الترسيم… مقدمة لاتفاق سلام أو للتطبيع؟

هيام طوق
هيام طوق

اذا لم تظهر شياطين التفاصيل في المقترح الاسرائيلي المكتوب الذي سلمته السفيرة الأميركية دوروثي شيا الى الرؤساء الثلاثة، فإن ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، وضع على السكة الصحيحة، اذ من المفترض بعد دراسة بنوده القانونية وإحداثياته التقنية من المهندسين والتقنيين في الجيش اللبناني، أن يرسل لبنان جواباً الى واشنطن في الساعات المقبلة. وفي هذا السياق، عقدت ورش عمل تقنية أمس في القصر الجمهوري، كما اجتمع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي للتوافق على الجواب اللبناني.

وفيما أوضح نائب رئيس مجلس النواب النائب الياس بو صعب أن “الجو ايجابي جداً، وهذا واضح من خلال اعتراف الفريق الآخر بأن لبنان نال أكثر من الطرف الآخر. وما تقول فول قبل ما يصير بالمكيول”، أعلنت الخارجية الأميركية أنّها قدمت مقترحاً بشأن اتفاق نهائي لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بحيث أن هذا الاتفاق “سيعزز الاستقرار في المنطقة”.

وبغض النظر عن الجانب الاقتصادي الذي تشوبه الشكوك من اللبنانيين لناحية مسألة استخدام الموارد النفطية اللبنانية في حال توافرها بكميات تجارية اذ أن المنظومة التي سرقت مليارات الدولارات، وتشاركت في تبديد 160 مليار دولار من الودائع المصرفية، لا يمكن الوثوق بها، وتسليمها الملف، فإن تخريجة التوقيع على الاتفاق لم تحدد بعد إن كان من خلال اجتماعات الناقورة، أو بوثيقة رسمية ترعاها الأمم المتحدة، توقع خلالها الدولتان، الأوراق الرسمية، كل بمعزل عن الأخرى.

وفي وقت أشارت مصادر مطلعة على اجتماع اللجنة التقنية العليا، بحضور بو صعب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والخبراء والمهندسين، الى أن الملاحظات حول اتفاق ترسيم الحدود ليست مهمة، ولا تؤثر على الاتفاق، اعتبر عدد من المراقبين أنه في حال حصل توقيع اتفاق الترسيم، فسيكون مقدمة لاتفاق سلام أو ما يشبهه بين لبنان وإسرائيل. وبالتالي، لا بد هنا من الأسئلة: هل سيؤثر الترسيم البحري على الترسيم السياسي في الداخل اللبناني؟ وهل الترسيم البحري يمكن أن يكون مقدمة لترسيم الحدود البرية؟ وهل الترسيم يمكن أن يؤدي في مراحل لاحقة الى سلام مع العدو الاسرائيلي؟

لفت النائب السابق محمد الحجار الى أن “العدو الاسرائيلي يهمه السلام مع لبنان، لكن لا أرى أن ذلك وارد خصوصاً في هذه الظروف مع وجود لاجئين فلسطينيين، وأي محادثات سلام بين لبنان والعدو غير ممكنة حالياً لأن لبنان آخر دولة يمكن أن تعقد اتفاقية سلام مع العدو الاسرائيلي. وبالتالي، لا علاقة لملف الترسيم البحري بالسلام أو التطبيع كما أنني لا أرى أنه مقدمة للترسيم البري اذ أن الظروف ليست ملائمة والمعطيات المتوافرة والمواقف المعلنة لا تدل على ذلك”.

وأشار الى أن”ما يسرّع من وتيرة الترسيم الايجابي هو الحاجة الأوروبية الى الغاز، ولو لم تكن هذه الحاجة لما كان أحد مهتماً بالترسيم مع لبنان أو تهمه مصالحنا. إذا استطعنا انتاج الغاز وادارته بصورة جيدة، يؤثر ايجاباً على الاستقرار الاقتصادي الذي يؤثر بدوره على الاستقرار الأمني والسياسي لأن كل الامور مرتبطة بالوضع الاقتصادي والمالي. ومن المهم جداً انشاء صندوق سيادي مقونن توضع فيه الأموال، وتكون حركتها واضحة وليست سائبة”.

