الماء والهواء والتراب في مرمى الحرب الأوكرانية

حسناء بو حرفوش

لا يقتصر تأثير الحرب الأوكرانية في الخسائر البشرية بل يتعداها ليشمل تهديد البيئة، وفقا لمقال رأي موقع من قبل الكاتبة والصحافية الأوكرانية بولينا باشكينا. ويحذر المقال من أن الحرب المستعرة مقلقة للغاية خصوصا مع ازدياد التلويح باستخدام الأسلحة النووية، وهي لا توفر لا الأرض ولا البحر ولا الهواء.

ووفقا لباشكينا، “تعكس التطورات الأخيرة على الأرض تحولات مقلقة في تكتيكات الزعيم الروسي. فهناك مؤخرًا الضم غير القانوني للأراضي الأوكرانية والمخاوف العالمية من ضلوع روسيا بالأضرار التي لحقت بخط أنابيب الغاز نورد ستريم، عدا عن القلق الأكبر الذي تولده خطابات بوتين حول استخدام الأسلحة النووية. وحيث أن الزعيم الروسي يعمد لإخفاء خسائره في ساحة المعركة من خلال خطط أخرى، حذر الرئيس الأميركي جو بايدن من جدية بوتين في موضوع استخدام الأسلحة النووية التكتيكية.

الدمار النووي

لا شك أن استخدام ورقة النووي تثير الذعر في أوروبا وهو ما يراهن عليه بوتين. ومن لا يخشى اللجوء للنووي خصوصا في العالم المتحضر وفي ظل التهديد الذي يشكله للطبيعة والبيئة. وتتعدى حرب بوتين البشر لتتسبب بمعاناة العالم الطبيعي أيضًا، خصوصا في ظل التحديات الرئيسية التي نواجهها الآن مع تغير المناخ. وقد أدى العدوان الروسي إلى عواقب وخيمة على البيئة الطبيعية في المنطقة الأوروبية، وهو يهدد صحة وسلامة سكان القارة الأوروبية بأكملها. وعلى سبيل المثال، في حال كان بوتين مسؤولاً عن الأضرار التي لحقت بأنابيب نورد ستريم، فهذا يركز الانتباه على تسريبات غاز الميثان غير المسبوقة.

ويتسبب الضرر الذي يلحق بالبيئة أثناء النزاع المسلح بتدهور النظم البيئية والموارد الطبيعية لفترة طويلة، حتى بعد توقف الأعمال العدائية. كما يمتد تأثيره لأكثر من دولة ولا ينحصر في العصر الحالي. ويجد الأوروبيون جميعا أنفسهم بمواجهة التلوث وزرع الألغام في مياه البحر وارتفاع مستويات الإشعاع بسبب الاحتلال الروسي. كما يواجه الروس اتهامات بسرقة 133 مصدرًا للنظائر المشعة من مختبرات تشيرنوبيل.

وداخل محطة تشيرنوبيل، لا يزال العمل مستمرا للتخلص من تأثيرات احتلال القوات الروسية التي سيطرت عليها خلال 35 يومًا. والتقطت الأقمار الصناعية لوكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، صور حرائق في مجمعات طبيعية وقرى مهجورة على مساحة 13989 هكتارا، ويعيد ذلك إلى الأذهان الجزيئات الملوثة بالإشعاعات في منطقة الحظر. كما أن السلامة النووية والإشعاعية مهددة أيضا في محطة زابوريجيا للطاقة النووية والتي رزحت لفترة طويلة تحت الاحتلال وسيطرة الجيش الروسي عليها، حيث لا يستطيع موظفو المحطة أداء واجباتهم كما يجب كما يعانون من الثقل في العمل.

الحرب في الماء

وفي البحار، الوضع ليس أكثر أمانا مما هو على الأرض. ووفقًا للبيانات الرسمية، ارتفع مستوى التلوث في بحر آزوف لدرجة أنه لم يعد صالحًا لصيد الأسماك. ويهدد القصف الروسي لمصنع آزوفستال للمعادن، بالانقراض الكامل لبحر آزوف نظرًا للأضرار المحتملة التي قد تلحق بالمنشأة الفنية التي تحتوي على كميات مركّزة من كبريتيد الهيدروجين، الكفيل في حال تسربه، بقتل النباتات والحيوانات.

علاوة على ذلك، قد تتسرب هذه المواد الخطرة إلى البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط. وحيث أن القوات الروسية تستهدف البنية التحتية على طول سواحل البحار والسفن، يبرز التهديد بتلوث المياه ونشر السموم في البحر. وبالفعل، تعرضت سفينتان محملتان بالوقود والمواد الكيميائية للقصف والغرق بالقرب من أوديسا. ويهدد العمل العسكري بشكل مباشر الحيوانات البحرية، حيث قد تسبب الانفجارات موجات صدمية تنتقل لمسافات طويلة تحت الماء، مما يؤدي لصعق الأسماك وقتل الكائنات الأخرى، على غرار ما حدث في نهر إيربن بالقرب من كييف، حيث تهدد الأعداد الكبيرة للأسماك الميتة بكارثة بيئية. وتهدد الانفجارات الثدييات البحرية، بما في ذلك الكائنات المحمية بموجب عدة اتفاقيات دولية (مثل دلافين البحر الأسود).

وتهدد انفجارات الذخيرة وحرائق المعدات العسكرية والوقود والذخيرة بشكل كبير الغلاف الجوي والتربة، وهذا ما يضاعفه سقوط الطائرات والمروحيات في الخزانات وفي البحر وتدمير السفن المحملة بالوقود والذخائر.

أضف إلى ذلك أن الحرائق واسعة النطاق في البنية التحتية والمنشآت الصناعية تؤدي إلى تسمم الهواء بفعل المواد الخطرة بشكل خاص. والأخطر من ذلك أن الرياح تحمل الملوثات لمسافات أبعد. وتسعى الحكومة الأوكرانية لتوثيق جرائم الجيش الروسي ضد البيئة وتصر على عرضها أمام العدالة.

وتجدر الإشارة إلى أن البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف، ينص على أن الدول المتحاربة مجبرة بحماية البيئة من “الأضرار الجسيمة واسعة النطاق وطويلة الأمد”. وهذا يعني أن روسيا في ضوء ما ورد، تنتهك اتفاقية جنيف في كيفية تدميرها للبيئة”.

شارك المقال