إيران: لا يمكن إصلاح ما كسر بسهولة

حسناء بو حرفوش

لن تعود المياه إلى مجاريها سريعا في إيران والمتظاهرون لن يغادروا الشارع بسهولة خصوصا أنهم يسعون لإحداث تغيير جذري، وهذا يتطلب المزيد والمزيد من المتظاهرين، وفقا لمقال على موقع “إندبندنت” الإلكتروني.

وحسب المقال، “انقلب السحر على الساحر في الشارع وما عاد المتظاهرون الغاضبون يخشون قوى الأمن بل على العكس تماما، يبدو أن الباسيج يخافون الناس. وهذا يعني أنه بغض النظر عما ستؤول إليه الإحتجاجات، لن تعود الأمور إلى ما كانت عليه في السابق بهذه السهولة. ومرت ثلاثة أسابيع منذ اندلاع الإحتجاجات الدامية التي أشعلتها وفاة مهسا أميني، ولقي العشرات مصرعهم، بينما علت الأصوات الداعمة للنظام متهمة القوى الأجنبية بإثارة الاضطرابات بغية تشويه سمعة البلاد. وفي الوقت الحالي، يعتقد النظام أنه سيطر على الاحتجاجات ولذلك لم يلجأ لاستخدام أدواته الأمنية الأكثر قسوة بعد.

وجمعت “إندبندنت” شهادات أشخاص شاركوا في الاحتجاجات، واعتبروا أن البلاد تتجه إلى المجهول. لكن من الواضح أن الاحتجاجات أزعجت النظام، ووعد كبار المسؤولين بالنظر في إصلاح القوانين المتعلقة بالحجاب وتعهدوا فتح تحقيق بشأن وفاة أميني. وفي غضون ذلك، اعتقلت السلطات آلاف المتظاهرين ونشطاء من المجتمع المدني والصحافيين والمخرجين والفنانين والسياسيين، ومن ضمنهم ابنة الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني. يبدو أن إيران تغيرت بين عشية وضحاها، فالنساء يخلعن يومًا بعد يوم، الحجاب في موجة عصيان مدني استهدفت قانون فرض الحجاب، وفقدت السلطات السيطرة أو حتى استيعاب التطور الاجتماعي الكامل الذي حدث.

ويقول أحد الشهود: “ما الذي ستفعله السلطات الآن بعد أن خلعت النساء الحجاب وسط هتافات الجماهير؟ هذه مشكلة تؤثر في النساء في جميع الأعمار. وتؤثر في الأمهات والآباء والإخوة والأخوات. وهي قضية تتجاوز السياسة والسياسات الرسمية للدولة”.

وتشكل كل حالة وفاة شرارة جديدة من الغضب، مما يؤدي للمزيد من الاحتجاجات والوفيات. هذه الدورة مألوفة لنظام الملالي، وهي تتبع الديناميكية عينها التي أدت للإطاحة بالشاه في الأشهر التي سبقت العام 1979 ووضعت الملالي في السلطة. وعلى الرغم من أن الشباب يقودون الاحتجاجات وغالبًا ما يكونون في الصفوف الأمامية، يشارك إيرانيون من مختلف الفئات العمرية فيها. وقد يتراجع بعضهم عن المعركة لكنهم يستمرون بمراقبة مسؤولي الأمن ثم ينضمون خلال الاحتجاجات، ويأتي البعض بسياراتهم ودراجاتهم النارية لعرقلة حركة المرور. ويصرخ آخرون من فوق سطوح منازلهم في الليل مرددين “الموت للديكتاتور، المرأة، الحياة، الحرية”.

وقالت إحدى الناشطات في مجال حقوق المرأة طلبت التحفظ عن نشر اسمها، “الجميع يشاركون في الاحتجاجات. لقد قلبت الاعتقالات الجماعية الحياة رأساً على عقب. وفي الوقت الحالي، هناك مجموعة كبيرة من الناس في الشوارع. وهؤلاء المراهقين هم من عائلات شاركت أيضا في الثورة وفي عدّة مظاهرات من قبل”.

ولا تزال أعداد المتظاهرين منخفضة نسبيًا مقارنة بمئات الآلاف الذين شاركوا في احتجاجات العام 2009، ويقرّ الإيرانيون بأنه من أجل إسقاط النظام، سيحتاجون لجذب مجموعات مختلفة من الناس، بمن في ذلك كبار السن، والمحافظين والمتدينين الإيرانيين. وعلى الرغم من التقارير حول الإضرابات المتفرقة التي قام بها أصحاب المتاجر في مدن مختلفة، قليلة هي الدلائل على أن قطاعات الاقتصاد الرئيسية تستجيب لدعوات الإغلاق. ويعود ذلك لخوف الكثير من الإيرانيين من الخسارة، ومما يطلقون عليه تسمية “الفضاء القمعي للغاية”. كما يمكن ربط التردد بعمل ملايين الإيرانيين في القطاع العام وفي الكثير من الشركات الخاصة المرتبطة بدورها بالحكومة”.

شارك المقال