التعديلات لفظية… والترسيم سياسي

هيام طوق
هيام طوق

ملف الترسيم البحري الحدودي بين لبنان واسرائيل الذي تعرض لانتكاسة الأسبوع الماضي بسبب التصعيد الاسرائيلي على خلفية الملاحظات اللبنانية على مسودة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، عاد الى دائرة الايجابية والتفاؤل الحذر بعد المشاورات الكثيفة والنقاشات الطويلة المتبادلة بين الجهات اللبنانية المعنية وهوكشتاين الذي نجح في تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وإدخال تعديلات لفظية على المسودة الأخيرة.

وفيما أجمعت مختلف الآراء في لبنان على أن التصعيد الاسرائيلي ليس سوى أداة من أدوات الحملة الانتخابية، بحيث أن رئيس الوزراء الاسرائيلي يائير لابيد يتعرض الى أعنف مواجهة مع رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو الذي يتهمه بالاستسلام لـ “حزب الله” في مسألة الترسيم، ما دفعه الى استخدام أساليب عدة لقطع الطريق على مزايدات نتنياهو منها التصعيد الكلامي وبدء الضخ التجريبي من حقل “كاريش”، مع العلم أن هوكشتاين كان قد أبلغ المسؤولين في لبنان سابقاً أن لابيد تحت الضغط، ومن المستحسن الابتعاد عن التصريحات التي تعقّد الأمور، وهذا ما كرره على مسامعهم مؤخراً اذ لاحظ المراقبون التزام الجهات المعنية بالصمت وعدم التصريح أو التعليق على ما يجري أو أقله عدم ضخ المواقف الاستفزازية والتصعيدية.

وإذا كانت نهاية الأسبوع قد شهدت حركة نقاش مكوكية حول التعديلات اللفظية، فقد استمرت بالامس الاتصالات بين نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وهوكشتاين حول الصيغة النهائية لاتفاق الترسيم التي من المتوقع أن تبقى سرية الى حين يوقع عليها الطرفان.

في هذا الوقت، أمل رئيس الجمهورية ميشال عون “انجاز كل الترتيبات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية خلال الأيام القليلة المقبلة بعدما قطعت المفاوضات غير المباشرة التي يتولاها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين شوطاً متقدماً، وتقلصت الفجوات التي تم التفاوض في شأنها خلال الأسبوع الماضي”.

وهنا لا بد من الأسئلة: هل التعديلات اللفظية تؤثر الى هذا الحد على مسار الاتفاق الذي قطع الجزء الأكبر والأهم من التفاوض؟ وهل تؤدي الى مزيد من التنازل عن الحقوق اللبنانية؟ وما هي الملاحظات اللبنانية التي استفزت الجانب الاسرائيلي؟ وهل سيؤجل التوقيع الى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية أو أن الضغط الأميركي على اسرائيل سينجح في إتمامه قريباً؟

في هذا الاطار، اعتبر العميد جورج نادر أن “الملاحظات الاسرائيلية لم تكن تقنية انما سياسية، وتدخل في اطار المزايدة الانتخابية. نحن قدمنا لاسرائيل ما تريد وتتمنى، ولن تحصل على أفضل من اتفاق كهذا. أعطينا اسرائيل كل ما تريد من دون ضربة كف”، مشيراً الى أن “التأخير في الترسيم ليس تقنياً انما سياسي بحيث أن الأميركيين لا يريدون تحقيق أي انجاز للرئيس ميشال عون في عهده”.

وقال: “الجانب التقني هو الذي حدده الجيش اللبناني والمعهد البريطاني لعلوم البحار واتفاقية الهدنة الذين حددوا الخط 29 لحدود لبنان. ثم من يقول ان هناك شيئاً اسمه حقل قانا؟ كفى تمثيلاً على الشعب، وان كانوا يريدون الصفقة، فلتكن ولكن كفى كذباً وايهام الشعب اللبناني بأنهم حققوا انتصاراً له من خلال الترسيم. انها صفقة ايرانية – أميركية”. وتوقع أن “يمر أنبوب النفط الاسرائيلي في البلوك رقم 8 و9 نحو أوروبا”، لافتا الى أن “الترسيم سيحصل بعد الانتخابات الاسرائيلية، وبعد نهاية العهد الحالي”.

أما خبيرة النفط والغاز لوري هايتايان، فأوضحت أن “الاختلاف كان حول حقل قانا والترتيبات المالية حوله، وعلى خط الطفافات الذي حددته اسرائيل، لكن ليست لدينا أي معلومات اضافية عن التعديلات اللفظية التي على ما يبدو لم تكن معقدة لأنها حلحلت خلال يومين. علينا انتظار رد فعل الجانب اللبناني على هذه التعديلات”.

وأشارت الى أن “التصعيد الكلامي في اسرائيل، صراع بين القوى الاسرائيلية، ونتنياهو يلعب بورقة الترسيم، وهذا ما دفع لابيد الى تسريب المعلومات، وطمأنة الاسرائيليين الى أنهم أخذوا كل حقوقهم”.

ورجحت توقيع الاتفاق قبل نهاية العهد وقبل الانتخابات الاسرائيلية “لأنه بعد الولاية الحالية في لبنان هناك شغور رئاسي، وبالتالي الاسرائيلي يخاف من الفوضى بسبب الشغور لأن حزب الله يكون مرتاحا ًأكثر في اتخاذ أي خطوة تصعيدية. وفي اسرائيل، في حال فاز نتنياهو، نكون عدنا الى الوراء في التفاوض. كل الأطراف لديها مصلحة في أن يجري التوقيع على الاتفاق سريعاً، كما أن الادارة الأميركية تريد تحقيق انجاز بعد تراجع شعبية الرئيس الأميركي”.

ورأت أن “خط الطفافات هو الأهم بالنسبة الى اسرائيل لأن المنطقة أمنية. واذا حصل لبنان على ضمانات فان ليست لهذا الخط علاقة بالمفاوضات البرية، ولا يعني أننا نخسر رأس الناقورة ونقطة الـ b1 ويمكن القبول بتخريجة ما لهذا الخط”.

شارك المقال