ايران: الاحتجاجات ليست ككل مرة!

حسناء بو حرفوش

لا شك في أن الاحتجاجات ليست بالظاهرة الجديدة في إيران، خصوصاً في الآونة الأخيرة، إلا أن بعض المراقبين يخلص إلى أنها ليست كسابقاتها. فما الذي يجعلها مختلفة هذه المرة؟ الاجابة في مقال بموقع “ذا ستار” الالكتروني، يرى في المظاهرات التي اندلعت إثر مقتل مهسا أميني، تهديداً للنظام.

ووفقاً للمقال، “تحولت موجة التنديد التي توسعت لتشمل نحو خمسين مدينة إيرانية، الى معارضة أكبر ضد المؤسسة الدينية، على الرغم من تعهد ابراهيم رئيسي بمعاقبة كل من قد يهدد أمن البلاد واستقرارها. وأحصت الجمعيات الحقوقية وتقارير إعلامية، عشرات القتلى والمعتقلين في صفوف النشطاء والصحافيين البارزين.

وتشكل المظاهرات التي اندلعت مؤخراً تحدياً خطيراً وواضحاً للحكومة. ما الذي يجعلها مختلفة عن سابقاتها؟

إنقلاب المرأة على الأنظمة الأبوية الصارمة يأتي أولاً. إذ أن المظاهرات المتنقلة بين المدن بقيادة جمهور من النساء اللاتي أجبرن منذ سنين على الخضوع للأعراف الدينية الصارمة والأنظمة الأبوية التي تختصر حيواتهن وحرياتهن وأدوارهن المجتمعية بالأعمال المنزلية. وتشهد التحركات اليوم على أن هؤلاء لا يطالبن باستعادة الحقوق فحسب، وإنما يكسرن حاجز الخوف من خلال التعبير الجريء عن الشعور بالظلم وعن التحدي الواضح للقوانين المحلية والتعليمات الدينية. هذا ما تبلور بوضوح على الأرض حيث عمدت نساء إيرانيات الى قص شعرهن أو نزع حجابهن وحرقه، وسط ترديد لعبارات مثل “الموت للديكتاتور” أو “العدالة، الحرية، لا لفرض للحجاب الالزامي”. وهكذا، تحمل الاحتجاجات بصمة المرأة الايرانية بصورة صارخة وتضعها في إطار التغييرات الجوهرية في الجمهورية الاسلامية.

تسونامي الاحتجاجات

ثانياً، انتشرت الاحتجاجات في إيران كالنار في الهشيم. وحسب التحليل، من اللافت في موجة الغضب الحالية، سرعة انتشار الاحتجاجات بشكل تخطى الوقعات. فبعد أن بدأت كتحرك غاضب ضد فرض الحجاب وشرطة الآداب، سرعان ما تحولت الى معارضة أكبر ضد المؤسسة الدينية الإيرانية. وعدا عن الارتفاع في أعداد المتظاهرين، بدا واضحاً أن هؤلاء يتمتعون بجرأة أكبر تدفعهم الى تحدي النظام المتشدد، وهذا ما يؤثر سلباً على الحكومة الإيرانية.

ويبدو أن الايرانيين يرفضون هذه المرة، التراجع عن موقفهم، ولا سيما الشباب منهم والذين اختبروا الأمن المتشدد للغاية وعانوا من الاقتصاد المنهار وأنهكوا من العزلة عن بقية العالم لسنوات كثيرة من حياتهم. لقد خرج هؤلاء وملؤهم الارادة والمثابرة لقطاف ثمرة نضالهم وضمان الحقوق والحريات الأساسية. ومقابل هذه العزيمة، استمرت حملة الحكومة القمعية، لكن تأثيرها يتضاءل كلما ازداد التصعيد.

الضغوط الدولية

ثالثاً، لا تعاني إيران من الضغوط الداخلية فحسب، بل تواجه التهديد بعزلة أكبر نتيجة للضغوط الدولية المتزايدة. وقد وصل التنديد بمقتل أميني إلى الولايات المتحدة التي أدانت على لسان وزير خارجيتها أنتوني بلينكن انتهاكات النظام وما يرتكبه ضد مواطنيه. وغرّد بلينكن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، داعياً الحكومة الايرانية الى وضع حد للاضطهاد الممنهج ضد النساء والسماح بالاحتجاجات السلمية، مشيراً إلى أن أميني كان يجب أن تكون اليوم على قيد الحياة. وبدوره، أصدر الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي تصريحاً طالب فيه إيران بالتراجع الفوري عن الحملة القمعية التي تستهدف الاحتجاجات، مع التشديد على ضرورة ضمان وصول الجمهور إلى الانترنت.

النظام يقابل المظاهرات بالاستخفاف

أما السلطات الايرانية فردت بإظهار الاستخفاف، وقال وزير الخارجية الايراني في مقابلة على أثير الاذاعة الوطنية الايرانية ان إيران لا تشهد مشكلة كبيرة، وان النظام لن يتغير. ووضع ما يحصل في خانة التلاعب بالشعب الإيراني. فهل يعكس هذا الموقف عدم إدراك الحكومة الايرانية مراقبة العالم لها؟ لقد فرضت الاحتجاجات واقعاً جديداً يضع إيران أمام تحديات كبرى وقد تدق ناقوس الخطر في إشارة الى ضرورة استجابة النظام لمطالب المواطنين”.

شارك المقال