هل تغير الولايات المتحدة استراتيجيتها في أوكرانيا؟

حسناء بو حرفوش

لم يتغير موقف الولايات المتحدة الرسمي من الحرب الأوكرانية منذ الغزو الذي قام به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على الرغم من مرور سبعة أشهر والتطورات المختلفة التي سجلت منذ ذلك الحين، حسب مقال في موقع “نيوز ويك” الالكتروني الأميركي.

ووفقاً للقراءة، “هذا يعني أن الموقف الأميركي يبقى مبسطاً وينتهج وجهة النظر الأوكرانية التي تصور بوتين كمحتل شرير وفولوديمير زيلينسكي كرجل نبيل، ويشدد على أن الولايات المتحدة ستستمر على ما يبدو، بدعم الجهود الأوكرانية لاستعادة كل قطعة أرض في دونباس وشبه جزيرة القرم من خصمها المسلح نووياً، بغض النظر عن التكلفة التي يتحملها دافعو الضرائب في الولايات المتحدة.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد تعهد بمواصلة دعم أوكرانيا نظراً الى أنها تدافع عن نفسها ضد العدوان الروسي مهما تطلب الأمر، وهذا يترجم الرسالة التالية: “سندافع عن أوكرانيا بغض النظر عن التكلفة”. ولكن في هذه المرحلة من الحرب، قد يؤدي هذا الموقف إلى نتائج عكسية تضر بالمصلحة الوطنية الفعلية للولايات المتحدة في هذه المناطق المتنازع عليها. إذ أن المصلحة الأميركية الوطنية في المسرح الأوكراني لا تتوافق مع موقف زيلينسكي، بل ترتبط بوقف التصعيد والسلام. وهذا يستدعي من بايدن الاعتراف بالواقع وتغيير المسار الاستراتيجي على الفور.

ومنذ البداية، تأكد من أن مصير زيلينسكي واضح وقد تراجعت القوات الروسية عن كييف والمناطق المحيطة بها على طول الطريق في أيار الماضي. وهذا يعني في هذه المرحلة، أن زيلينسكي لن يذهب إلى أي مكان؛ وسيبقى هو وحكومته هنا، خصوصاً وأن بقاءه في السلطة في كييف أفضل من البديل الواضح لدولة “دمية” لموسكو على غرار بيلاروسيا.

ومن ثم، في ما يتعلق بالأراضي المتنازع عليها والتي اعتبرت واشنطن أن إعادتها مصيرية بالنسبة الى وجود أوكرانيا، لا يتفق جميع سكانها على ضرورة دفع الثمن الباهظ للحرب. والأسوأ من ذلك، أظهر استطلاع رأي يعود الى العام الذي دخلت فيه روسيا القرم، أن 73.9% من سكانها يعتقدون أن الانضمام إلى جزء من روسيا سيؤدي الى تحسين حياتهم وحياة أسرهم، بينما بلغت نسبة المعارضين %5.5 فقط. والحال سيان بالنسبة الى مختلف الجيوب في دونباس، مثل لوهانسك ودونيتسك، المقسمة إلى حد كبير بين العرق الأوكراني والعرق الروسي؛ وعلى سبيل المثال، تتمتع لوهانسك بتقسيم ديموغرافي بنسبة 50 – 50 تقريباً.

ومن أجل توضيح الأمور قدر الامكان، لا بد من الاشارة إلى أن المواطن الأميركي العادي ​​لا يهتم، ولا ينبغي له أصلاً، أن يهتم بما إذا كانت منطقة سلافية مقسمة عرقياً، أو غير مهمة من الناحية الاستراتيجية، أو منطقتان سلافيتان متنازع عليهما تاريخياً، أو منطقتان في شرق أوكرانيا، تتلقيان في النهاية، الأوامر من كييف أو موسكو. وقد طرح إيلون ماسك، في تغريدة حركت انتقادات شديدة في وقت سابق من هذا الأسبوع، الفكرة الأصح: “السلام بين أوكرانيا وروسيا”، والذي يمكن تحقيقه بإشراف الأمم المتحدة، ومن خلال “إعادة الانتخابات في المناطق المضمومة”، ومغادرة روسيا في حال اتضح أن هذه هي رغبة الشعب.

ولا شك في أن طرح ماسك موضوع جدال، خصوصاً وأن الأمم المتحدة، غير قادرة على سبيل المثال، على أن تكون حكماً أو مشرفاً موثوقاً به أو طرفاً محايداً. لكن هذه الفكرة بالتأكيد هي التي يجب أن يتمسك بها الغرب وتحديداً الولايات المتحدة والعمل لأجلها. وبالتالي، إذا أرادت واشنطن استخدام الحس السليم، فعليها استثمار أي نفوذ ممكن لجمع زيلينسكي وبوتين على طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن، وهذا يعني إزالة خطر وقوع كارثة نووية بصورة لا لبس فيها وإنقاذ الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من الاحتمال المروّع للمواجهة العسكرية المفتوحة والمباشرة مع أكبر ترسانة نووية في العالم. وهذا ينطوي بالتأكيد على التنصل من إمكان حسم عضوية أوكرانيا في الناتو”.

شارك المقال