تأليف لا تأليف… اذا مش الاثنين الخميس!

هيام طوق
هيام طوق

لا يبدو أن الحكومة ستخرج من عنق الزجاجة الا على الرمق الأخير وفي ربع الساعة الأخير من ولاية العهد الحالي بحيث أنه كلما تقدمت سنتمتراً الى الامام تعود متراً الى الخلف، وكلما سادت أجواء التفاؤل في الولادة القريبة، تعود وبسرعة قياسية الأجواء الغامضة والضبابية تلف هذا الاستحقاق من جوانبه كافة.

منذ أيام، كان المناخ السائد أن الحكومة سترى النور بين ليلة وضحاها وأصبحت في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة عليها حتى أن أوساط الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي أكدت أول من أمس (الاثنين) أن يوم الثلاثاء سيشهد لقاء بينهما الا اذا طرأ طارئ، ما يعني أن العراقيل القديمة – الجديدة عادت لتتحكم بعملية التأليف، اذ بات من الصعب بمكان تحديد وجهة الرياح الحكومية ومصيرها الذي يتوقف على الوساطة والاتصالات القائمة بين الطرفين المعنيين خصوصاً وأن مصادر أكدت لـ” لبنان الكبير” أن الرئيس ميقاتي يتريث في زيارة القصر الجمهوري قبل التوصل الى صيغة يتم التوافق عليها، ويريد أن يقرن وعده بالفعل بعدما تعهد بأنه لن يخرج من بعبدا قبل انجاز الحكومة.

وفيما تتحدث المعلومات عن أن الرئيس ميقاتي تسلم عبر وسطاء لائحة من فريق رئيس الجمهورية تتضمن مجموعة من المطالب القديمة، ومنها إقرار تعيينات في الفئة الأولى، فإن مصدراً مقرباً من ميقاتي أوضح لموقع “لبنان الكبير” أن الجميع بات على قناعة بضرورة التشكيل، والجهود تصب في هذا الاتجاه على الرغم من العراقيل، لكن في الوقت نفسه يمكن القول ان التوافق على تفعيل الحكومة الحالية مع تعديلات طفيفة عليها ليس بعيداً بحيث هناك سيناريو أول، يشمل تبديل وزير المال يوسف خليل ووزير المهجرين عصام شرف الدين، وسيناريو ثان، يتحدث عن تبديل أربعة وزراء من طوائف مختلفة، هم: خليل وشرف الدين، ووزير الاقتصاد أمين سلام الذي سيسمّي ميقاتي بديلاً عنه من عكار على أن يقابل ذلك تبديل وزير مسيحي من حصة ميقاتي يسمّيه رئيس الجمهورية. وخلال التفاوض في التشكيل، يمكن أن تتغير الطروحات، وتتبدل المعطيات الى حين لحظة اعلان التشكيلة النهائية، وبالتالي، لا شيء محسوم قبل اللقاء المرتقب بين الرئيسين. وفي حال استمر النقاش حول هذين الطرحين، ولم تدخل على خط التأليف أدوات تعطيلية، فالحكومة قد تبصر النور نهاية هذا الأسبوع، أو بداية الأسبوع المقبل، لكن لا شيء مؤكد.

وأشار مصدر مطلع على مفاوضات التشكيل في تصريح لـ “لبنان الكبير” الى أن اليوم الأربعاء مفصلي في التأليف، ومن المفروض أن يحصل اللقاء بين الرئيسين عون وميقاتي، واذا لم يحصل فهذا يعني أننا ذاهبون الى تعقيد وأزمة. علينا الانتظار، ومعرفة مضمون النقاش ليبنى على الشيء مقتضاه، لكن الى اليوم لا شيء يدل على أن الايجابية تراجعت لصالح السلبية، مؤكداً أن “لا أحد يعلم بالتفاصيل المطروحة سوى الحلقة الضيقة حول الرئيسين، وكل ما يسرّب يبقى في خانة التكهنات والتحليلات. ما هو مؤكد أن هناك طرحين: اما تغيير وزيرين أو تغيير 4 وزراء من كل الطوائف. وما يحكى عن العودة الى المطالب القديمة – الجديدة ليس دقيقاً خصوصاً أن فريق العهد لا يستطيع أن يحمل هذا الحمل أمام الناس وأمام “حزب الله” الذي دخل على خط الوساطة.

