ماذا وراء قطع الانترنت في إيران؟

حسناء بو حرفوش

حذرت قراءة في موقع Wired الالكتروني البريطاني من أن “قطع السلطات الايرانية الانترنت عبر الهاتف المحمول وعبر منصات (واتساب) و(إنستغرام)، في ظل استمرار الاحتجاحات على خلفية مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني، ينذر بارتفاع عدد القتلى في الشوارع التي تعج بالمتظاهرين والسيارات”.

وذكر المقال بالمظاهرات التي اندلعت في “مدينة شاهرود الايرانية والتحديات العلنية التي أطلقتها النساء من خلال التلويح بحجابهن في فيديوهات انتشرت على الانترنت، ومقاطع حرق النساء حجابهن وهن يرددن الهتافات من أجل الحرية، ثم المقاطع التي تظهر اشتباكات تبدو وكأنها مع ضباط الشرطة في أكثر من 80 مدينة في جميع أنحاء إيران. ويعود مثلاً حساب 1500 tasvir الذي نشر العديد من هذه المقاطع إلى العام 2019، حين أنشئ بعد احتجاجات واسعة النطاق قضى فيها مئات الأشخاص على أيدي الشرطة. وخلال تلك الاحتجاجات، قام المسؤولون الايرانيون بايقاف الإنترنت تماماً، ومنع الناس من تنظيم الاحتجاجات والحد من تدفق المعلومات من وإلى إيران. وها هو التاريخ يعيد نفسه الآن، ولكن هذه المرة، يحصل ذلك تحت أعين المزيد من الناس.

وقام المسؤولون الايرانيون مراراً وتكراراً هذا الأسبوع، مع خروج آلاف الأشخاص إلى الشوارع للاحتجاج على وفاة أميني، بإغلاق اتصالات الانترنت عبر الهاتف المحمول وتعطيل خدمات Instagram و WhatsApp، التي تعد من أكثر وسائل التواصل الاجتماعي استخداماً في البلاد. وتعد موجة قطع الانترنت هذه المرة الأكبر منذ تشرين الثاني 2019، وهي تثير مخاوف من ارتكاب المزيد من العنف. وحتى الآن، تشير المعلومات إلى مقتل أكثر من 30 شخصاً، بينما اعترفت الحكومة الايرانية بمقتل 17 شخصاً فقط. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول دوغ مادوري، مدير تحليل الانترنت في شركة مراقبة تتابع عمليات الايقاف: أصبح إيقاف تشغيل خدمة الانترنت عبر الهاتف المحمول أمراً مهماً بالنسبة الى الحكومة الايرانية في سياق التعامل مع الاضطرابات المدنية. ولطالما استخدم الناس هذه الخدمات لمشاركة مقاطع فيديو للاحتجاجات وقمع الحكومة، لذلك أصبحوا أهدافاً للرقابة الحكومية.

وبدأت إيران بإيقاف الانترنت في 19 أيلول مع اكتساب الاحتجاجات حول وفاة أميني زخماً كبيراً. ومنذ ذلك الحين، قام العديد من منظمات مراقبة الانترنت، بما في ذلك Kentik و Netblocks و Cloudflare بتوثيق الاضطرابات. وقالت المجموعات إن مشغلي شبكات الهاتف المحمول، بما في ذلك أكبر مزودي الخدمة في البلاد واجهوا انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي. وفقد العديد من مزودي خدمات الهاتف المحمول الاتصال لمدة 12 ساعة تقريباً في كل مرة، ولفتت Netblocks إلى أنها شهدت نمطاً من الانقطاعات شبيه بنمط حظر التجول. وتقول فيليسيا أنطونيو، التي تقود معركة منظمة Access Now غير الحكومية ضد قطع الانترنت، إن شركاء المجموعة أبلغوا عن حظر الرسائل النصية التي تحتوي على اسم أميني.

وبدأ القمع ضد Instagram و WhatsApp في 21 أيلول، وذكرت وسائل إعلام إيرانية مدعومة من الدولة أنه من غير الواضح إلى متى ستستمر عمليات الحظر على Instagram و WhatsApp لكنها فُرضت لأسباب تتعلق بـ (الأمن القومي). ووفقاً لماهسا علي مرداني، الأكاديمي في معهد أكسفورد للانترنت والمطلع على نطاق واسع على عمليات إيقاف الانترنت والضوابط في إيران، يبدو أنهم يستهدفون المنصات التي تعد شريان الحياة للمعلومات والاتصالات التي تبقي الاحتجاجات حية. ويحذر أحد أعضاء فريق 1500 tasvir من أن إيقاف الانترنت قد يترك تأثيراً (هائلاً) على الاحتجاجات، فعندما لا يرى الناس في جميع أنحاء إيران أن الآخرين يحتجون، قد يساورهم التردد ويفقدون الشجاعة ويشعرون بالوحدة. وفي السنوات الأخيرة، استخدمت الحكومات التي تريد إسكات مواطنيها أو التحكم في سلوكهم بصورة متزايدة قطع الانترنت الصارم كأدوات للقمع. وفي العام 2021، أوقفت 23 دولة، من كوبا إلى بنغلادش، الانترنت بصورة جماعية 182 مرة. وليست هذه الممارسة بجديدة في إيران. ويعد الاغلاق الحالي الأكبر منذ احتجاجات ت2 2019، عندما نزل الناس إلى الشوارع بسبب ارتفاع حاد في أسعار الوقود. وعلى الرغم من قطع الانترنت، تسربت بعض اللقطات من الاحتجاجات. وعلق عضو فريق 1500 tasvir، المقيم خارج إيران، بالقول: لا يريدون أن يعرف العالم مدى قسوتهم!”.

شارك المقال