الديموقراطية اللبنانية توافقية فاشلة

حسين زياد منصور

حكم الشعب للشعب، الديموقراطية، هذا المصطلح الذي لا ننفك نسمعه يومياً، في لبنان ومختلف دول العالم، وفي سبيل هذا المبدأ اشتعلت ثورات وحروب لتطبيقه، هو التعببر المضاد لمصطلح الديكتاتورية. فمن خلال الديموقراطية يشارك جميع المواطنين المؤهلين بطريقة متساوية من الممارسة الحرة في تقرير مصير الوطن، وفي ذلك يرى الجميع أنها أساس في تقدم المجتمعات وتطورها وتعتبر حلاً لكثير من المشكلات التي نواجهها.

وتحت شعار الحرية والديموقراطية في العالم العربي، اشتعلت التظاهرات منذ 12 عاماً، في تونس ومصر وليبيا وسوريا.

وتعتبر الديموقراطية المرتبطة بالسياسة اللبنانية مميزة، يحسدنا عليها أشقاؤنا العرب، لكن هذه الديموقراطية اللبنانية مجرد شعار فارغ، فمبادئها مغايرة ومختلفة. اذ يعتبر النظام اللبناني جامعاً للديموقراطية والديكتاتورية، ففيه تجري انتخابات وفق معايير محددة، لكن الطبقة الحاكمة تعود الى انتاج نفسها في كل مرة، مع عدم ظهور وجوه جديدة الا في حالات نادرة.

أنتج النظام السياسي اللبناني نوعاً جديداً من الديموقراطية في الحكم، فما هو متعارف عليه على سبيل المثال وجود حكومة ومعارضة لا تشارك فيها كي تواصل رقابتها عليها ومحاسبتها. في لبنان ظهرت الديموقراطية التوافقية، أي أن القرارات تتخذ بالتوافق السياسي والطائفي بين جميع المكونات، أي بخلاف الأسس الديموقراطية المتعارف عليها.

تعتبر الانتخابات النزيهة احدى أسس الديموقراطية الأساسية، فهي الطريق نحو استقرار مجتمعي وسياسي وأمني، اما في لبنان فهي مجرد يوم لاسقاط الورقة في صندوق الاقتراع، وما ينتج عن ذلك غير مهم، بل مجرد مشاركة صورية للمواطنين في العرس الديموقراطي، اذ أن القوانين الموضوعة تلبي مطالب واضعيها فقط، فيظن المتابع للانتخابات أن ما يحصل سيؤدي الى التغيير والتقدم طالما أن اللبناني يطبق قيم الديموقراطية ويقوم بواجباته ويمارس حقوقه في اختيار ممثلين عنه وابداء رأيه بكل صدق من دون عوائق وعرقلات.

يلعب التوريث السياسي في لبنان دوراً أساسياً في اللعبة اللبنانية، وهو ما يراه فريق من اللبنانيين معارضاً لمبادئ الديموقراطية وقيمها، فيما يعتبره آخرون جزءاً منها لأن الناس هي من اختارت وفق معايير الديموقراطية. ويضرب الكثير منهم مثالاً أميركا موطن الحريات والديموقراطية عندما ورث جورج دبليو بوش السلطة عن والده.

اذاً في اليوم الدولي للديموقراطية كل ما يجري في لبنان يؤكد أن الديموقراطية اللبنانية مزيفة وقائمة على الغش والتلاعب والاستغلال، على الرغم من وجود دستور وحريات تعبير وفصل للسلطات الا أن الممارسات لا تحترم هذه المبادئ، لكن وجودها يعطي الطابع الديموقراطي للبنان، مع أن هناك دولاً ديكتاتورية لا تتوافر فيها هذه المقومات نجدها أكثر استقراراً وأماناً من لبنان.

ان الوصول الى دولة تحترم المبادئ والنظم الديموقراطية، يقوم على تأمين التعليم المحق واحترام الاعلام للأنظمة والمعايير حتى تصل الرسالة بصورة دقيقة وسليمة الى المواطن.

شارك المقال