ورأى أنه ليس بالضرورة أن تتألف الحكومة خلال لقاء اليوم اذا حصل، لأن هناك بعض الأمور بحاجة الى المزيد من النقاش والتوافق حولها، ولا أحد يعلم ان كان التوافق الذي كان قائماً قبل سفر الرئيس ميقاتي لا يزال ساري المفعول أو أن “التيار الوطني الحر” تراجع عنه.

ولفت نقيب المحامين السابق في الشمال محمد المراد الى أن “اشاعة أجواء ايجابية حول التشكيل تأتي على خلفية الضرورة له، وهناك تلاق أنه عندما تكون الحكومة مكتملة المواصفات تستطيع أن تقوم بأعمال أكثر بكثير من الحكومة المستقيلة، لكن الترجمة العملية لمسألة التشكيل تصطدم بصورة واضحة مع رغبات ومتطلبات جهة سياسية معينة لأنه اذا ولدت حكومة لا تتناسب مع مصلحة هذه الجهة فستكون قد أفقدت هذه الفئة عمق وجودها. وبالتالي، هذه هي المسألة المعضلة التي تعوق عملية التشكيل بمعنى أدق أن رئيس الجمهورية وفريقه السياسي عندما يخرجان من قصر بعبدا، سيبحثان عن مكان آمن في مكان آخر وهو الحكومة. العملية ليست بالأمر السهل خصوصاً أن الرئيس المكلف يتنبه الى هذا الأمر أي أنه لا يريد أن يطغى فريق ما على عمل الحكومة التي ستتألف”.

وأشار الى “أننا لا نلمس على أرض الواقع تقدماً في التشكيل، الا أن هذا لا يعني أن الامور لن تصل الى خواتيمها الجيدة، لكن مسارها عسير. والمنطق يقول ان هناك مصلحة وطنية للجميع في التأليف”.

أما من الناحية القانونية، فلا بد من السؤال: هل بعد دعوة الرئيس نبيه بري المجلس النيابي الى الانعقاد لانتخاب رئيس للجمهورية يوم غد الخميس، يحق للمجلس أن يجتمع ليعطي الثقة للحكومة في حال تشكلت أو يتحول الى هيئة ناخبة فقط؟ رئيس مركز “ليبرتي للدراسات القانونية والدستورية” محمد زكور أوضح أن “هناك وجهتي نظر تتضاربان حول هذا الموضوع: ثمة من يقول ان مجلس النواب بعد الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية يتحول الى هيئة انتخابية وليس هيئة تشريعية، ولا يحق له أن يقوم بأي عمل من أعمال التشريع الا لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذه وجهة نظر لها أربابها وجهات سياسية تتبناها. اما وجهة النظر الأخرى، فتعتبر أنه بغض النظر عن بدء المدة الدستورية لانتخاب الرئيس، فإن مجلس النواب حين يدعوه رئيسه الى الانتخاب، يصبح في تلك الجلسة هيئة انتخابية لا تشريعية، لكن يستطيع في الجلسات اللاحقة أن يقوم بأعمال تشريعية، ووجهة النظر هذه يتبناها فريق الرئيس بري. وجهتا نظر، وكل طرف يفسر الدستور حسب مصالحه. اما بالنسبة الينا كدستوريين، فنعتبر أنه لا يحق لمجلس النواب أن يقوم بأي عمل خلال الفترة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية بل يتحول الى هيئة ناخبة، ولا يستطيع أن يقوم بأي عمل تشريعي. والجدوى من ذلك، حث المشرّع على التفرغ لانتخاب الرئيس”.

شارك المقال