام المتدنية”.

حوالي ٨٠٪ من الشعب اللبناني أصبح تحت خط الفقر، فهل سبب ذلك هو الوجود السوري في لبنان؟ تساءل الحشيمي، قائلاً: “فليسمحوا لنا جميعاً، ما يحصل معنا اليوم هو عدم مبالاة من السلطات اللبنانية، وتأثير الوجود السوري لا يتجاوز ١٠٪ على الوضع الصعب، ووزارة التربية أول المستفيدين منه فمن خلاله تقوم بدعم الأستاذ اللبناني، لذلك لا يمكن جلدهم بهذه الطريقة وتحميلهم المسؤولية الكاملة وراء كل هذه الأزمات”.

ورجح الحشيمي أن يكون ما يحصل “رسالة الى الخارج أن لبنان بحاجة الى دعم جدّي، محاولين تغطية فسادهم”، مؤكداً أن “السوريين يستهلكون البنى التحتية ولكن في المقابل هناك دعم للبلديات من المنظمات بصورة دائمة لتأهيل الطرقات والبنى التحتية، ومن ناحية أخرى هناك مَن يحمّلهم مسؤولية تلوث الليطاني، وكأنه ملوث على أيامهم فقط! في النهاية لا يجب إعادة اللاجئين الا لدى التأكد من عودتهم الآمنة وكل التقارير الدولية تشير حتى اليوم إلى أن لا أمان في سوريا ولم تنته الحرب بعد”.

اما الوزير والنائب السابق إيلي ماروني فرأى أن “البطريرك الراعي مُحق في كلامه ويجب عودة النازحين السوريين في أقرب وقت، لأنهم كانوا جزءاً من الأزمة، وأصبحوا اليوم أكبر منها، من الناحية الكهربائية، المالية، والاقتصادية، بحيث أن مخيمات النازحين إلى جانب الأنهار ويتم رمي النفايات فيها مما يزيد من التلوث والأمراض”.

وأكد أن “هناك قسماً كبيراً من السوريين ممن له يد في العديد من الجرائم والسرقات التي تحصل في لبنان الذي لا يقوى على تحمل كل هذا العبء. لذلك نريد بكل محبة قراراً جدّياً بالعودة إلى بلادهم حيث أصبحت هناك مناطق آمنة تستطيع استقبالهم، إضافة إلى أن هناك قسماً كبيراً منهم يذهب إلى سوريا ويعود من دون أي موانع ما يدل على أنهم يمكنهم العودة بصورة آمنة ونهائية”.

وعلّق على موضوع التواصل مع الحكومة السورية بالقول: “في هذا الموضوع لا بد من التواصل مع الحكومة السورية ونقطة على السطر، ومن دون مزايدات شعبوية، فكيف نستطيع إعادة مليون ونصف المليون نازح من دون التواصل مع السلطات السورية؟ وفي الأساس غالبية المسؤولين الأمنيين والسياسيين، وحتى رئيس الجمهورية يتواصل معهم، أي أنها لم تقف على هذا الملف”.

شارك المقال