أما النائب السابق وهبة قاطيشا، فرأى أن “السياسة اللبنانية لن يؤثر عليها الترسيم بقدر ما تؤثر عليها سياسة أطراف في الداخل بمعنى أنه طالما هناك حزب يملك السلاح، فلبنان معرض في كل لحظة لأي خضة داخلية أو مع العدو الاسرائيلي”، معتبراً أنه “لا يمكن أن نأمل بالاستقرار في ظل وجود السلاح غير الشرعي.”

وذكر بأن “الحدود البحرية لم تشهد يوماً حدثاً أمنياً على الرغم من بعض الرسائل”، عازياً تأخير المفاوضات لسنوات الى أنهم “كانوا يريدون تحويل الحدود البحرية الى مزارع شبعا بحرية، وحين اختلفت الأوضاع بحيث أن الغاز أصبح مطلباً دولياً كما أن لبنان بات على شفير الانهيار الاقتصادي، لم يعد هناك أي مبرر للتأجيل”. وشدد على أن “الترسيم البري غير وارد طالما السلاح موجود مع الحزب لأن مبرر وجود هذا السلاح مزارع شبعا”.

وقال السفير خليل الخليل: “صحيح أن الترسيم يؤدي الى الاستقرار، ولكن كيف؟ ووفق أي شروط؟ وأي نوعية من الترسيم؟ هل الترسيم بناء على رغبة اسرائيل أو بناء على تحقيق رغبات لبنان ومصلحته؟ اليوم لا شك في أن هناك نزاعاً على الحدود بين لبنان واسرائيل حتى الخط الأزرق، لدينا اعتراضات عليه، وبالتالي، الحدود غير مستقرة، ولدينا مصالح مختلفة عن مصالح اسرائيل. وبالتالي، الترسيم يؤدي الى الاستقرار اذا كان يحقق ويلبي طموحات المشاركين في هذه الحدود اما اذا كان هناك فريق يغلب الآخر، فالترسيم لن يجلب الاستقرار الذي هو نتيجة التفاهم وحل المشكلات وليس البناء على الخلاف والتشبث والهيمنة”.

وأكد أن “الأميركيين لديهم الامكانات، وتبرهن أميركا يوماً بعد يوم أنها لا تزال القوة العظمى الأولى في العالم، ولها مصالح متعددة وواسعة في كل أصقاع الارض وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط”، موضحاً أن “ليس لدينا تصور فعلي وحقيقي وواقعي للوساطة الأميركية في الترسيم، لكن لا علاقة للترسيم البحري بالترسيم البري اذ أن التقنية في الترسيم البحري تختلف عنها في الترسيم البري”.

وتحدث عن وجهة نظره التي تشدد على وجوب “أن ينقسم العالم العربي الى مجالس تعاون مختلفة بحيث أن لبنان وسوريا والأردن والعراق وفلسطين يجب أن تكون وحدة متكاملة اقتصادياً، وتؤلف نوعاً من مجلس تعاون بينها على غرار مجلس التعاون الخليجي. في حال نجحنا في ذلك، ثم أقنعنا الجانب الاسرائيلي بأن لديه مصلحة في التفاهم مع الفلسطينيين حينها لا نمانع السلام اذ لسنا مختلفين مع اليهود انما مع الصهاينة الذين لا نقبل بهم. حين يتصالح الفلسطيني مع اليهودي، وحين تدعو الدول العربية الى سلام دائم مع اسرائيل ضمن شروط معينة حينها على ماذا نعترض؟ الفلسطينيون في الضفة الغربية ليسوا متفاهمين مع اسرائيل على الرغم من الخلافات”.

شارك المقال