“توما” الأرمني يستحضر غياب “الشيخ سعد” وطنياً

رواند بو ضرغم

غابت زعامة آل الحريري عن الساحة السنية، فتشرذم الواقع النيابي وتشتت الموقف على عتبة استحقاقات دستورية مفصلية، في مقدمها انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وسعياً الى لمّ الشمل، دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان النواب السنة الى لقاء في دار الفتوى، لوضعهم أمام مسؤولياتهم في اختيار رئيس يحافظ على ثوابت الطائف والدستور والعيش المشترك وشرعية لبنان الوطنية والعربية والدولية.

غير أن الواقع المسيحي ليس أفضل حالاً من الواقع السني، فالأقطاب المسيحيون الكبار لا يتلاقون على مواصفات موحدة للرئيس المقبل، لا بل يلوّح البعض منهم بتعطيل نصاب جلسة أهم استحقاق دستوري مسيحي. لذلك، ناشد رئيس كتلة نواب الأرمن النائب آغوب بقرادونيان عبر موقع “لبنان الكبير” الرؤساء الروحيين المسيحيين أن يتمثلوا بالمفتي دريان، ويبادروا الى دعوة رؤساء الأحزاب المسيحية، وليس الشخصيات المارونية وحسب، للحوار والتفاهم وتوحيد الموقف المسيحي ككل.

أما التشرذم السني فاعتبر النائب بقرادونيان أنه بدأ مع قرار الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي، لأنه يبقى الرجل السياسي الجامع الذي يوحد الموقف السني، وثَبُت في غيابه أن لا قيادة سنية واحدة، وتجلّى هذا الواقع في تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بأصوات سنية زهيدة. لذلك تمنى بقرادونيان عودة الرئيس الحريري الى لبنان لأن وجوده يشكل قيمة مضافة للحياة السياسية، وليساعد على اعادة إنهاض البلد. فغياب “الشيخ سعد”، كما يحب أن يناديه النائب بقرادونيان، ترك فراغاً سياسياً، ليس عند الطائفة السنية وحسب، بل عند كل الطوائف وعلى الصعيد الوطني.

يميل النائب بقرادونيان الى دعم رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية رئاسياً، وإن كان يحرص على عدم الاعلان عن موقفه بوضوح. ويقول إن فرنجية يستطيع أن يحصل على عدد كبير من النواب ويمثل إجماعاً وطنياً، فهو مقبول شيعياً وسنياً ودرزياً، الا أن مشكلته مسيحية، وخصوصاً مع “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”.

يرى بقرادونيان أنه “ليس صحيّاً” أن تصبح قيادة الجيش طريقاً إلى رئاسة الجمهورية، ولا يرى في الوقت عينه مرشحين جديين آخرين، وهو ضد استيراد الرؤساء من خلف البحار، فعلى الرئيس المقبل أن يكون في لبنان، وقد عايش أوجاع الناس وهمومهم.

ويتوجه بقرادونيان الى حليفه النائب جبران باسيل كصديق ويسأله: لماذا لا نتفق كمسيحيين على رئيس؟ لماذا لا نعقد لقاءات ونجري مناقشات بعيداً من منطق الربح أو الخسارة أو بمعزل عمن يأخذ المناصب والوظائف؟ فالاشكالية الكبرى هي مستقبل المسيحيين في الشرق.

ومن دون تردد، يؤكد بقرادونيان أن فرنجية هو أكثر من يضمن حفظ وجود “التيار الوطني الحر” وشعبيته، ويساعد في حصر تداعيات خروج الرئيس ميشال عون من قصر بعبدا. ففرنجية لن يكسر حليفه باسيل، مهما بلغ حد التباعد، وهو المعروف عنه بالواقعية وإعطاء كل ذي حق حقه، حتى لو كان من الخصوم.

يبقى المهم عند “التيار الوطني الحر” وحلفائه السياسيين أن تتألف حكومة كاملة المواصفات، وانتخاب رئيس للجمهورية قبل الواحد والثلاثين من تشرين، والا فسندهب نحو مشكل كبير في البلاد، ولا يستبعد أحد إمكان الحشد التياري لمنع خروج الرئيس عون من قصر بعبدا، لأن استلام مهام رئيس الجمهورية ليس مجرد فعل تقني انما هو أمر سياسي، لا يصلح التقنيون لاستلامه.

لذلك على المعنيين أن ينجزوا الاستحقاق الحكومي وفق بقرادونيان، وذلك منعاً لأي اجتهادات دستورية وفوضى متوقعة، ويقول انه بات مثل “توما” لا يصدق أي أجواء ايجابية قبل إعلان مراسيم الحكومة، وخصوصاً أن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لم يسأل كتلة نواب الأرمن بعد عن اسم وزيرها، لاسيما أنه يعلم بأن تقليدنا يقضي بفصل النيابة عن الوزارة، وكنا قد أبلغناه هذا الأمر في الاستشارات النيابية غير الملزمة.

شارك المقال