أوكرانيا: بوتين وامتعاض الداخل الروسي

حسناء بو حرفوش

يواجه الرئيس فلاديمير بوتين مشكلة خطيرة في الداخل الروسي في ظل الهجوم المضاد الذي شنته كييف والغضب العارم من الكلفة المتزايدة للحرب والارتفاع في وفيات الجنود والألم الاقتصادي الذي تخلفه العقوبات، وفقاً لما نقل مقال في موقع “نيوز ويك” الأميركي.

وحسب المقال، “يتحدث السياسيون الروس والمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي علناً عن معارضتهم الحرب الروسية. وتشكك الأصوات المؤيدة للكرملين، حتى في وسائل الاعلام الحكومية، في الحرب للمرة الأولى. وينذر ذلك بأن انتصارات أوكرانيا قد تشكل بداية النهاية للرئيس بوتين. ويحذر مسؤول كبير في وزارة الخارجية يعمل في القضايا الروسية من أن ما حصل (يجب أن يقنع حتى المتشككين بأن روسيا انتهت. موسكو قد تدعي أنها تتكيف فقط للتركيز أكثر على دونباس، ولكن حتى تلك الحملة قد انتهت).

ويتقاطع هذا الرأي مع كلام مسؤول عسكري كبير في البنتاغون، قال للصحفيين في وقت سابق من هذا الأسبوع ان هناك تقديراً بأن القوات الروسية قد تخلت إلى حد كبير عن مكاسبها للأوكرانيين وانسحبت من خاركيف. وحذر مع ذلك من أن روسيا ستواصل هجومها في دونيتسك وغرب خيرسون، بما في ذلك الاستخدام المكثف للمدفعية والغارات الجوية. وحذرت مصادر حكومية اشترطت عدم الكشف عن هويتها في اتصال مع “نيوز ويك” من أن الجزء الأصعب هو الآن، مشيرة إلى ما يحدث مع تقدم أوكرانيا، فهل سيدمر روسيا للبقاء في السلطة أم ستدمره روسيا، وتحاسبه أخيراً على خطأ أوكرانيا الفادح؟”.

وفاجأت القوات البرية الأوكرانية ليلة الثلاثاء الماضي، روسيا بشن هجوم واسع النطاق حول خاركيف، ثاني أكبر مدينة في البلاد. وفي وقت سابق من الأسبوع، نشرت صورة لعلم أوكراني معلق فوق قرية على الجانب الشرقي من نهر أوسكيل في شمال دونباس. كما أبلغت وسائل التواصل الاجتماعي عن وجود القوات الأوكرانية في ضواحي ليسيتشانسك، المدينة في لوهانسك مقابل سيفيرودونيتسك على نهر دونيتس. ومع التقدم الأوكراني مجدداً في منطقة لوهانسك، هناك احتمال استعادة الأراضي التي تسيطر عليها روسيا منذ العام 2014.

وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليل الأربعاء أن بلاده استعادت أكثر من 8 آلاف كيلومتر مربع في الأسبوعين الماضيين وتعهد باستعادة جميع الأراضي الأوكرانية. ووصف الحرب بأنها قضية خاسرة بصورة واضحة لروسيا وحث الروس على إلقاء أسلحتهم. ونشرت تقارير متسقة عن استسلام القوات الروسية، بصورة فردية وحتى وحدات كاملة، في مواجهة التقدم الخاطف لأوكرانيا. وتقول المخابرات العسكرية البريطانية إن بعض الوحدات “هربت في حالة ذعر على ما يبدو”.

ودفع الهجوم الأوكراني المضاد في خاركيف، والانسحاب الروسي، القوات الروسية غير المستعدة إلى الوراء وفي غضون ذلك، تقول المخابرات العسكرية البريطانية، إن فقدان إيزيوم وكوبيانسك القريبة، وهي مركز روسي مهم آخر، يهدد خطوط الإمداد الروسية إلى خط جبهة دونباس جنوباً. وقال ضابط في الجيش إنه في حال تمكنت أوكرانيا من الاحتفاظ بأراضيها التي تم الاستيلاء عليها حديثاً، فلا توجد طريقة حقيقية تضمن فوز روسيا في دونباس. وبالتالي فإن ما يسمى بالعملية العسكرية الخاصة قد فشلت وستفشل.

وتعهد الرئيس الأوكراني الأسبوع الماضي بأن أوكرانيا “ستقاتل حتى النهاية” بغض النظر عن التحركات الروسية أو حتى المفاوضات. كما قال مسؤول وزارة الخارجية لـ”نيوز ويك”: “نحن نجهل ما يتطلبه إقناع بوتين بالسعي إلى المفاوضات. وما نعرفه هو أنه لم يعد انتصاراً عسكرياً بعد الآن. يجب أن يفكر بوتين في بقائه في هذه المرحلة”. وخاطرت مجموعة من مسؤولي البلدية في موسكو هذا الأسبوع، بالغرامات والسجن من خلال دعوتها العلنية الى إقالة بوتين. حتى أن أحد المجالس المحلية حث مجلس الدوما على توجيه اتهامات بالخيانة لبوتين على خلفية تدبيره غزو أوكرانيا والإضرار بالاقتصاد. وبدأت وسائل الإعلام المستقلة والمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي بالإبلاغ عن أنباء هزيمة روسيا في أوكرانيا. وكتبت إحدى الصحف هذا الاسبوع أن روسيا “استخفت على ما يبدو بالعدو”.

شارك المقال